علم البيان هو أحد علوم البلاغة العربية، ويُعرّف لغة على أنه الكشف والظهور، أما اصطلاحًا فهو قواعد وأصول يُرجى منها معرفة المعنى الواحد بطرق متعددة وتراكيب مختلفة، وينقسم علم البيان إلى التشبيه، والمجاز، والاستعارة، والكناية، وفي هذا المقال بيان لنوع من أنواع التشبيه وهو التشبيه التمثيلي.[١]
تعريف التشبيه التمثيلي
يُعرّف التشبيه على أنه بيان أنّ شيئًا أو أشياء شاركت غيرها في صفة أو أكثر بأداة تشبيه، مثل الكاف أو غيرها ملفوظة كانت أو ملحوظة، وأركان التشبيه هي: المشبه، والمشبه به، وأداة التشبيه، ووجه الشبه، ويندرج تحت التشبيه أنواع عدّة، منها التشبيه التمثيلي وهو التشبيه الذي يأتي فيه وجه الشبه صورة منتزعة من متعدد، ولتوضيح ذلك انظر الجدول الآتي:[٢][٣]
شرح التشبيه التمثيلي مع الأمثلة
أمثلة على التشبيه التمثيلي من القرآن الكريم
المثال | المشبه | المشبه به | وجه الشبه |
قال تعالى: "اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرًا، ثم يكون حطامًا، وفي الآخرة عذاب شديد، ومغفرة من الله ورضوان، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور".[٤]
| حال الحياة الدنيا في مسراتها. | حال مطر أنبت زرعًا فنما وقوي وأعجب به الزراع، ثم أصابته آفة فيبس واصفرّ وتفتت. | صورة مركبة لشيء يعجب الناظرين في البداية ثم لا يلبث أن تزول نضارته ويسوء حاله. |
قال تعالى: "مثل الذين حُمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا".[٥]
| الذين حملوا التوراة ولم يعقلوا أو يعملوا ما بها. | الحمار الذي يحمل الكتب النافعة دون استفادته منها. | صورة مركبة للهيئة الحاصلة من التعب في حمل النافع دون فائدة. |
أمثلة على التشبيه التمثيلي من الشعر العربي
المــــــثال | المـــشـــــبه | المشـــبه بـــه | وجـــــه الـــــشـــــبـــه |
قال الشاعر يمدح فارسًا: وتراه في ظلم الوغى فتخاله *** قمرًا يكر على الرجال بكوكب | صورة الممدوح الفارس وبيده سيف لامع يشق به ظلام غبار الحرب. | صورة قمر يشق ظلمة الفضاء ويتصل به كوكب مضيء. | الصورة المركبة من ظهور شيء مضيء يلوح بشيء متلألئ وسط الظلام. |
قال ابن المعتز يصف السماء بعد تقشع سحابة: كأنّ سماءنا لما تجلّت*** خلال نجومها عند الصباح رياض بنفسج خضل نداه*** تفتـح بينه نور الأقــــــــاح | صورة السماء والنجوم منثورة فيها وقت الصباح. | صورة رياض من أزهار البنفسج تخللتها أزهار الأقاحي. | الصورة الحاصلة من شيء أزرق انتشرت في أثنائه صورة صغيرة بيضاء. |
قال شاعر في صديق عاق: إني وإياك كالصادي رأى نهلًا ***ودونه هوّة يخشى بها التـلفـا رأى بعينيه ماءً عزّ مورده *** وليس يملك دون الماء منصرفا | حال الشاعر مع صديقه العاق يدعوه الوفاء إلى الإبقاء على مودته، ويدعوه ما يراه فيه من العقوق إلى قطعه وهو بين الأمرين حائر، ولكنه يصغي أخيرًا إلى داعي الوفاء. | حال عطشان رأى ماء يحول بينه وبين الشرب منه هوة يخشى منها الهلاك على نفسه لو دنا منها، فوقف حائرًا ولكنه لا يستطيع الانصراف عن الماء. | صورة من يريد شيئًا فتحُوْل العقبات دونه فتدركه الحيرة ولكنه لا ييئس. |
قال الشاعر: كأن مثار النقع فوق رؤوسنا *** وأسيافنا ليلٌ تهاوى كواكبه | الغبار المثار في معمعة القتال يثيرها الجنود إلى جانب مشهد السيوف اللامعة بأيدي المقاتلين وهي تسقط على رقاب الأعداء. | ليل دامس الظلام تتهاوى فيه أجرام سماوية لامعة تخطف الأبصار. | سقوط الشيء اللامع في جوانب شيء مظلم يظهر الحركة فيها. |
قال الشاعر: أول بدء المشيب واحـــدة *** تشعل ما جاورت من الشعر مثل الحريق العظيم تبدؤه *** أول صول صغيرة الشرر | حال الشيب يبدأ بشعرة تؤثر فيما جاورها من الشعر الأسود فتصيبه جميعًا. | حال الحريق العظيم تبدؤه شرارة صغيرة. | صورة شيء يبدأ صغيرًا أو قليلًا أولًا ثم لا يلبث أن ينتج أمرًا عظيمًا وخطيرًا. |
إضاءة (1)
إذا نظرت في الأمثلة السابقة فستجد أن بعضها احتوى على أداة تشبيه مثل الكاف وكأن، وبعضها لم يحتوِ على الأداة، ولا بأس في ذلك، لأن المهم لتمييز التشبيه التمثيلي عن غيره هو وجود صورتين واحدة في المشبه وأخرى في المشبه به يُستنتج منهما وجه الشبه كما اتضح سابقًا.
إضاءة (2)
الهدف من التشبيه التمثيلي هو سلوك الطريق غير المباشر للتعبير عن المعنى المراد فبدلًا من قول الجمل بشكل واضح وصريح ينزاح مستخدم البيان إلى تجميل اللفظ بواحدة من أقسام علم البيان كالتشبيه والاستعارة والمجاز، كما أن وجود صورة في المشبه وصورة في المشبه به قد يجعل المعنى أثبت، والصورة أقرب إلى عقل المتلقي.
المراجع
- ↑ علي الجارم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة البيان والمعاني والبديع، صفحة 20. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز عتيق، علم البيان، صفحة 86-88. بتصرّف.
- ↑ أحمد الهاشمي ، جواهر البلاغة، صفحة 236. بتصرّف.
- ↑ سورة الحديد، آية:20
- ↑ سورة الجمعة ، آية:5