يُعرّف التشبيه على أنّه بيان أنّ شيئًا أو أشياء شاركت غيرها في صفة أو أكثر، بأداة هي الكاف أو نحوها ملفوظة أو ملحوظة، وأركان التشبيه أربعة هي المشبه، والمشبه به، ويسميان طرفي التشبيه، وأداة التشبيه، ووجه الشبه ويجب أن يكون أقوى وأظهر في المشبه به منه في المشبه، ومثال ذلك جملة: أنت كالليثِ في الشجاعة والإقدام، فالمشبه به في الجملة هو الليث الذي تتضح فيه صفة الشجاعة والإقدام، والمشبه هو كلمة أنتَ، وأداة التشبيه هي الكاف، أمّا وجه الشبه فهو الشجاعة والإقدام، وهذا المقال سيُركّز على توضيح أغراض التشبيه من خلال ذكرها وذكر أمثلة على كل غرض من الأغراض، مع طرح التدريبات العمليّة.[١]


مــــا هـــي أغــــراض التــــشــبـــيه

يفيد التشبيه أغراضًا متنوّعة، والجدول الآتي يوضّح أغراض التشبيه من خلال بيانها، وطرح مثالٍ توضيحي على كل منها:[٢]


غـــــرض التـــــشبــــيـــه
المـــثال التــــوضــــيـــحــــي
بيان إمكان المشبه: وذلك حين يُسند إليه أمر مُستغرب لا تزول غرابته إلّا بذكر شبيه له.
قال البحتري:
دانٍ إلى أيدي العُفاة وشاسعٌ عن كــلّ نــدّ في النّــدى وضـريب
كالبدر أفرطَ في العلو وضوؤه للعُصــــبة السّــــارين جــدّ قريب

وصف البحتري ممدوحه في البيت الأول بأنّه قريب من المحتاجين، بينه وبين من يشابهه في الكرم فرق كبير، ولكن البحتري حينما أحس أنه وصف ممدوحه بوصفين مُتضادين هما القرب والبُعد، أراد أن يوضّح أنّ ذلك ممكن، وأن الأمر لا يوجد فيه تناقض، فشبّه ممدوحه بالبدر البعيد في السماء ولكن نوره قريب جدًا للسائرين في الليل، وغرض التشبيه هنا هو بيان أن هذا الأمر ممكن أي بيان إمكان المشبه.

بيان حال المشبّه: وذلك عندما يكون المشبه غير معروف الصفة قبل التشبيه، فيفيده التشبيه في بيان الوصف.
قال النابغة الذبياني:
كأنّك شمسٌ والملوك كواكبٌ إذا طلعت لم يبدُ منهنّ كوكب

النابغة الذبياني يُشبّه ممدوحه بالشمس ويُشبه غيره من الملوك بالكواكب، لأن سطوة الممدوح تقلّل من سطوة كل ملك، كما تُخفي الشمس الكواكب، فهو يريد أن يُبيّن حال الممدوح، وحال غيره من الملوك، وغرض التشبيه هنا هو بيان الحال.
تقرير حال المشبه: عندما يكون ما يُسند إلى المشبّه يحتاج إلى التثبيت والإيضاح بالمثال.
قال تعالى: "والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء، إلا كباسط كفّيه إلى الماء ليبلغ فاه، وما هو ببالغه".[٣]

في هذه الآية الكريمة حديث عن شأن من يعبدون الأصنام، وأنهم عندما يدعون آلهتهم لا يستجيبون لهم، ولا يرجع إليهم الدعاء بفائدة، وقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يُقرّر هذه الحال ويُثبتها في الأذهان، فشبّه هؤلاء بمن يبسط كفيه إلى الماء ليشرب فلا يصل الماء إلى فمه بالبداهة؛ لأن الماء سيخرج من خلال أصابعه ما دامت الكفوف مبسوطة، فالغرض من التشبيه هنا تقرير حال المشبه، ويأتي هذا الغرض عندما يكون المشبّه أمرًا معنويًا، لأن النفس لا تُصدّق المعنويات كما تصدّق الأمور المادية المحسوسة، فهي في حاجة إلى الإقناع.
تزيين المشبه أو تقبيحه.
قال أبو الحسن الأنباري في مصلوب:
مددتَ يديكَ نحوهم احتفاءً كمدهما إليهم بالهبات
هذا البيت حسّن ما أجمع الناس على قبحه والاشمئزاز منه وهو الصّلب، فهو يشبّه مدّ ذراعي المصلوب على الخشبة، والناس حوله بمد ذراعيه بالعطاء للسائلين أيّام حياته، والغرض من هذا التشبيه التزيين، والتزيين أكثر ما يأتي في المديح والرثاء والفخر ووصف ما تميل إليه النفوس.

قال أعرابي في ذمّ امرأته:
وتفتح _ لا كانت_ فمًا لو رأيته توهّمته بابًا من النار يُفتحُ
يتحدّث الأعرابي عن امرأته في سخط وألم، حتى إنه ليدعو عليها بالحرمان من الوجود فيقول: لا كانت، ويُشبّه فمها حينما تفتحه بباب من أبواب جهنم، والغرض من هذا التشبيه التقبيح، وأكثر ما يكون في الهجاء، ووصف ما تنفر منه النفس.
بيان مقدار حال المشبه: إذا كان المشبه معروف الصفة قبل التشبيه معرفة إجمالية، وكان التشبيه يُبيّن مقدار هذه الصفة.
قال المتنبي في وصف أسد:
ما قُوبلت عيناه إلا ظُنّتا تحت الدّجى نار الفريق حُلولا
المتنبي يصف عينيْ الأسد في الظلام بشدّة الاحمرار والتوقد حتى أن من يراهما من بعيد يظنهما نارًا لقوم حُلول مقيمين، فلو لم يعمد المتنبي إلى التشبيه لقال: إن عينيّ الأسد محمّرتان، ولكنه اضطر إلى التشبيه ليُبيّن مقدار درجة الاحمرار وعِظَمه.


مــــثـــال تـــدريـــبــي (1)

اكتب الغرض من التشبيه في كل جملة من الجملتين الآتيتين:[٤]


الجـــــمـــلــة
الغــرض من التــشبــيه
قال الشاعر:
إنّ القلوب إذا تنافر ودّها مثل الزجاجة كسرها لا يُجبَرُ
تقرير حال المشبه
قال الشاعر:
إذا قامت لحاجتها تثنّت كأنّ عظامها من خيزران
بيان حال المشبه


مـــــثـــال تــــدريـــبي (2)

اكتب مثالًا على تشبيه الغرض منه الآتي:

  • بيان إمكان وجود المشبه: قول الشاعر:

فإن تفق الأنام وأنت منهم فإنّ المسك بعض دم الغزال.

  • بيان إمكان المشبه: قول الشاعر:

ويلاه إن نظرت وإن هي أعرضت وقع السِّهام ونزعُهنَّ أليم


المراجع

  1. جامعة المدينة العالمية ، كتاب البلاغة البيان والبديع، صفحة 33. بتصرّف.
  2. علي الجارم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، صفحة 52-55. بتصرّف.
  3. سورة الرعد ، آية:14
  4. أحمد الهاشمي ، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، صفحة 238. بتصرّف.