تنقسم الأفعال في اللغة العربية إلى عدّة أقسام، إذ يمكن تقسيمها وفقاً لمعناها إلى أفعال لازمة، وأفعال متعديةٍ، ويكمن الفرق بينهما باكتفاء الفعل بفاعله أو عدمه، فالفعل اللازم هو الفعل الذي لا يتعدى أثرُهُ فاعلَهُ، ولا يتجاوزُه إلى المفعول به، بل يبقى في نفسِ فاعله ويتمّ معنى الجملة دون الحاجة لمفعول به، مثل: (سافر محمدٌ، عاد المسافرُ، نام الطفلُ)، أمّا الفعل المتعدّي هو الفعل الذي يتعدَّى أَثرُهُ فاعلَه، ويتجاوزه إلى المفعول به، مثل: (فتحَ طارقٌ الأندَلسَ، أعطى سميرٌ المسكينَ صدقةً)، وهو يحتاج إلى فاعل يفعله ومفعولٍ به يقَع عليه.[١] وبعض الأفعال لا تكتفي بمفعول به واحد بل تتعدى إلى مفعولين، وفي المقال توضيح لذلك.


الأفعال التي تنصب مفعولين

تمّ تقسيم الأفعال التي تنصب مفعولين إلى أقسام عدة، فهي تشتمل على الأفعال التي تتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبر، والأفعال التي تتعدى إلى مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، وهذا القسم يتفرع إلى: أفعال التحويل، وأفعال القلوب، وهي: أفعال اليقين وأفعال الرجحان،[٢] وفيما يأتي توضيح لتلك الأقسام:


الأفعال التي تنصب مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبر

تتعدّى أفعال هذا القسم إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، وهذه الأفعال تحتمل معنى الإعطاء والمنح والكساء والإلباس، وقد بيّن النُّحاة بجواز الاكتفاء بأحد المفعولين في بعض الحالات، ومن تلك الأفعال: أكسب، وهب، أورد، منح ، أعطى، أرفد، ألبس، كسا، وغيرها، ومن الأمثلة عليها ما يلي: (نعطي الفقراءَ صدقاتٍ)، (كسوت المحتاجين ألبسةً).[٣]


أمثلة إعرابية على الأفعال تنصب مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبر


ألبست الأم الفتاةَ ثوباً جديداً
ألبست: فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء: تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب.
الأمُّ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
الفتاةَ: مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ثوباً: مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.

جديداً: نعت منصوب، وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
منحنا الأولَ جائزةً
منحنا: فعل ماضٍ مبنيٌّ على السكون؛ لاتّصاله بنا المتكلّمين، ونا المتكلّمين: ضمير رفع متّصل، مبنيّ في محلّ رفع فاعل.

الأول: مفعول به أول منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

جائزةً: مفعول به ثانٍ منصوب، وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.

كسا الغنيُّ الفقيرَ ثوباً جميلاً
كسا: فعل ، ماضٍ، مبني على الفتح المقدر على الألف منع من ظهوره التعذر

الغنيُّ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

الفقيرَ: مفعول به أول منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ثوباً: مفعول به ثان منصوب، وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.

جميلاً: نعت منصوب، وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.


الأفعال التي تنصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر

في هذا القسم لا يمكن الاكتفاء بمفعول به واحد دون الآخر، أو حذف أحدهما؛ إذ لا بدّ من ذكرهما معاً في الجملة ليتمّ المعنى المقصود منها، فالمفعولان بالأصل عبارة عن جملة اسمية قبل دخولها على أفعال هذه المجموعة، وبعد دخول أحد هذه الأفعال على الجملة الأسمية فإنّها تُغيّر من إعرابها، فيُنصب المبتدأ ليكون مفعولاً به أول، ويُنصب الخبر ليكون مفعولاً به ثانياً،[٣] وتنقسم هذه الأفعال إلى قسمين هما أفعال القلوب وأفعال التحويل، وفيما يلي بيان لكلٍّ منهما:

  • أفعال القلوب: سمّيت بذلك لأنّ معانيها متّصلة بالقلب، فهي أفعال تُدرك بالحس، كاليقين والشك، فهي لا تمثّل أفعال محسوسة كالفعل أكلَ، وضرب، ومشى، وغيرها، وهي تنقسم إلى قسمين هما:[٤]
  • أفعال اليقين: وهي الأفعال التي تُشير إلى يقين حدوث الفعل، وهي خمسة أفعال: علم، وجد، درى، ألفى، تعلّم، رأى القلبية، مثل؛ (علمتُ الجدَّ سبيلَ النجاح)، هذه الجملة كانت بالأصل جملة إسمية (الجدُّ سبيلُ النجاح)، فعند دخول فعل اليقين (علم) عليها تغيّر إعرابها من المبتدأ والخبر المرفوعان ليصبحا مفعول به منصوب، وكذلك الحال في الجملة (رأيتُ العلمَ نوراً)، وإعراب الجملتين كما يلي:


علمتُ الجدَّ سبيلَ النجاح
علمتُ: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
الجدَّ: مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
سبيلَ: مفعول به ثانٍ منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مضاف.
النجاحِ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
رأيتُ العلمَ نوراً
رأيتُ: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
العلمَ: مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
نوراً: مفعول به ثانٍ منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.

  • أفعال الرجحان: سميت بذلك لرجحان حدوث الفعل، وهي ثمانية أفعال، وهي: خال، ظن، حسب، زعم، عد، حجا، جعل، هب، وتأتي تلك الأفعال بمعنى (ظنّ)، مثل: (ظننتُ الأمرَ سهلاً)، و(حسبتُ الطقسَ معتدلاً)، وكل من الجملتين السابقتين كانت بالأصل جملة إسمية (الأمرُ سهلٌ) (الطقسُ معتدلٌ)، ودخول فعلي الرجحان (ظنّ، حسبَ) عليهما غيّر من حالتهما الإعرابية من رفع المبتدأ والخبر إلى النصب لتصبح كما يلي:


ظننتُ الأمرَ سهلاً
ظننتُ: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
الأمرَ: مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
سهلاً: مفعول به ثانٍ منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
حسبتُ الطقسَ معتدلاً
حسبتُ: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
الطقسَ: مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
معتدلاً: مفعول به ثانٍ منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.


  • أفعال التحويل: تتعدى أيضاً إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، وهي تفيد تحويل الشيء من حال إلى حال، وهي سبعة أفعال هي: صيّر، جعل، اتخذ، ترك، حوّل، ردّ، اتّخذ،[٤] مثل: (جعلتُ الغرفةَ مرتبةً)، و(حوّلت الحرارةُ الجليدَ ماءً)، وفيما يلي إعراب كلٍّ من الجملتين:


جعلتُ الغرفةَ مرتبةً
جعلتُ: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء ضمير متصل مبنيّ في محل رفع فاعل.
الغرفةَ: مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
مرتبةً: مفعول به ثانٍ منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
حوّلت الحرارةُ الجليدَ ماءً
حوّلتْ: فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء: تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب.
الحرارةُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
الجليدَ: مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
ماءً: مفعول به ثانٍ منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.

تدريبات


التدريب (1): حدّد الفعل المتعدّي والمفعول به الأول والمفعول به الثاني في الجمل التالية:


الجملة
الفعل المتعدّي
المفعول به الأول
المفعول به الثاني
علمتُ الحقَّ فضيلةً
علمَ
الحقَّ
فضيلةً
رأيتُ الاجتهادَ سبيلَ النجاح



أعطى الأستاذُ الطالبَ كتاباً



حسبَ أحمدٌ الأمرَ صعباً



صيّرَ النجّارُ الخشبَ كرسياً



رأيتُ العلمَ سلاحاً



وجدتُ الصدقَ فضيلةً



ردَّ العلمُ الجاهلَ عالماً




تدريب (2): أعرب ما تحته خط في الجمل التالية:


الجملة
الإعراب
كسا الربيعُ الأرضَ حُلَّةَ زاهيةً
الأرضَ: مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
حلَّةً: مفعول به ثانٍ منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
منح المديرُ المجتهدَ جائزةً
المجتهدَ:
جائزةً:
يظن الطلابُ النجاحَ سهلاً
النجاح:
سهلاً:
وجدتُ الإهمالَ طريقاً إلى الفشل
الإهمال:
طريقاً:
خلتُ زيداً كريماً
زيداً:
كريماً:
صير الحائكٌ القماشَ ثوباً
القماشَ:
ثوباً:


المراجع

  1. مصطفى الغلاييني، كتاب جامع الدروس العربية، صفحة 34. بتصرّف.
  2. علي الجارم، كتاب النحو الواضح في قواعد اللغة العربية، صفحة 315. بتصرّف.
  3. ^ أ ب إبراهيم إبراهيم بركات، النحو العربي، صفحة 149. بتصرّف.
  4. ^ أ ب حمدي كوكب، كتاب الأفعال الناسخة، صفحة 176. بتصرّف.