من أقسام الإنشاء في اللغة العربية الإنشاء الطلبي والإنشاء غير الطلبي، فالإنشاء الطلبي هو الإنشاء الذي يستدعي مطلوبًا غير حاصل وقت الطلب مثل الأمر، فأنت عندما تقول لشخص (اكتب واجبَكَ) تطلب منه كتابة الواجب وهو أمر غير حاصل وقت طلبك، أمّا الإنشاء غير الطلبي فهو ما لا يستدعي مطلوبًا مثل القسم كقول أحدهم: (واللهِ لا أفضح سرًّا)، فبالقسم لم تستدعِ مطلوبًا، ومن أقسام الإنشاء غير الطلبي التعجب، وهذا المقال سيركز على تعريف التعجب، إلى جانب توضيح كيفية صياغته وشروطها، وتوضيح إعراب كل صيغة من صيغه مع طرح بعض الأمثلة والتدريبات العملية.[١]
تعريف أُسلوب التعجب
يختلف اللغويون والنّحاة في تعريف أسلوب التعجب ويتفقون في أمر واحد وفيما يلي بيان ذلك:[٢]
- تعريف أهل اللغة: يُعرّف اللغويون أسلوب التعجب على أنه انفعال معين يحدث في النفس عند الشعور بأمر مجهول سببه، وهذا الانفعال النفسي يُعرّف على أنّه تعجب حتى لو لم ترافقه ألفاظ أو كلمات تُعبّر عنه.
- تعريف النّحاة: يُعرّف النحويون التعجب على أنّه استعظام زائد في وصف المتعجب منه، والتعبير عن هذا الاستعظام بكلام يدّل على الاستغراب والدهشة، فنقطة الالتقاء بين النحويين واللغويين في تعريف التعجب هو وجود الأمر الغريب، لكن النحاة يشترطون تخصيص التعجب بنطق كلام يدل على الدهشة، من خلال أساليب سماعية أو قياسية.
صياغة أسلوب التعجب
والجدول الآتي يوضح ثلاث طرق لصياغة أسلوب التعجب، طريقتين قياسيتين وطريقة سماعية دون قياس:[٢]
نــــوع أســـلــــوب التعـــــجب | توضيح صــــــيغـــــــة التـــــعجـــــــب | مـــــــــــثـــــــال تـــــــــوضـــــــــيـــــــحـــــي |
تـــــــعجـــب قـــــياســــي | ويُقصد بها الصيغ التي تدل في اللفظ والمعنى على التعجب، وهي معدّة لذلك صرفيًا، وفي معناها التعجّب الواضح، وهكذا اُستعملت في اللغة، وصيغتا التعجب القياسي هما: ما أفعَلَهُ: وتتكون من ما+ فعل التعجب+ المتعجب منه. أَفعل بِه: وتتكون من فعل التعجب+ الباء الزائدة + المتعجب منه. | ما أفعله: ما أجملَها!/ ما أجملَ السماءَ!. أفعل به: أَكرِم بهِ! / أكرِم بمحمدٍ! |
تـــــــعجـــــب ســــماعــــي | ويُقصد بها أساليب موجودة في اللغة لغير التعجب على الأصل، ومعانيها لا تدل على التعجب وحدها، ولكن الاستعمال المجازي، وظروف نطق الكلمات دل على التعجب، ومن صيغ التعجب السماعي (لله درك، سبحان الله، ما شاء الله، وغيرها). | قول العرب لشخص: لله درّك!، والمقصود بلفظة درّه عمله، فنسبة العمل إلى لفظ الجلالة الله لا تدل على التعجب، لكنها دلّـت عليه في هذه الجملة على سبيل المجاز. |
شروط صياغة فعل التعجب
هناك مجموعة من الشروط التي ينبغي توافرها في فعل التعجب توضّحها النقاط الآتية:[٣]
- أن يكون فعلًا لأن فعل التعجب لا يُبنى من اسم، وأن يكون ثلاثيًا فلا يُصاغ فعل التعجب من فعل غير ثلاثي مثل: دحرجَ، وزلزلَ.
- أن يكون الفعل متصرفًا فلا يمكن صياغة فعل تعجب من أفعال غير متصرفة، مثل (بِئسَ، نِعم).
- أن يكون المعنى قابلًا للتفاضل، فلا يمكن صياغة فعل التعجب من أفعال غير قابلة للتفاضل كالموت، فلا تقول فلانٌ أَموت من فلان.
- أن يكون الفعل تامًا فلا يمكن صياغة فعل تعجب من فعل ناقص، مثل كان وأخواتها.
- أن يكون مثبتًا فلا يمكن صياغة فعل التعجب من فعل منفي، ومثال ذلك: ما انتفع خالدٌ بالدواء.
- ألا يكون الوصف على وزن أفعل فعلاء، ومن ذلك صيغ الألوان، أو الصفات الدالة على عيوب، مثل أسود، وأعور.
- ألا يكون الفعل مبنيًا للمجهول كقول أحدهم: ضُرِبَ محمدٌ، فلا يُصاغ من هذه الجملة: ما أضربَ محمد.
تدريب
علّل عدم صياغة فعل تعجب من الألفاظ الآتية:
الكلمــــة | كتابة السبب الذي يدعو لعدم صياغة فعل التعجب |
استخرجَ | |
دُرِسَ | |
هَلَكَ | |
نِعمَ | |
ما سادَ | |
ليسَ | |
أحمر | |
فَنِيَ | |
كُسرَ الزجاج |
إعراب أسلوب التعجب
لصيغتي التعجب القياسيتين إعراب توضّحه الأمثلة في الجدول الآتي:
الجــــــــــملــــــــة | الإعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــراب |
مَــــــا أَروعَ الــرّوايــــةََ! | مـــــا: تعجبيّة اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أروعَ: فعل ماضٍ جامد مبني على الفتح الظاهر على آخره لإنشاء التعجب، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وجوبًا يعود على ما. الرّوايـــــةَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. والجــــملـــة الـــفــــعلــــيـــة ( أروعَ الرّوايةَ) في محل رفع خبر المبتدأ (ما). |
مـــــــا أســــرعــــــكَ! | مَــــــا: تعجبية اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أَســـــرعَ: فعل ماض مبني على الفتح الظاهر على آخره لإنشاء التّعجّب، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وجوبًا يعود على ما. الكـــــاف: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. والجمـــلة الفعلية (أسرعكَ) في مـــحـــل رفع خــــبر المــبتـــدأ (ما). |
أَكـــرِم بإنســانٍ يُحــب الخير للنّاس! | أَكــــــرِم: فعل ماضٍ جاء على صيغة الأمر، لإنشاء التعجب مبني على السكون. البــــاء: حرف جر زائد مبني لا محل له من الإعراب. إنســـانٍ: اسم مجرور لفظًا مرفوع محلًا على أنّه فاعل. |
أكـــــــرِم بـــكَ! | أكـــــــــرِم: فعل ماضٍ جاء على صيغة الأمر، لإنشاء التّعجب مبني على السكون. بــ: حرف جر زائد لا محل له من الإعراب. الكــــاف: ضمير متصل مبني على الفتحة في محل رفع فاعل. |
إضـــــــــــاءة
التعجب السماعي يأتي على صيغ كثيرة لا تُضبط بضوابط، لذلك تُسمّى صيغ سماعية، لأنها سُمعت من العرب وتأتي على صيغ مُتعدّدة يوضّحها الجدول الآتي مع طرح بعض الأمثلة:
صيغـــة التـــعجــب الســــماعــــــي | المـــــــــــــــــــــــــــــثــــــــــــال |
للـــــــــــه درّ! | لله دُرّك، ما أجمل إلقاءك لـــلـــشعــرِ! |
سبحــــــــانَ الـــــلـــه! | عندما يُشاهدُ الإنسانُ منظرًا جميلًا من إبداع الله عزّ وجل يقول: سُبحانَ الله، تباركَ الله! |
الـــــلـــه الـــلـــه! | قال والدِي بعد أن استمعَ إلى قراءة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد: الله الله! |
يا لـــكَ، يا لَهــا، يا لَـــه! | قال الشاعر: فــــيَا لكَ من ليــلٍ كأنّ نجومه بكلّ مغارِ الفتـــل شُدّت بيَـــــذبُلِ ! |
يا للـــعَــــجَـــب! | كيف أصبحنا غرباء بعد أن كنّا أحبّة لا نتفارق، يا للعجبِ! |
يا إلـــهـــي! | يا إلهي! ما أروعَ مشهدَ غروب الشمس في وادي رم. |
تدريب
استخرج صيغ التعجب الواردة في الجمل الآتية ثمّ أعربها:
الـــــــــــــــــــــــــجـــــملــــــة | صـــــــــــــيغـــــــــــة التـــــــعجـــــــــب وإعـــــــرابــــــهــــــا |
قال تعالى:" قُتلَ الإنسان ما أكفره".[٤]
| |
قال تعالى:" أَسمِع بهم وأبصِر يوم يأتوننا، لكن الظالمون اليومَ في ضلالٍ مُبين".[٥]
| |
قال إيليا أبو ماضي: ما أَقبحَ الإنسانَ يقتلُ جاره ويقول هذي سنّة العمرانِ | |
قال الشاعر: ما أكثرَ الإخوان حين تعدّهم ولكنّهم في النائبات قليل | |
أَكــــــــرِم بعــــطـــائِـــكَ! | |
قال الشاعر: أكرِم بحبلٍ غدا للعُرب رابطة وعقدة وحّدت للعرب معتقدا | |
ما أبغضَ الخائنَ إلى قلبي! |
المراجع
- ↑ علي الجارم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، صفحة 170. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد عيد، النحو المصفى، صفحة 564-563. بتصرّف.
- ↑ قاسم الحسيني الخراساني ومحمود الملكي الأصفهاني، القواعد النحوية، صفحة 196-195. بتصرّف.
- ↑ سورة عبس، آية:17
- ↑ سورة مريم، آية:38