كان وأخواتها من الأفعال الناقصة الناسخة، أي لا تتم الفائدة بها وبمرفوعها (اسمها) بل تحتاج إلى خبر لإتمام المعنى، كما تدخل على الجملة الاسميّة فتُبقي المبتدأ مرفوعًا ويُسمى اسمها، وتنصُب خبر المبتدأ ويُسمى خبرها، وهي بالإضافة إلى "كان": أصبح، أضحى، أمسى، ظل، بات، ما برح، ما انفك، ما زال، ما فتئ، ما دام، صار، ليس، وهناك حروف تشبه الفعل الناسخ "ليس" فتؤدي معناه وهو النفي، وتعمل عمله وهو النسخ، وسنسلط الضوء في هذا المقال على هذه الحروف.
الحروف التي تعمل عمل ليس
ثمة أربعة حروف تعمل عمل "ليس"، أي إنها تتشابه بالمعنى (النفي) والعمل (النسخ) -كما ذكر سابقاً، وفيما يلي توضيح لكلٍّ منها:
(ما)
وهي حرف يفيد النفي، ويُشترط لإعماله أنْ تتوافرَ فيها خمسة شروط مجتمعة، وهي:[١]
الشرط | يصح إعمالها | لا يصح إعمالها |
ألا تقع بعد "إنْ" الزائدة. | ما عليٌّ غائبًا. | ما إنْ عليٌّ غائبٌ. |
ألا يقترن خبرها ب "إلا" لانّّها تنقض النفي المُستفاد منها وتجعل معنى الجملة مثبتًا. | ما الجو مشمسًا. | ما الجو إلا مشمسٌ. |
ألا يتقدم خبرها على اسمها، إلا في حال كان شبه جملة جاز إعمالها أو إهمالها عند تقدمه. | ما المعدنُ حجرًا. | ما حجرٌ المعدنُ. |
ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها، إلا إذا كان المعمول المُتقدم شبه جملة، يجوز الإعمال أو الإهمال. | ما زيدٌ كاتبًا روايةً. (أي أنَّ "روايةً" مفعول به للخبر "كاتبًا" ولم يتقدم على الاسم "زيدٌ" لذلك أُعملت "ما". | ما روايةً زيدٌ كاتبٌ. |
ألا تتكرر "ما"، لأنَ كلاهما للنفي، فتنفي الثانية معنى الأُولى، ونفي النفي إثبات، وهو عكس "ما" التي تعمل عمل ليس وتفيد النفي. | ما الحرُ ساكتًا عن الضيمِ. | ما ما الحرُ ساكتٌ عن الضيمِ. |
يجور إعمال "ما" أو إهمالها في ما يلي لأنَّ معمول الخبر المُتقدم هو شبه جملة، فإعمالها (ما في الشر أنتَ راغبًا)، وإهمالها (ما في الشر أنتَ راغبٌ)، حيثُ إنَّ شبه الجملة (في الشر) هي معمول الخبر (راغبًا).
ويجوز كذلك إعمالها أو أهمالها في ما يلي لأنَّ الخبر المُتقدم هو شبه جملة، فإعمالها ( ما للسرور دوامًا)، وإهمالها (ما للسرور دوامٌ).
(لا)
وهي حرف يفيد النفي، تُعمل إذا توفرت فيها الشروط التالية مجتمعة:[٢]
الشرط | يصح إعمالها | لا يصح إعمالها |
أنْ يكونَ اسمُها وخبرُها نكرتين. | لا رجلٌ أفضلَ منك. | لا المعلمُ حاضرٌ ولا الطلاب. (اسمها معرف ب أل). |
ألا يتقدم خبرها على اسمها. | لا خيرٌ ضائعًا. | لا ضائعٌ خيرٌ. |
ألا يقترن خبرها ب "إلا" لأنَّها تنقض النفي المُستفاد منها. | لا شارعٌ مزدحمًا. | لا خيرٌ إلا مثمرٌ. |
ألا يتقدم خبرها أو معموله على اسمها، إلا إذا كانا شبه جملة جاز الإعمال أو الإهمال. | لا مؤمنٌ ظالمًا أحدًا. | لا أحدًا مؤمنٌ ظالمٌ. |
الغالب في خبر "لا" أنْ يأتي محذوفًا، كأن تقول للمريض: (لا بأس) أي: لا بأسٌ عليك، أو تقول: (علي لطيف لا شكٌّ) أي: لا شكُّ في ذلك.
(إنْ)
حرف يفيد النفي أيضًا، بمعنى ليس، وإعماله وإهماله سيَّان، لكن الذين يعملونه يشترطون الشروط الخاصة بإعمال "ما" النافية إلا الشرط المُتعلق بعدم وقوع "إنْ" الزائدة بعدها، لأنَّها لا تقع بعده على الإطلاق، انظر للأمثلة التالية لزيادة التوضيح:[٣]
الجملة | إعمال / إهمال "إن" |
(إنْ الذهبُ رخيصًا) بمعنى ما الذهب رخيصاً، أو (إنْ الذهبُ رخيصٌ) | إعمال "إنْ" وإهمالها سيَّان، لكن في حال إعمالها تُعرب كإعراب "ليس"، وفي حال إهمالها تُعرب حرف نفي مهمل، وبعدها مبتدأ وخبر مرفوعان. |
إنْ أنتَ إلا رجلٌ كريمٌ. | تُهمل، لأنَّ خبرَها اقترن بإلا التي تنقض النفي. |
إنْ قائمٌ زيدٌ. | تُهمل، لأنَّ خبرها تقدم على اسمها، وهو ليس شبه جملة. |
إنْ زيدٌ قائمًا. | تُعمل، توفرت فيها جميع الشروط المذكورة بشروط إعمال "ما"، فلم يقترن بخبرها إلا، ولا تقدم خبرها على اسمها. |
(لاتَ)
هي لا النافية زيدت عليها تاء التأنيث المفتوحة،[٤] وتُعمل وفق الشروط الخاصة بعمل "ما"، باستثناء الشرط المُتعلق بعدم وقوع "إن" الزائدة بعدها، إذ لا تقع "إنْ الزائدة" بعد "لات" على الإطلاق، وبالإضافة إلى ثلاثة شروط مُتعلقة ب "لات" وحدها، وهي:[٥]
- أن يكون اسمُها وخبرُها كلمتين دالتين على الزمان، مثل كلمة: (حين)، و(ساعة)، و(أوان) و(وقت) وغيرها مما يدل على الزمن.
- أن يُحذفَ دائمًا إمّا اسمها أو خبرها، وبالأغلب يُحذَف الاسم.
- أن يكون المذكور من الاسم أو الخبر نكرة.
مثال: (تسرعْتُ في الإجابة، ولاتَ حينَ تسرُّعٍ) حُذِفَ الاسم "الحينُ أو الوقتُ"، أي: وليس الحينُ حينَ تسرعٍ، وبقي الخبر النكرة "حينَ"، والاسم والخبر يدلان على الزمان، وفي الآتي مثال إعرابيّ للتوضيح:
الجملة | الإعراب |
سهوت عن ميعادِكَ، ولاتَ حينَ سهوٍ. |
سهوتُ: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتّصاله بتاء الفاعل، والتاء: ضمير متّصل مبني في محل رفع فاعل.
عن: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب. ميعادِكَ: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، وهو مضاف، والكاف: ضمير متّصل مبني في محل جر مضاف إليه. لات: لا: النافية تعمل عمل ليس، والتاء للتأنيث اللفظي. اسم لات محذوف تقديره الحينُ أو الوقتُ. حينَ: خبر لاتَ منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مضاف. سهوٍ: مضاف إليه مجرور وعلاكة جره تنوين الكسر الظاهر على آخره. |
أمثلة إعرابيّة عن الحروف التي تعمل عمل ليس
كما ذكرنا سابقًا إنَّ الحروف المشبهة ب "ليس" تعمل عملها في رفع الاسم ونصب الخبر، وفيما يلي بعض الأمثلة الإعرابيّة:[٦][٧]
الجملة | الإعراب |
ما الحصونُ منيعةً. | ما: حرف نفي يعمل عمل ليس. الحصونُ: اسم ما مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. منيعةً: خبر ما منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره. |
لا رجلٌ حاضرًا. | لا: حرف نفي يعمل عمل ليس. رجلٌ: اسم لا مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر على آخره. حاضرًا: خبر لا منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره. |
إنْ سميرٌ سوى شاعرٍ. (أي: ما سمير سوى شاعر) | إنْ: حرف نفي يعمل عمل ليس. سميرٌ: اسم إنْ مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر على آخره. سوى: خبر إنْ منصوب وعلامة نصبة فتحة مُقدَّرة على الألف منع من ظهورها التعذر (أي استحالة نطق الفتحة على الألف) وهو مضاف. شاعرٍ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره تنوين الكسر الظاهر على آخره. |
*إضاءة*
إذا دخلت الباء الزائدة على خبر "ما" يُعرَب مجرور لفظًا منصوب محلًا لأنَّه خبر ما، على نحو جملة (ما المتقاعسُ بمشكور) فهنا تعرَب الجملة كالآتي:[٨]
- ما: نافية تعمل عمل ليس في رفع الاسم ونصب الخبر.
- المتقاعسُ: اسم ما مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره.
- الباء: حرف جر زائد، مشكورٍ: اسم مجرور لفظاً منصوب محلاً على أنّه خبر ما.
المراجع
- ↑ عباس حسن، النحو الوافي، صفحة 594 595 596. بتصرّف.
- ↑ السيد قاسم الحسيني الخراساني، محمود الملكي الإصفهاني، القواعد النحوية، صفحة 81. بتصرّف.
- ↑ عباس حسن، النحو الوافي، صفحة 604. بتصرّف.
- ↑
- ↑ عباس حسن، النحو الوافي، صفحة 605. بتصرّف.
- ↑ فؤاد نعمة، مثلخص قواعد اللغة العربية، صفحة 62. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم شمس الدين، مرجع الطلاب في الإعراب، صفحة 130 -132. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم شمس الدين، مرجع الطلاب في الإعراب، صفحة 130. بتصرّف.