تعريف الاستعارة
الاستعارة عبارة عن تشبيه حذف منه أحد طرفي التشبيه؛ (المشبه أو المشبه به)، وهي نوعان:[١]
- الاستعارة التصريحية: هي الاستعارة التي يصرّح بها بالمشبه به ويحذف المشبه، على نحو (رأيتُ أسداً يخطب الناس)؛ هنا المشبه محذوف وهو (الرجل الشجاع)، شبهه (بالأسد)؛ فذكر المشبه به، ومثال قولنا: (رأيت بحرا، تعني رجلاً جواداً كريماً و (بدراً وشمساً)، تعني إنساناً مضيء الوجه متهلّلاً.
- الاستعارة المكنية: هي الاستعارة التي لا يصرّح بها بلفظ المشبه به فيحذف، ويرمز له بشيء من لوازمه، ولهذا سميت استعارة مكنية، على نحو قول الحجاج: (إني أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها)، هنا شبه رؤوس الناس بالثمار (المشبه به) التي نضجت وحان موعد قطافها، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه (أينعت، قطافها).
أولاً: أمثلة على الاستعارة المكنية
أمثلة قرآنية على الاستعارة المكنية
في الآتي ذكر لأمثلة على الاستعارة المكنية من القرآن الكريم:[٢]
- يقول الله تعالى: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ).[٣]
شبه الذل (المشبه) بالطائر (المشبه به المحذوف)، حذف المشبه به ثم رُمز له بلازمه، وهو (الجناح)، وفي ذلك حث للمسلم على طاعة والديه واحترامهما، وأن يكون كالطائر الذي يرفرف بجناحية حنواً وحناناً.
- يقول الله تعالى: (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ).[٤]
شُيه الغضب (المشبه) بالإنسان (المشبه به المحذوف) الذي يحث سيدنا موسى ويحركه، هنا حذف المشبه به وأُبقي على شيء من لوازمه (سكت).
- يقول تعالى: (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً).[٥]
شبّه الرأس (المشبه) بالوقود (المشبه به)، حُذف المشبه به، ورُمز إليه بشيء من لوازمه (اشتعل).
- يقول الله تعالى: (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ).[٦]
شُبه من ينقضون عهد الله ويخالفون أوامره (المشبه) بأنهم يقطعون حبل الله وميثاقه (المشبه به المحذوف) بعد توكيدهم بإيجابه، هنا حذف المشبه وأُبقي على شيء من لوازمه (ميثاق).
أمثلة شعرية على الاستعارة المكنية
في الآتي ذكر لأمثلة على الاستعارة المكنية من الشعر العربي:[٢][٧]
- يقول الشاعر:
وإذا المنية أنشبت أظفارها *** ألفيت كل تميمة لا تنفع.
هنا شبه الشاعر المنية أي الموت (المشبه) بالسبع (المشبه به المحذوف)، ودلل على ذلك بشيء من لوزامه (أظفارها).
- يقول الشاعر:
وإذا العناية لاحظتك عيونها *** نم فالمخاوف كلهن أمان.
شبه الشاعر العناية (المشبه) بالإنسان (المشبه به)، حذف المشبه به وذكر شيئاً من لوازمه (لاحظتك عيونها).
- يقول الشاعر:
عضَّنا الدهر بنابه *** ليس ما حلَّ بنا به
شبه الدهر (المشبه) بالسبع (المشبه به) الذي يعض، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه (بنابه).
- يقول شاعر آخر:
وقد كتبت أيدي الربيع صحائفًا *** كأن سطور السري حسنًا سطورها
شبه الربيع (المشبه) بالإنسان (المشبه به) الذي يكتب صحائف سطورها جميلة، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه (كتبت أيدي).
- يقول الشاعر:
ولئن نطقت بشكر برك مفصحًا *** فلسان حالي بالشكاية أنطق
جعل الشاعر هنا للحال (المشبه) بالإنسان الذي ينطق بالشكاية (المشبه به)، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه (لسان).
- يقول المتنبي:
فلم أر قبلي من مشى البحر نحوه *** ولا رجلا قامت تعانقه الأسد.
هنا شبه البحر (المشبه) بالإنسان الذي يمشي نحو سيف الدولة (المشبه به)؛ فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه (مشى)، يريد أنهما يتشابهان في العطاء والكرم، ونفس الأمر شبه الأسد (المشبه) بالإنسان الذي يعانقه (المشبه به)؛ فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه (العناق)، في دلالة على أنهما يتشابهان بالقوة والشجاعة.
ثانياً: أمثلة على الاستعارة التصريحية
أمثلة قرآنية على الاستعارة التصريحية
من الأمثلة على الاستعارة التصريحية من القرآن الكريم:[٢]
- يقول الله تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ).[٨]
تمّ التصريح بالمشبه به (الظلمات) للدلالة على (الضلال) المشبه، وتمّ التصريح (بالنور) المشبه به للدلالة على (الهداية) المشبه، وهنا شبه الضلال بالظلمات، وشبه الهداية والإيمان بالنور.
- يقول الله تعالى: (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ).[٩]
استعير اللباس (المشبه به) للدلالة على الحزن والهول والفزع (المشبه) الذي أصاب أهل القرية، فهنا شبه الحزن والخوف الفزع الذي أصاب أهل القرية باللباس.
- يقول الله تعالى: (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ).[١٠]
تم التصريح بالمشبه به (الموت) وحُذف المشبه (الكفر) فهنا شُبه الكفر بالموت.
أمثلة شعرية على الاستعارة التصريحية
من الأمثلة على الاستعارة التصريحية من الشعر ما يأتي:[٢]
- يقول زهير بن أبي سلمى:
لدى أسد شاكٍ السلاح مقذف *** له لبد أظفاره لم تقلم.
شبه الشاعر المحارب الشجاع (المشبه) بالأسد (المشبه به)؛ هنا استعار الشاعر لفظ الأسد للمحارب المدجج بسلاحه الذي يُقذف به في المعارك؛ لقوته وخبرته.
- يقول البحتريّ:
وصاعقة في كفّه ينكفي بها *** على أرأس الأعداء خمس سحائب
هنا شبه الشاعر نصل السيف (المشبه) بالصاعقة (المشبه به)؛ لاشتراكهما فيما يوقعان من أذى وألم، ثم شبه أصابع الممدوح (المشبه) بالسحائب (المشبه به)؛ لتشابههما في الجود والخير والعطاء.
- يقول المتنبي:
أقبل يمشى فى البساط فما درى *** إلى البحر يسعى أم إلى البدر يرتقى
شبّه سيف الدولة (المشبه) بالبحر (المشبه به) لاشتراكهما في العطاء، كما شبّه سيف الدولة (المشبه) بالبدر (المشبه به)؛ لاشتراكهما بالرّفعة وعلو المنزلة.
المراجع
- ↑ عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، صفحة 163. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث جامعة المدينة العالمية، كتاب البلاغة 1 البيان والبديع، صفحة 153. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية:24
- ↑ سورة الأعراف، آية:154
- ↑ سورة مريم، آية:4
- ↑ سورة البقرة، آية:27
- ↑ علي الحازم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، صفحة 77. بتصرّف.
- ↑ سورة إبراهيم، آية:1
- ↑ سورة النحل ، آية:112
- ↑ سورة الأنعام ، آية:122