المنصوبات في اللغة العربية هي أسماء وأفعال ظهرت عليها علامة النصب لسبب نحوي، وثمة العديد من المنصوبات من الأسماء، كالمفاعيل، وظرفا الزمان والمكان، والحال، والتمييز، وغيرها الكثير، لكن في هذا المقال سنسلط الضوء على نوع واحد من هذه المنصوبات وهو الاستثناء، فما المقصود بالاستثناء؟ وما هي أحكامه؟


تعريف الاستثناء

الاستثناء هو إخراج ما بعد أداة الاستثناء من حكم ما قبلها، فعندما نقول مثلًا: (حَضَرَ الطلابُ إلّا زيدًا)، فإنَّ كلمة "زيدًا" أُخرِجَت بواسطة أداة الاستثناء "إلّا" من حكم ما قبلها، وهذا الحُكم هو "الحضور"، أي حضرَ جميعُ الطلابِ باستثناء "زيد" لمْ يحضرْ،[١] ومن خلال هذا التعريف نستنتج أنَّه ثمة أربعة أركان للاستثناء المُتكامل، وهي:[٢]

  • المُستثنى: هو الاسم الواقع بعد أداة الاستثناء، وهو المُخرَج من حكم ما قبله.
  • أداة الاستثناء: هي كلمة تُستعمَل في الجملة لإخراج ما بعدها من حُكمِ ما قبلها، وقد تكون حرفًا (إلا) أو اسمًا (غير، سوى) أو فعلًا (خلا، عدا، حاشا).
  • المُستثنى منه: هو الاسم العام المعرفة الواقع قبل أداة الاستثناء، والذي يُنسب إليه الحُكم في الجملة ومنه يكون إخراج المُستثنى.
  • الحُكم: هو المعنى الذي يُنسَب للمُستثنى منه سواءً بالإثبات أو النفي، بحيث يكون إخراج المُستثنى من المُستثنى منه إخراجًا من هذا الحكم.


أحكام الاستثناء

تختلف أحكام الاستثناء باختلاف الأداة المُستخدمة، وفيما يأتي تفصيل لكلٍّ منها:


أحكام الاستثناء بـ (إلّا)

إنَّ أحكام الاستثناء (بإلا) تعتمد على نوع الاستثناء، لذلك سنوضح المقصود بكل نوع، ومن ثم نذكر حكم الاستثناء فيه:[٣][٤]


نوع الاستثناء
تعريفه
حكم المستثنى بإلّا
مثال
التام المُثبت
التام: هو الذي يُذكر فيه المُستثنى منه.
المُثبت (الموجب): هو الذي لم يُسبقْ بنفي أو شبهه، كالنهي أو الاستفهام الإنكاري لما فيه من معنى النفي.
واجب النصب، أي يُعرب (مستثنى بإلّا منصوب).
حضَرَ الرجالُ إلّا زيدًا.
التام المنفي
المنفي (غير الموجب): هو الذي يُسبق بنفي أو شبهه، كالنهي أو الاستفهام الإنكاري لما فيه من معنى النفي.
(أي يُذكر فيه المُستثنى منه، ويُسبق بنفي أو شبهه).
يجوز فيه حالتان:
النصب، فيُعرب مُستثنى بإلّا منصوب.
أو أنْ يتبعَ المُستثنى منه في إعرابه على أنَّه "بدل".
ما قامَ أحدٌ إلا زيدًا.
أو
ما قامَ أحدٌ إلّا زيدٌ.
الناقص المنفي
(المُفرغ)
الناقص: هو الذي لا يُذكر فيه المُستثنى منه.
(أي يُحذف فيه المستثنى منه، ويكون مسبوقاً بنفي أو شبهه).
يُعرَب بحسب موقعه من الجملة.
ما قامَ إلّا زيدٌ.


*إضاءة*

ثمة نوعان من المُستثنى في الاستثناء التام سواء كان مُثبتًا أم منفيًا، وهما:[٥]

  • مُتّصل: هو ما كان فيه المُستثنى من جنس المُستثنى منه، مثل: (ما فازَ المُتسابقون إلّا محمدًا).
  • مُنقطع: هو ما كان فيه المُستثنى من غير جنس المُستثنى منه، مثل: (وَصَلَ المسافرونَ إلّا أمتعتَهم).

وتنطبق الأحكام التي ذكرناها مُسبقًا على الاستثناء التام بغضّ النّظر عن نوع المُستثنى.


نماذج إعرابيّة على الاستثناء بإلا


الجملة
الإعراب
حَضَرَ الضيوفُ إلّا محمدًا.
حضرَ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
الضيوفُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
إلّا: حرف استثناء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
محمدًا: مُستثنى منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
(استثناء تام موجب)
لا يخرجْ أحدٌ إلّا المعلمينَ/ المعلمونَ.
لا: حرف نهي وجزم.
يخرجْ: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره.
أحدٌ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر على آخره.
إلّا: حرف استثناء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
المعلمينَ: مستثنى منصوب وعلامة نصبه الياء لأنَّه جمع مذكر سالم.
المعلمونَ: بدل (من أحدٌ) مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنَّه جمع مذكر سالم.
(استثناء تام، منفي بشبيه النفي وهو النهي بلا الناهية)
ما قلْتُ إلّا الحقَ.
ما: حرف نفي لا محل له من الإعراب.
قلْتُ: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتّصاله بتاء الفاعل، والتاء: ضمير متّصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
إلّا: حرف استثناء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
الحقَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
(اسثناء ناقص منفي، مُفرغ)


أحكام الاستثناء بـ (غير وسوى)

المُستثنى بـ (غير وسوى) يكون مجرورًا دائمًا باعتباره مُضافًا إليه، أمَّا كلمتي غير وسوى أنفسهما فتأخذان حُكم المُستثنى (بإلّا)، كالتالي:[٦]


الحُكم
نموذج إعرابي
يجب نصبهما على أنَّهما مُستثنى إذا كان الاستثناء تامًا مُثبتًا.
حضرَ الطلابُ سوى زيدٍ.
حضرَ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
الطلابُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
سوى: مُستثنى منصوب وعلامة نصبه الفتحة المُقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر، وهو مُضاف.
زيدٍ: مُضاف إليه مجرور وعلامة جره تنوين الكسر الظاهر على آخره.
يجوز نصبهما على أنَّهما مُستثنى أو يجوز اتباع المُستثنى منه على أنَّهما بدلٌ إذا كان الاستثناء تامًا منفيًا.
ما فازَ السباحونَ غيرَ/ غيرُ واحدٍ.
ما: حرف نفي لا محل له من الإعراب.
فازَ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
السباحونَ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنَّه جمع مذكر سالم.
غيرَ: مُستثنى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.
غيرُ: بدل (من السباحونَ) مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.
واحدٍ: مُضاف إليه مجرور وعلامة جره تنوين الكسر الظاهر على آخره.
تُعربان على حسب موقعهما من الجملة (بحسب العوامل الداخلة عليها) إذا كان الاستثناء ناقصًا منفيًا (مُفرغًا).
ما حضرَ غيرُ محمدٍ.
ما: حرف نفي لا محل له من الإعراب.
حضرَ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
سوى: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المُقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر، وهو مُضاف.
محمدٍ: مُضاف إليه مجرور وعلامة جره تنوين الكسر الظاهر على آخره.
ما رأيْتُ غيرَ محمدٍ.
رأيْتُ: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتّصاله بتاء الفاعل، والتاء: ضمير متّصل مبني في محل رفع فاعل.
غيرَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.
محمدٍ: مُضاف إليه مجرور بتنوين الكسر الظاهر على آخره.
ما مررْتُ بغيرِ محمدٍ.
بغيرِ: الباء: حرف جر مبني لا محل له من الإعراب، غيرِ: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.


أحكام الاستثناء بـ (خلا) و(عدا) و(حاشا)

يصحّ استعمال هذه الأدوات كأفعال أو كحروف جر، وفيما يأتي توضيح لحكم المُستثنى في كل حالة:[٧]


استعمال الأداة
حُكم المُستثنى
نموذج إعرابي
في حال استعمالها كفعل
يُعرب مفعولًا به.
حضرَ القومُ عدا زيدًا.
حضرَ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
القومُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
عدا: فعل ماضٍ جامد مبني على الفتحة المُقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو.
زيدًا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
(الفعل الجامد، هو الذي لا يتصرف، فيلزم صورة واحدة، وهذه الأفعال تلزم صورة الماضي، فلا يأتي منها مضارع أو أمر).
في حال استعمالها كحرف جر
يُعرب اسمًا مجرورًا بحرف الجر.
نجحَ جميعُ الطلابِ حاشا أحمدَ.
نجحَ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
جميعُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.
الطلابِ: مُضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
حاشا: حرف جر مبني على السكون.
أحمدَ: اسم مجرور وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنَّه ممنوع من الصرف (لأنَّه اسم علم على وزن الفعل).


*إضاءة*

قد تسبق (ما) المصدرية كلاً من (عدا) و(خلا) -أمَّا "حاشا" لا تأتي قبلها ما-، وفي هذه الحالة لا يجوز إعرابهما كحرفي جر بل يجب إعرابهما كأفعال؛ لأنَّ (ما) المصدريّة لا تدخلُ إلّا على الأفعال، وعليه يُعرب المُستثنى في هذه الحالة مفعولًا به فقط، كما في المثال الإعرابي التالي:[٧]

كُرِّمَ الطلابُ ما خلا زيدًا:

كُرِّمَ: فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.

الطلابُ: نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

ما: حرف مصدري.

خلا: فعل ماضٍ جامد مبني على الفتحة المُقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر، والفاعل ضمير مستتر.

زيدًا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.


المراجع

  1. إبراهيم شمس الدين، مرجع الطلاب في الإعراب، صفحة 183. بتصرّف.
  2. محمد عيد، النحو المصفى، صفحة 483. بتصرّف.
  3. حمدي محمود عبد اللطيف، النحو المُيسر، صفحة 36 37. بتصرّف.
  4. خالد عبد الرحمن، النحو التطبيقي، صفحة 456. بتصرّف.
  5. إبراهيم شمس الدين، مرجع الطلاب في الإعراب، صفحة 183. بتصرّف.
  6. خالد عبد الرحمن، النحو التطبيقي، صفحة 462 463. بتصرّف.
  7. ^ أ ب خالد عبد الرحمن، النحو التطبيقي، صفحة 464. بتصرّف.