الكناية قسم من أقسام المجاز وفرع من فروع علم البيان الذي يختصّ بإيراد المعنى الواحد بعدّة طرق توضّحه وتدل عليه، وللكناية اعتبارات وتقسيمات، منها ما يختصّ بالمُكنى عنه، ومنها ما يختص بالمكنى به، ومنها ما يتعلق بالوسائط والأدلة التي توصل المتلقي إلى المعنى المراد، وفي الآتي بيان وتوضيح للكناية عموماً والكناية عن صفة مع طرح الأمثلة التوضيحيّة.
تعريف الكناية
تُعرّف الكناية على أنّها الإتيان بكلام يتضمن معنيين، أحدهما حقيقي (مُكنّى به) والآخر مجازي (مكنّى عنه)، ويكون المعنى المجازي هو المراد من الكلام، مع جواز إرادة المعنى الحقيقي، على سبيل المثال، قولنا: "فلان على الحديد" هذا كلام يتضمّن معنًى حقيقياً وهو أنّ فلاناً قد يكون جالسًا على مقعد من حديد، كما يتضمّن معنًى مجازياً وهو أن فلاناً "فقير، قليل المال" وهذا المعنى المجازي هو المقصود والمطلوب من كلامنا "فلان على الحديد"، أمّا قولنا: "فلان يده طويلة" هذا كلام يتضمّن معنًى حقيقياً وهو أنّ الشخص المعنيّ قد يكون قياساً يده أطول من المعدل المتعارف عليه، ولكن المعنى المقصود (المجازي) هو أنه سارق.[١]
الكناية عن صفة
وهي أن يكون المكنى عنه (المعنى المجازي) صفة ملازمة للمكنى به (المعنى الحقيقي)، وغالبًا ما يكون من الصفات المعنويّة، نحو: الكرم، والبخل، والشجاعة، والخوف، وغيرها، أي يتم ذكر الموصوف مع صفة ما ولكنها ليست المقصودة، وإنما المقصود هو صفة أخرى تُفهم من سياق الجملة ولمعنى العام، وللتوصّل إلى الكناية يجب على المتلقي أن يكون على اطّلاع جيّد بثقافة اللغة، وما تشير إليه بعض التراكيب من معانٍ يفهمها أهل اللغة الواحدة، أو أهل البلد الواحد دون غيرهم.[١]
مثال توضيحي
قال الشاعر: وما يكُ فييّ من عيبٍ فإني * * * جبانُ الكلبِ مهزولُ الفصيلِ
ورد في هذا البيت كنايتان، هما:
لفظ الكناية | المكنى به | المكنى عنه |
جبان الكلب | عدم نباح الكلاب على الناس في بيت صاحبه لأنه اعتاد رؤيتهم لكثرة ما يزورون هذا البيت والسبب أن صاحبه مضياف | صفة الكرم |
مهزول الفصيل | هُزال صغار الإبل التي فُطمت بسبب ذبح أمّاتها لتكون طعامًا للضيوف | صفة الكرم |
أمثلة على الكناية عن صفة
في الآتي عرض لأمثلة عن الكناية عن صفة لمزيدٍ من التوضيح:
المثال | لفظ الكناية | المكنى به | المكنى عنه |
قوله تعالى: "ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورًا".[٢]
| يدك مغلولة إلى عنقك | المعنى الحقيقي هو ضم اليد إلى العنق حتى لا يخرج منها شيء وكأها مربوطة. | صفة البخل الشديد |
تبسطها كل البسط. | المعنى الحقيقي فتح اليد ومدها عن آخرها حتى لا يبقى فيها شيء | التبذير | |
قال الشاعر: ولسنا على الأعقاب تُدمى كلومنا * * * ولكن على أقدامنا تقطر الدِّما | لسنا على أعقابنا تقطُرُ الدِّما | المعنى الحقيقي أن الشاعر وقومه يقبلون على المعارك فيصابون، وتسيل دماؤهم على أقدامهم من الجهة الأمامية وليس على أعقابهم من الخلف؛ لأنهم لا يعطون ظهورهم للعدو بل يقبلون عليه بصدورهم | الشجاعة في مواجهة الأعداء |
قالت الخنساء: طويل النّجادِ رفيع العِماد * * * كثير الرماد إذا ما شتى | طويل النجاد | حمّالة سيفه طويلة | طويل القامة |
رفيع العماد | بيته مرتفع عن بيوت قومه متميز بينها | صفة السيادة | |
كثير الرماد | رماد موقده كثير؛ لأنه يوقد النار كثيرًا، وهذه النار توقد لكثرة الطعام الذي يُطهى فوقها | صفة الكرم الشديد | |
قولنا: ألقى الجنديُّ سلاحه | ألقى الجندي سلاحه | رمى سلاحه على الأرض | الاستسلام |
المراجع
- ^ أ ب أبو المنصور عبد الملك بن اسماعيل الثعالبي، الكناية والتعريض للثعالبي، صفحة 22. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية:29