عندما يقول لك أحدُهم: (حضرَ إخواني)، فإنَّه يتبادر إلى ذهنك أنَّ جميعَ إخوانه حضروا بلا استثناء، لكن عندما يقول لك: (حضرَ إخواني إلّا محمدًا) فتعرف حينها أنَّ أخاه محمدًا ليس من ضمن الحضور، وذلك لأنَّه استخدم أسلوب الاستثناء بجملته، فأخرج "محمدًا" من حُكم الحضور، فما المقصود بالاستثناء؟ وما هي أدواته؟ وما هي أحكامه؟ سنجيب عن كلّ هذه الأسئلة في هذا المقال.


تعريف الاستثناء

الاستثناء هو إخراج الاسم الواقع بعد أداة الاستثناء من حكم الاسم الواقع قبلها، مثل: (فاز جميعُ المُتسابقينَ إلّا سميرًا)، حيثُ تمَّ إخراج "سميرًا" من حكم "المُتسابقين"، وهذا الحكم هو "الفوز"، أي "فاز جميعُ المتسابقينّ باستثناء سمير لم يفُزْ"، وعليه فإنَّ جملة الاستثناء المُتكاملة تتكون من الأركان التالية:[١]

  • المُستثنى: هو الاسم الواقع بعد أداة الاستثناء، والذي يتم إخراجه من حكم الاسم الواقع قبل أداة الاستثناء.
  • أداة الاستثناء: هي كلمة تُستعمل لإخراج ما بعدها من حُكم ما قبلها.
  • المُستثنى منه: هو الاسم العام المعرفة الواقع قبل أداة الاستثناء، والذي يُنسب إليه الحكم في الجملة ومنه يتم إخراج المُستثنى.
  • الحُكم: هو المعنى الذي يُنسب للمستثنى منه دون المُستثنى إثباتًا أو نفيًا.


وفي ما يأتي بعض الأمثلة التوضيحيّة:


الجملة
المُستثنى
المُستثنى منه
أداة الاستثناء
الحُكم
لا يشمتُ الناسُ في الضعيفِ سوى اللؤماء.
اللؤماء
الناس
سوى
عدم الشماتة من الفعل "لا يشمت".
يدافعُ المخلصونَ عن بلادِهم إلّا الخونةَ.
الخونة
المخلصونَ
إلّا
الدفاع من الفعل "يُدافع".
وَصل الضيوفُ ما عدا محمدًا.
محمدًا
الضيوفُ
ما عدا
الوصول من الفعل "وصل".


أدوات الاستثناء

يوجد ثلاثةُ أنواعٍ من أدوات الاستثناء، وهي:[٢]

  • حرف: (إلّا).
  • اسم: (غير)، (سوى).
  • فعل أو حرف جر: (عدا)، (خلا)، (حاشا).


أنواع الاستثناء

قبل التحدث عن أحكام الاستثناء لا بُدَّ من توضيح أنواعه وما المقصود بكلّ منها؛ وذلك لأنَّ بعض الأحكام مُعتمدة على نوع الاسثناء، حيث يوجد ثلاثة أنواع من الاستثناء، وهي:[٣]

  • الاستثناء التام المُثبت: التام: هو الذي يُذكر فيه المُستثنى منه، والمُثبت أو ما يُسمى بالموجب :هو الذي لمْ يُسبقْ بنفي أو شبهه.
  • الاستثناء التام المنفي: التام: هو الذي يُذكر فيه المُستثنى منه، والمنفي أو ما يُسمى بغير الموجب: هو الذي يُسبَقُ بنفي أو شبهه، والمقصود بشبه النفي كل من النهي، والاستفهام الإنكاريّ بما فيه من معنى النفي.
  • الاستثناء الناقص المنفي (المُفرغ): الناقص: هو الذي لا يُذكر فيه المُستثنى منه، المنفي: هو الذي يُسبق بنفي أو شبهه، ويُسمى هذا النوع من الاستثناء "بالمُفرغ".


أحكام الاستثناء

تختلف أحكام الاستثناء باختلاف أداة الاستثناء المُستخدَمة، وفيما يأتي تقسيم الأحكام بناءً على نوع الأداة في الجملة:


أحكام الاستثناء بـ (إلّا)

(إلّا) هي حرف، وتُقسّم أحكام المُستثنى بها اعتمادًا على نوع الاستثناء بالجملة، كالتالي:[٤]


نوع الاستثناء
حُكم المُستثنى
نموذج إعرابي
التام المُثبت
النصب على أنَّه مُستثنى، سواء أكان مُتصلًا أم مُنقطعًا.

قرأتُ الصحفَ إلا صحيفتينِ.
قرأتُ: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتّصاله بتاء الفاعل، والتاء: ضمير مُتّصل مبني في محل رفع فاعل.
الصحفَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
إلا: حرف استثناء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
صحيفتينِ: مُستثنى منصوب وعلامة نصبه الياء لأنَّه مُثنى.
التام المنفي
يجوز فيه حالتان:
النصب على أنَّه مُستثنى.
أو اتباع المُستثنى منه في الإعراب على أنَّه بدل.
ما جاءَ أحدٌ من الطلابِ إلّا زيدًا/ زيدٌ.
ما: حرف نفي لا محل لها من الإعراب.
جاءَ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
أحدٌ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر على آخره.
من: حرف جر مبني لا محل له من الإعراب.
الطلابِ: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
إلّا: حرف استثناء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
زيدًا: مُستثنى منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
زيدٌ: بدل (من الفاعل "أحدٌ") مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر على آخره.
الناقص المنفي
يُعرَب بحسب موقعه في الجملة، أي حسب العوامل الداخلة عليه.
ما أقلعَتْ إلّا طائرةٌ.
ما: حرف نفي لا محل له من الإعراب.
أقلعَتْ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة على آخره، والتاء: تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب.
إلّا: حرف استثناء مبني على السكون.
طائرةٌ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر على آخره.
ما كتبْتُ إلّا رسالةً.
ما: حرف نفي لا محل له من الإعراب.
كتبْتُ: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتّصاله بتاء الفاعل، التاء: ضمير متّصل مبني في محل رفع فاعل.
إلّا: حرف استثناء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
رسالةً: مفعول به منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.


ولا بدَّ أنَّك تتساءل ما المقصود بكل من المستثنى المتّصل والمنقطع الذي ورد ذكرهما في حكم الاستثناء التام، لذا إليك تعريفهما:[٥]

  • المتّصل: عندما يكون المُستثنى من جنس المستثنى منه، مثل: (أحبُّ الفاكهةَ إلّا الموزَ).
  • المُنقطع: عندما يكون المُستثنى من غير جنس المُستثنى منه، مثل: (نزلَ الركابُ إلّا حقائبَهم).


*إضاءة*

في الجملة المذكورة في الاستثناء التام المنفي وهي (ما نجح أحدٌ من الطلاب إلا زيدًا أو زيدٌ) المُستثنى منه مذكور وهو "أحدٌ"، لكن ماذا لو قلنا: (ما نجحَ من الطلابِ إلّا _____) فهل يجوز هنا أيضًا أنْ ننصب أو نرفع زيدًا؟ الجواب هو لا؛ لأنَّ النفي هنا ناقص، فلمْ يُذكرْ المُستثنى منه، فلا يجوز القول أنَّ المستثنى منه هو "من الطلاب" لأنَّ كلمة الطلاب سُبِقَتْ بحرف جر، ولكي تتأكد أنْ الجملة ناقصة وغير تامَّة، احذف أداة الاستثناء، هل الجملة تامَّة بدونها؟، "ما نجح من الطلاب" الجملة ناقصة، ولهذا فإنَّ الاستثناء ناقص منفي، وفي هذه الحالة يُعرب زيدًا حسب موقعه من الجملة، وموقعه فاعل، فنقول: (ما نجحَ من الطلاب إلّا زيدٌ).


أحكام الاستثناء بـ (غير) و(سوى)

هما اسمان، والمستثنى بهما دائمًا مجرور على أنَّه مُضاف إليه، أمّا حكمهما أنفسهما هو أنْ تأخذان حكم المُستثنى (بإلّا)، وفيما يأتي توضيح لذلك:[٦]


نوع الاستثناء
حكم غير أو سوى
حكم المستثنى
نموذج إعرابي
التام المُثبت
النصب على أنَّها مُستثنى.
مضاف إليه مجرور.
نجحَ الطلابُ غيرَ واحدٍ.
نجحَ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
الطلابُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
غيرَ: مُستثنى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.
واحدٍ: مُضاف إليه مجرور وعلامة جرة تنوين الكسر الظاهر على آخره.
التام المنفي
إمّّا النصب على أنَّها مُستثنى أو تتبع إعراب المستثنى منه على أنَّها بدل.
مضاف إليه مجرور.
ما فازَتْ السباحاتُ سوى سباحةٍ.
ما: حرف نفي لا محل له من الإعراب.
فازَتْ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة على آخره، والتاء: تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب.
السباحاتُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة لأنَّه جمع مؤنث سالم.
سوى: مُستثنى منصوب وعلامة نصبه الفتحة المُقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وهو مُضاف.
أو سوى: بدل (من الفاعل "السباحاتُ) مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.
سباحةٍ: مُضاف إليه مجرور وعلامة جره تنوين الكسر الظاهر على آخره.
الناقص المنفي
تُعرب حسب موقعها من الجملة.
مضاف إليه مجرور.
لا يدخلْ غيرُ المتسابقينَ.
لا: حرف نهي وجزم.
يدخلْ: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره.
غيرُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.
المتسابقينَ: مُضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء لأنَّه جمع مذكر سالم.
(هذا استثناء منفي بشبيه النفي وهو النهي، ومن أمثلة الاستفهام "هلْ يدخنُ سوى أنتَ")


*إضاءة*

قد يُستعمل لفظا (سوى و غير) لأغراض أُخرى غير الاستثناء، وفي هذه الحالة يُعرَبان بحسب موقعهما من الجملة، مثل: (كلامُكَ غيرُ مفهوم)، في هذه الجملة (غير) هنا لم تأتِ كأداة استثناء، إذ لم يُستثنى شيء من حكم شيء آخر، ولذلك تُعرَب "غيرُ" هنا: خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

وقد تلحق أل التعريف بغير، فتصبح (الغير) بمعنى الطرف الثالث، وتُعرَب أيضًا بحسب موقعها من الجملة، مثل: (لا تخبرْ الغيرَ بما حدثْتُكَ به) فتُعرب هنا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.[٧]


أحكام الاستثناء بـ (خلا) و(عدا) و(حاشا)

هذه الأدوات يصحّ استعمالها كأفعال أو كحروف جر، وبناءً على استعمالها يُعرَب المستثنى، كالتالي:[٨]

  • في حال استُعملت كأفعال، يُعرَب المُستثنى مفعولًا به، وتكون أفعالاً جامدة؛ والمقصود بالفعل الجامد بأنّه الفعل الذي لا يتصرّف، فيلزم حالة واحدة، وهذه الأفعال تلزم حالة الماضي، فلا يأتي منها مضارع ولا أمر.


الجملة
الإعراب
هبطَتْ الطائراتُ حاشا طائرةً.
هبطَتْ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة على آخره، والتاء: تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب.
الطائراتُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة لأنَّه جمع مؤنث سالم.
حاشا: فعل ماضٍ جامد مبني على الفتحة المُقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر، والفاعل ضمير مستتر.
طائرةً: مفعول به منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.


  • وفي حال اُستعملت كحرف جر، يُعرب المستثنى اسمًا مجرورًا بحرف الجر.


الجملة
الإعراب
أُحبُّ جميعَ الموادِ خلا واحدةٍ
أُحبُّ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا.
جميعَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.
الموادِ: مُضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
خلا: حرف جر مبني على السكون.
واحدةٍ: اسم مجرور وعلامة جره تنوين الكسر الظاهر على آخره.


في حال جاء قبل (عدا) أو (خلا) "ما المصدريّة"، يجب إعرابهما على أنَّهما فعل، ولا يجوز إعرابهما كحروف جر أبدًا؛ وذلك لأنَّ ما المصدرية لا تدخل إلّا على الأفعال، ويُعرب المُستثنى مفعولًا به، علماً أنّ "ما المصدرية" لا تدخل على (حاشا).


الجملة
الإعراب
سافرَ الجميعُ ما عدا عُمَرَ.
سافرَ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
الجميعُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
ما: حرف مصدري.
عدا: فعل ماضٍ جامد مبني على الفتحة المُقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر، والفاعل ضمير مستتر.
عُمَرَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة نيابة عن تنوين الفتح لأنَّه ممنوع من الصرف (لأنَّه علم على وزن "فُعَل").


المراجع

  1. محمد عيد، النحو المصفى، صفحة 483. بتصرّف.
  2. خالد عبد الرحمن، النحو التطبيقي، صفحة 455. بتصرّف.
  3. خالد عبد الرحمن، النحو التطبيقي، صفحة 454. بتصرّف.
  4. فؤاد نعمة، مُلخص قواعد اللغة العربية، صفحة 78-79. بتصرّف.
  5. إبراهيم شمس الدين، مرجع الطلاب في الإعراب، صفحة 183. بتصرّف.
  6. حمدي محمود عبد اللطيف، النحو الميسر، صفحة 136 137. بتصرّف.
  7. فؤاد نعمة ، مُلخص قواعد اللغة العربية، صفحة 80. بتصرّف.
  8. خالد عبد الرحمن، النحو التطبيقي، صفحة 464 465. بتصرّف.