من أقسام علوم اللغة العربية علم البلاغة الذي ينقسم إلى علم البيان والمعاني والبديع، وعلم البديع مشتق من الفعل بدع الشيء يُبدعهُ بدعًا، والبِدع هو الشيء الذي يكون أولًا، وأبدع الشيء أي اخترعه ولم يكن موجودًا من قبل، أما علم البديع فهو العلم الذي يدور حول محاسن الكلام ومزاياه، وتنقسم المحسنات التي تزين الكلام وتحسنه إلى نوعين محسنات لفظية، ومحسنات معنوية، والطباق فرع من المحسنات المعنوية، إلى جانب محسنات أخرى كالتورية والمقابلة وحسن التعليل وغيرها، ويُعرّف الطباق على أنّه الجمع بين الشيء وضدّه في الكلام، وللطباق أقسام متعددة وسيركز هذا المقال على توضيحها، مع طرح الأمثلة والتدريبات عليها.[١]


طــــــباق الإيــــــــجـــــاب

هو الجمع بين متضادين لم يختلفا سلبًا أو إيجابيًا؛ أي لم يختلفا بالنفي أو الإثبات، ومثال ذلك

  • قوله تعالى: "وتحسبهم أيقاظًا وهم رُقود[٢] فكلمة (أيقاظًا) ضد كلمة (رقود).
  • قوله تعالى: "أو مَن كان ميتًا فأحييناه[٣]فالطباق الذي حدث بين كلمتي (ميتًا، أحييناه)، طباق إيجاب


**طباق الإيجاب يعني أنّ الضدّين لم يختلفا سلبًا أو إيجابيًا، والمقصود أن الجملة التي تحتوي على طباق الإيجاب لا تجد فيها إثباتًا ونفيًا في ذات الوقت.[٤]


طــــــــباق السّـــــــلب

هو الجمع بين معنيين أحدهما مثبت والآخر منفيّ، أي ما اختلف فيه الضدان إيجاباً وسلباً، ومثال ذلك:

  • قول البحتري:

يُقيّض لي من حيثُ لا أعلم النوى *** ويسري إليّ الشوق من حيث أعلم.

ففي البيت السابق وردت كلمة (لا أعلم) وكلمة (أعلم)، الأولى منفية سلبًا (لا أعلم) والثانية مثبتة إيجابًا (أعلم)، فالطباق هنا يسمى طباق سلب.

  • في قوله تعالى: "ولكن أكثر الناس لا يعلمون* يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا[٥] فالطباق هنا في كلمة (لا يعلمون)، فعل مضارع منفي سلبًا بـ (لا)، وكلمة (يعلمون) وهي فعل مضارع مثبت إيجابًا، لذلك فإن هذا الطباق طباق سلب لاختلاف الضدين.[٤]


طــــــــــباق حــقــــــيـــقـــــي

عندما يكون طرفا الطباق لفظين متضادين في الحقيقة، وقد يكونان اسمين، أو فعلين، أو حرفين، وقد يكونان مختلفين، كاسم وفعل مثلًا، وفيما يلي بيان ذلك:[٦]

  • طباق حقيقي بين فعلين: قال تعالى:" وأنه هو أضحك وأبكى، وأنه هو أمات وأحيا"[٧]، فكلمة أضحك وأبكى فعلان متضادان في الحقيقة فالضحك عكس البكاء.
  • طباق حقيقي بين حرفين: كقوله تعالى:"ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف"[٨]، فلهنّ وعليهنّ لفظان متضادان في الحقيقة يحسبان على الحروف.
  • طباق حقيقي بين اسمين: كقوله تعالى" وتحسبهم أيقاظًا وهم رقود"[٩]، فأيقاظٌ ورقود لفظان متضادان في الحقيقة ويحسبان على الأسماء.
  • طباق بين مختلفين: ويُقصد به أن يأتي الطباق بين نوعين مختلفين من الكلمة، كقوله تعالى:" وأُحيي الموتى بإذن الله"[١٠]، فكلمة أحيي فعل وكلمة الموتى اسم، وهما لفظان متضادان.


طـــــباق مجــــــازي

وهو الطباق الذي يحتمل معنى المجاز وليس معنى الحقيقة، ومثال ذلك الآية الكريمة التي سبق الإشارة إليها:" أومن كان ميتًا فأحييناه"، فالمقصود بالطباق الحاصل بين لفظة (ميت) ولفظة (أحييناه) ليس الموت والحياة على سبيل الحقيقة، وإنما يُقصد بالموت الضلال، في حين يُقصد بـ (أحييناه) الهداية بعد الضلال، وقد تجد في الجملة الواحدة نوعين من الطباق كأن يكون فيها طباق إيجاب مثلًا وطباق مجازي كما جاء في الآية السابقة.[٦]


طــــباق معــنـــــوي

عندما يكون التضاد في جملة الطباق بين الاسم وضده في المعنى وليس في اللفظ، ويعتمد استخراج هذا الطباق على الفهم لا على المعنى الظاهري للجملة، ومثال ذلك قوله تعالى: "قالوا ما أنتم إلا بشرٌ مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون، قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون"،[١١] فمعنى قوله تعالى: "قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون"، أي أن الله يعلم صدقنا، ومن هنا جاء الطباق المعنوي بين التكذيب والتصديق مع عدم ورود كلمة الصدق أو ما يشير إليها بشكل واضح.[٦]


الطـــباق الخــفــي

وأفضل مثال يوضح معنى الطباق الخفي قوله تعالى: "محمدٌ رسول الله والذين معه، أشدّاء على الكفار رحماء بينهم"،[١٢] فالرحمة ليست ضد الشدة ولكن الرحمة لا تكون دون وجود لين واللين هو المقابل للشدة، بمعنى أن الطباق الخفي هو الطباق الذي تكون فيه المطابقة مخفية بسبب تعلق أحد الركنين بآخر كتعلق اللين بالرحمة، تعلق السببية فالرحمة مسبّبة عن اللين.[١٣]


إيــــــهام الطـــــباق

وهذا النوع من الطباق يحتوي على معنين غير متقابلين ولكن عُبّر عنهما بلفظين يتقابل معناهما الحقيقي، كالتقابل بين انتشار المشيب في الرأس والبكاء، كقول الشاعر دعبل الخراعي:


لا تعجبي يا سلم من رجلٍ ضحكَ المشيب برأسه فبكى

ففي الحقيقة لا يوجد تقابل بين انتشار المشيب الذي عبر عنه بالبكاء، لكن التقابل في لفظة ضحك ولفظة بكى، ومن هنا جاءت تسمية هذا النوع من الطباق بإيهام الطباق.[١٤]


التـــــــــدريـــــب الأول

حدّد نوع الطباق في الجمل الآتية كما في المثال:


الجــــــــــــــــملــــــة
الكلمات التي فيها طــــباق
نوع الطباق
قال تعالى:" فلا تخشوا الناس واخشون".[١٥]
لا تخشون/اخشون
طباق سلب
قال الشاعر:
ضَحكَ الصبح فأبكى مُقلتي حينَ ولّى نافرًا عن مضجعي
ضحك / أبكى
طباق إيجاب
قال تعالى:" فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون".[١٦]
الحق / بطُل
طبق بين مختلفين.
الحق: اسم.
بطُل: فعل
قال تعالى:" ولكم في القصاص حياةٌ يا أولى الألباب".[١٧]
القصاص / حياة
طباق إيجاب
قال الشاعر:
أُغالبُ فيك الشوق والشوق أَغلِبُ ***وأعجبُ من ذا الهجر والوصل أعجب
الهجر / الوصل
طباق إيجاب
قال تعالى:" هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم".[١٨]
الأول / الآخر
والظاهر/ الباطن
طباق إيجاب
قال الشاعر:
إذا نحنُ سِرنا بين شرقٍ ومغرب *** تحرّك يقظان التراب ونائمه
شرق / مغرب
طباق إيجاب


التدريب الثاني

استخدم كل كلمتين من الكلمات الآتية لتكوين جملة تحتوي على طباق:


الكلمتان
الجملة التي تحتوي على طباق
النور، الظلام
أن تسير في دروب النور الخافتة، خير من أن تمضي عمرك تلعن الظلام الدامس.
الليل، النهار

أهتم بـ، لا أهتم بــ

يساعدون، لا يساعدون

اللين، الشدة


المراجع

  1. جامعة المدينة العالمية، كتاب البلاغة البيان والبديع، صفحة 295. بتصرّف.
  2. سورة الكهف، آية:18
  3. سورة الأنعام، آية:122
  4. ^ أ ب علي الجارم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، صفحة 282-281. بتصرّف.
  5. سورة الروم، آية:7-6
  6. ^ أ ب ت محمد أحمد قاسم ومحي الدين ديب، علوم البلاغة البيان والبديع والمعاني، صفحة 67-66. بتصرّف.
  7. سورة النجم، آية:44-43
  8. سورة البقرة، آية:228
  9. سورة الكهف، آية:18
  10. سورة آل عمران، آية:49
  11. سورة يس، آية:16-15
  12. سورة الفتح، آية:29
  13. محمد أحمد قاسم ومحي الدين ديب، علوم البلاغة البديع والبيان والمعاني، صفحة 68. بتصرّف.
  14. محمد أحمد قاسم ومحي الدين ديب، علوم البلاغة البديع والبيان والمعاني، صفحة 69. بتصرّف.
  15. سورة المائدة، آية:44
  16. سورة الأعراف، آية:118
  17. سورة البقرة، آية:179
  18. سورة الحديد، آية:3