ما هو مراعاة النظير؟

يدخل مصطلح "مراعاة النظير" في باب المحسنات المعنوية من علم البديع، وهو الجمع في العبارة الواحدة بين المعاني التي بينها تناسبٌ وائتلاف ما، بغير وجود تضاد بينهما، ويكون هذا التناسُب بين معنيَيْن فأكثر.[١][٢]


ومن الأمثلة على التناسب والتلاؤم ما يلي:

  • الشمس والقمر.
  • الظلّ والشجر.
  • الزهر والثَّمَر.
  • الإبل والبقر.
  • القوس والْوَتَر.
  • الليل والسّمر.
  • النعجة والحمل.
  • الظّمأ والسَّراب.
  • العلم والكتاب.
  • الضرب والعذاب.




فالمقصود بمراعاة النظير جمع شيء إلى ما يناسبه من نوعه أو ما يلائمه من أي وجه من الوجوه.




صور مراعاة النظير

يأتي مراعاة النظير على صور عدة، هي:[٣][١]

  • الجمع بين أمرين متناسبين، نحو:
  • قوله تعالى: (وهو السميع البصير[٤] إذ يوجد تناسب ما بين السمع والبصر، كما يوجد تقارب وتآلف ما بين (السميع) و(البصير) لا يحصل لو كان اللفظ الثاني (الحكيم) مثلاً.
  • قوله تعالى: (الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ * والنجم والشجر يَسْجُدَانِ).[٥] في الآية الكريمة ورد تناسب وتلاؤم ما بين (الشمس والقمر) فهما سماويان ولا تضاد بينهما.


  • الجمع بين ثلاثة أمور متناسبة، نحو:
  • قول البحتري:

يَتَرقْرَقْنَ كَالسَّرَابِ وقَدْ خُضْـ ... ـنَ غِمَاراً مِنَ السَّرَاب الْجَارِي

كالْقِسِيّ الْمُعَطَّفَاتِ بَلِ الأَسْـ ... ـهُمِ مَبْرِيَّةً بَلِ الأَوْتَارِ


في البيت جمع الشاعر ما بين: القسي (جمع قوس)، وهي تناسب (الأسهم)، وتناسب (الأوتار)، حيث تجمعها أداة واحدة.


  • يقول أسيد بن عنقاء الفزاري:

كأن الثريا علقت في جبينه ... وفي خده الشعرى وفي وجهه القمر

في البيت الشعري (الثريا) هي مجموعة من الكواكب، و(الشعرى) هي كوكب، ووقع التناسب في جمع كلّ من: (الثريا، والشعرى، والقمر)، إذ إنّ جميعها كواكب.

كما وقع تناسب ما بين (الجبين، والخد، والوجه).


  • الجمع بين أكثر من ثلاثة أمور متناسبة، نحو:
  • قال ابن رشيق:

أَصَحُّ وَأَقْوَى مَا سَمِعْنَاهُ فِي النَّدَى ... مِنَ الْخَبَرِ الْمَأْثُورِ مُنْذُ قَدِيمِ

أَحَادِيثُ تَرْوِيهَا السُّيُولُ عَنِ الْحَيَا ... عَنِ الْبَحْرِ عَنْ جُودِ الأَمِيرِ تَمِيمِ


في البيتين الشعري ورد التلاؤم والتناسب في الآتي:

  • (الصحة، والقوة) ==> الجمع بين أمرين متناسبين.
  • وفي (السماع، والخبر المأثور) ==> الجمع بين أمرين متناسبين.
  • وفي (الأحاديث، والرواية) ==> الجمع بين أمرين متناسبين.
  • وفي (السيول، والحيا -وهو المطر-، والبحر، والجود)؛ والجود يلائم المطر والبحر في أقوال الشعراء عموماً ==> الجمع بين أربعة أمور متناسبة


ما هو تشابه الأطراف؟

تشابه الأطراف يدخل في باب مراعاة النظير، ويقصد به أن يُختم الكلام بما يُناسب أوله في المعنى.[٢][٦]


على نحو:

  • يقول تعالى: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٧] ==> إذ إنّ (اللطف: يناسب ما لا يدرك بالبصر)، و(الخبرة: تناسب من يدرك شيئاً -فمن يدرك شيئاً يكون خبيراً به-).


  • يقول تعالى: (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).[٨] ==> إذ إنّ (الغني الحميد) تتناسب مع بداية الآية (له ما في السماوات وما في الأرض)، فهو غني -سبحانه- عن ملكه لما في السماوات والأرض وجوادٌ به، فإذا جاد به حمده المنعم عليه.


  • يقول تعالى: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).[٩] ==> في قوله: (وإن تغفر لهم)، قد حصل إيهام بأن يكون ختام الآية (الغفور الرحيم) ولكن كان ختامها (العزيز الحكيم) -كما في الآية- وهو الختام الأفضل والأنسب، فهو (العزيز) الغالب القوي، وهو (الحكيم) الذي يضع الشيء في محله -سبحانه وتعالى-، وعلى هذا فإن المعنى: وإن تغفر لهم مع استحقاقهم العذاب فلا اعتراض في ذلك، والحكمة فيما فعلته.


ما هو إيهام التناسب؟

يلحق مراعاة النظير ما يسمى بـ (إيهام التناسب) وهو أن يكون اللّفظ مشتركاً بين معنيين: أَحدهما يُنَاسب ما جاء في الكلام من معانٍ إلا أنه غير مراد، والمعنى الآخر لا يناسب وهو المراد، على نحو قوله تعالى: (الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ * والنجم والشجر يَسْجُدَانِ).[١]


فلفظ (النجم) يأتي بمعنى الأجرام السماوية، وهذا المعنى يناسب كلمتي (الشمس والقمر)، لكن هذا المعنى للنجم غير مراد في النص، فكان استخدامه من إيهام التناسب، حيث أتت كلمة (النجم) للدلالة على النبات الذي لا ساق له، وهذا المعنى يناسب كلمة (الشجر) التي أتت بعدها، وعليه، فناسبت كلمة (النجم) بمعناها غير المراد ما سبقها؛ (الشمس والقمر)، وناسبت بمعناها المراد ما جاء بعدها وهو (الشجر).[١]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث عبد الرحمن الميداني، البلاغة العربية، صفحة 382. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عبد العزيز عتيق، علم البديع، صفحة 179. بتصرّف.
  3. أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة، صفحة 304. بتصرّف.
  4. سورة الشورى، آية:11
  5. سورة الرحمن، آية:5-6
  6. جامع الكتاب الإسلامية، من قضايا البلاغة والنقد عند عبد القادر الجرجاني، صفحة 187. بتصرّف.
  7. سورة الأنعام، آية:103
  8. سورة الحج، آية:64
  9. سورة الأنعام، آية:118