المجاز اللغوي

المجاز اللغوي: هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة تمنع إرادة المعنى الحقيقيّ، والعلاقة ما بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي قد تكون المشابهة أو غير المشابهة.[١]


ما معنى علاقة المشابهة وغير المشابهة؟


فحين نقول: (رأيت أسداً يحمل سيفه في المعركة) فإنك تقصد (بالأسد = محارباً شجاعاً) والعلاقة ما بين (الأسد) و(المحارب الشجاع) علاقة المشابهة؛ لأنهما يتشابهان ويجتمعان في القوة، أمّا القرينة التي دلت على المعنى المجازي قول (يحمل سيفاً) إذ إنّ الأسد الحقيقي لا يحمل السيف.[٢]


أما العلاقة غير المشابهة فلا يكون ما بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي تشابه، على سبيل المثال: (أرسل الجيش عيناً تحرس الحدود)؛ هنا (عين تعني = جندي)، بقرينة (أرسل)، والعلاقة ما بين (عين الإنسان (المعنى الحقيقيّ)) و(الجندي (المعنى المجازي)) علاقة غير مشابهة، فلا يجتمعان أو يتشابهان معاً.


أنواع المجاز اللغوي

ومن هنا سنشير إلى أنّ للمجاز اللغوي نوعين، هما:[٣]

  • استعارة: إذا كانت العلاقة المشابهة.
  • مجاز مرسل: إذا كانت العلاقة غير المشابهة.


أولاً: الاستعارة

وهي أن يحذف أحد طرفي التشبيه؛ (المشبه أو المشبه به)، وتعرف على أنها مجاز تكون العلاقة فيها ما بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي علاقة المشابهة، على نحو:[٤]

  • (قابلتُ قمراً في المنزل)، هنا استعارة، فاستعار عن ذكر وجه الحبيبة بالقمر، والعلاقة بينهما المشابهة، حيث يجتمع كل من (القمر ووجه الحبيبية) = في الجمال والضياء.
  • (رأيتُ زهرة تحملها أمها)، هنا استعارة، فاستعار عن ذكر الطفلة بذكر الزهرة، والعلاقة بينهما المشابهة، حيث يجتمع كل من (الطفلة والزهرة) = في الجمال والنضرة.


وللاستعارة أنواع عدة، لعلّ أشهر أنواعها ما يأتي:[٤]

  • الاستعارة التصريحية: وهي ما صرّح به بلفظ المشبه به، ولكن دون ذكر المشبه، على نحو:
  • قوله تعالى: (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)، في الآية الكريمة:
  • شُبه الكفر والإيمان (المشبه المحذوف).
  • بالظلمات والنور على الترتيب (المشبه به مذكور).
  • قول المتنبي يمدح سيف الدولة: فأقبل يمشي في البساط فما درى *** إلى البحر يمشي أم إلى البدر يرتقي:
  • هنا شبه سيف الدولة (المشبه المحذوف)
  • بالبحر في الجود والكرم والبدر في رفعة مقامه (المشبه به المذكور).


  • الاستعارة المكنية: هي ما حذف فيها المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه، على نحو:
  • قول الحجاج: إني أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها؛ هنا:
  • شبه رؤوس السامعين (ذكر المشبه).
  • بالثمار اليانعة (المشبه به المحذوف).
  • وكنى عنه بشيء من لوازمه بقول (أينعت، قطافها).
  • قول الشاعر: وإذا المنية أنشبت أظفارها *** ألفيت كل تميمة لا تنفع، هنا:
  • شبه الموت (ذكر المشبه).
  • بالحيوان المفترس (المشبه به المحذوف).
  • وكنى عنه بشيء من لوازمه (أنشبت أظفارها).


ثانياً: المجاز المرسل

يعرف المجاز المرسل بأنه المجاز الذي تكون العلاقة فيه غير المشابهة، وسمي مرسلاً لأنه لم يقيد بعلاقة المشابهة أو لأن له علاقات شتى، على نحو:

قول المتنبي: (له أيادٍ علىّ سابغة *** أعدّ منها ولا أعدّدها).


في البيت الشعري ذكر الشاعر (أيادٍ = جمع يد)، هنا الشاعر لم يقصد المعنى الحقيقي لليد: يد الإنسان، وإنما قصد بها النعم، والعلاقة ما بين يد الإنسان (المعنى الحقيقي) والنعم (المعنى المجازي) غير المشابهة؛ لأنهما لا يتشابهان أو يجتمعان على معنى واحد.[٣]


وللمجاز المرسل علاقات عدة، يذكر منها:[٥]

  • السببية: حين يذكر السبب ويراد المسبب، نحو: (رعت الماشية الغيث)؛ هنا ذُكر السبب (نزول الغيث) وأريد (النبات)؛ فنزول الغيث سبب نمو النبات.


  • المسببية: حين يذكر المسبب (النتيجة) ويراد السبب، نحو قوله تعالى: (وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا)،[٦] هنا ذكرت النتيجة أو المسبب (الرزق) وأريد السبب وراء الرزق وهو (المطر).


  • الجزئية: حين يذكر الجزء ويراد الكل، نحو: (طلب عليّ يد هند للزواج)، هنا ذكر الجزء (اليد) وأريد كل الفتاة، لا يدها فقط.


  • الكلية: حين يذكر الكل ويراد الجزء، نحو (شربتُ ماء البحر)، هنا ذكر الكل (البحر) ولكن أريد أنه شرب جزءًا منه.


  • اعتبار ما كان: حين يذكر الأصل ويذكر ما كان عليه، ولكن يراد مآله في المستقبل، على نحو: (نحن نأكل القمح ونلبس الصوف)؛ هنا ذكر ما كان (القمح) وأريد ما سيكون (الخبز)؛ هنا ذكر (الصوف) وأريد ما سيكون (الملابس).


  • اعتبار ما سيكون: حين يذكر ما سيكون أو النظر إلى المستقبل، على نحو قوله تعالى: (إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا)؛ أي عصيراً يؤول أمره إلى خمر، فذكر ما سيكون (الخمر) وأراد ما كان (العصير).


  • المحلية: حين يذكر المحل ويراد الحال، نحو: (كيف وجدت بيتك)، هنا ذكر المحل (البيت) وأريد حال الشخص.


  • الحالية: حين يذكر الحال ويراد المحل، نحو قوله تعالى: (فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)؛[٧] هنا ذكر الحال (الرحمة) وأريد المحل (الجنة).


**تجدر الإشارة إلى أنّ علاقات المجاز المرسل تعتمد تسميتها على المذكور، فحين يذكر الجزء تكون العلاقة جزئية، وحين يذكر السبب تكون العلاقة سببية.


المراجع

  1. علي الحازم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، صفحة 71. بتصرّف.
  2. "الحقيقة والمجاز مع الأمثلة"، ألوكة. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عبد العزيز عتيق، علم البيان، صفحة 143. بتصرّف.
  4. ^ أ ب محمد أحمد قاسم، كتاب علوم البلاغة البديع والبيان والمعاني، صفحة 198. بتصرّف.
  5. أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، صفحة 2. بتصرّف.
  6. سورة غافر، آية:13
  7. سورة آل عمران، آية:107