ما هو الجناس؟
الجناس هو من المحسنات اللفظية، وهو أن يُؤتى بلفظين متفقين في النطق، ولكن مختلفين في المعنى، ويأتي على قسمين؛ الجناس التام، وغير التام:[١]
- الجناس التام: وهو التماثل والتطابق بين لفظين في النطق تماماً، مع اختلاف الدلالة أو المعنى، وهو قليل الاستخدام عند الشعراء، نحو (يزيد؛ اسم عَلَم، ويزيد؛ فعل مضارع).
- الجناس غير التام: وهو اختلاف اللفظين في حرف واحد أو حرفين، وهو كثير الاستخدام عند الشعراء، نحو (تريد - تزيد)، و(الريح - ريحان).
ما هو الجناس التام؟
الجناس التام هو ما اتفق فيه اللفظان في أمور أربعة، هي: نوع الحرف، شكله (أي حركاته وسكناته)، عدده، ترتيبه.[٢]انظر إلى الأمثلة الآتية، حتى تتوضح لديك الصورة.
أمثلة على الجناس التام في الشعر
في الآتي أمثلة شعرية على الجناس التام:
- يقول زهير بن أبي سلمى:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه وإنْ يرقَ أسباب السماء بسلمِ
ورد الجناس التام في كلمتي (أسباب)، فالكلمتان متفقتان في نوع الحروف وشكلها، وعددها، وترتيبها، ولكنهما مختلفتان في المعنى، فـ (أسباب) الأولى أتت بمعنى السبب أي (أسباب الموت)، أما (أسباب) الثانية فأتت بمعنى الصعود؛ أي الصعود إلى السماء هرباً من الموت.[٣]
- يقول أبو جعفر بن الأبار:
لا ترضَ للحْظ غضّه والمحْ من النور غضّه
ورد الجناس التام في لفظتي (غضّه)، فكما نلحظ أنّ الكلمتين متفقتان في نوع الحروف، وأشكالها، وعددها، وترتيبها، إلا أنهما مختلفتان في المعنى، فـ (غضّه) الأولى الواردة في الشطر الأول أتت بمعنى الكف والخفض، بينما (غضه) الثانية الواردة في الشطر الثاني، فأتت بمعنى الطري والنضر.[٤]
- يقول أبو نواس:
عباسُ عباسٌ إذا احتدم الوغى والفضل فضلٌ والربيع ربيعٌ
في البيت الشعري يمدح الشاعر (عبّاسَ بن فضل الأنصاري) والي قضاء الموصل، ويمدح الوزير (الفضل بن الربيع)، ويمدح الوزير (الربيع بن يونس)، فيقول: (عباسُ (اسم علم) عباسٌ (صفة))، و(الفضلُ (اسم علم)، فضلٌ (صفة))، و(الربيع (اسم علم)، ربيعٌ (صفة)).[٥]
يسمى الجناس التام "مماثلاً"؛ إن كان اللفظان المتجانسان أو المتماثلان من نوع واحد؛ أي اسمين أو فعلين أو حرفين.
- يقول أبو تمام:
ما مات من كرم الزمان فإنه يحيا لدى يحيى بن عبد الله
ورد الجناس في كلمتي (يحيا - يحيى)، فهما متفقتان في النطق، ولكن دلالتهما مختلفتان، فـ (يحيا) هي فعل مضارع بمعنى يعيش، بينما (يحيى) الثانية هي اسم عَلم (اسم شخص).[٥]
- يقول الشاعر:
يزيد عطاؤه ما جئتَ ترجو نداه بكل آونة يزيد
نلحظ هنا أن لفظتي (يزيد) متشابهتان ومتطابقتان، إلا أنهما مختلفتان في المعنى، فـ (يزيد) في صدر البيت أتت اسم علم، بينما (يزيد) في عجز البيت هي فعل مضارع.[٥]
يسمى الجناس التام "مستوفياً"؛ إن كان اللفظان من نوعين مختلفين؛ أي بين اسم وفعل، نحو: (ارعَ الجارَ ولو جار).
- يقول أبو الفتح الأندلسي:
إذا ملك لم يكن ذا هبة فدعه فدولته ذاهبة
وقع الجناس بين (ذا هبة)؛ أي صاحب الهبة، وبين (ذاهبة)؛ وهي اسم فاعل من ذهب.[٥]
يسمى الجناس التام "متشابهاً"؛ إنْ كان أحد اللفظين المتشابهين مركباً من كلمتين فأكثر مع اتفاقهما في الخط، نحو: (عضنا الدهر بنابه ... ليت ما حلّ بنا به).
بلاغة الجناس
أحسن أنواع الجناس ما طلبه المعنى، وجاء متلائماً ومنسجماً مع السياق لا مفروضاً عليه أو مُتكلفاً فيه، فالجناس يتطلب أذناً موسيقية مرهفة الحس وقدرة فنية، لكونه بحاجة إلى ثروة لفظية كبيرة وقدرة بيانية وملكة شاعرة، وصعوبته تكمن في التشابه فيما بين حروف لفظين مع وجود اختلاف في المعنى والدلالة، ولذلك كان الجناس وروده في الشعر قليلاً.[٦]
المراجع
- ↑ عبد الرحمن حبنكة، البلاغة العربية، صفحة 485. بتصرّف.
- ↑ محمد بن حمدان المالكي، ديوان عبد الواحد الزهراني، صفحة 20. بتصرّف.
- ↑ عبد الله خضر حمد، قراءات أسلوبية في الشعر الجاهلي، صفحة 211. بتصرّف.
- ↑ آزاد محمد كريم الباجلاني، القيم الجمالية في الشعر الأندلسي عصري الخلافة و الطوائف، صفحة 356. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث عبد الرحمن حبنكة، البلاغة العربية، صفحة 488.
- ↑ أحمد علي الفلاحي، الصورة في الشعر العربي، صفحة 173.