المصدر في الّلغة العربيّة إمّا أن يكون صريحًا يتمّ التّعبير عنه بلفظٍ صريح، نحو (اقتراب)، وإمّا أن يكون مصدرًا مُؤوّلًا (غير صريح)، وهو عبارة عن جملة يُمكن تفسيرها بلفظ واحد هو المصدر الصّريح، نحو (أنْ تقترب من الهداية خيرٌ لك من العيش في الضّلال)، ففي الجُملة (أنْ تقتربَ) هي المصدر المؤوّل ويُفسّر بلفظ المصدر الصّريح (الاقتراب)، وللمصدر المُؤوّل أحوال مختلفة، وفيما يلي بيانها.[١]

تراكيب المصدر المُؤول

يكون المصدر المؤوّل في أحوال منها، والأكثر شيوعًا أن يكون تركيبه، كالآتي (حرف مصدريّ + جملة فعليّة أو اسميّة)، وفيما يلي توضيح لمختلف التّراكيب:[١]


  • بعد أنْ النّاصبة: نحو (يسرُّني أنْ أراكَ)، والمصدر المُؤوّل هُنا (أنْ أراكَ)، وتقديره (يسرُّني رُؤيتُكَ).
  • بعد أن المُشبّهة بالفِعل: نحو (عرفتُ أنّك قادمٌ)، والمصدر المُؤوّل هُنا (أنّك قادمٌ)، وتقديره (عرفتُ قُدومكَ).
  • تؤول أنّ المشبهة بالفعل وما بعدها بالمصدر في المواضع التي تكون همزتها مفتوحة: تفتح همزة أن وتؤوّل بالمصدر في المواضع التّالية:
  • إذا وقعت في محلّ الفاعل: نحو (أوجعني أنّك مريضٌ)، والمصدر المُؤوّل هُنا (أنّك مريضٌ)، وتقديره (أوجعني مرضُكَ).
  • إذا وقعت في محلّ نائب الفاعل: نحو (عُلِم أنّك بعيدٌ)، والمصدر المُؤوّل هُنا (أنّك بعيدٌ)، وتقديره (عُلِم بُعدُكَ).
  • إذا وقعت محلّ المفعول: نحو (عرفتُ أنّ الصّلاة واجبةٌ)، والمصدر المُؤوّل هُنا (أنّ الصّلاة واجبةٌ)، وتقديره (عرفتُ وُجوب الصّلاة).
  • بعد أن المصدريّة غير النّاصبة وما بعدها: نحو (حصل على الجائزة بعد أنْ سابق زميله)، والمصدر المُؤوّل هُنا (أنْ سابق)، وتقديره (حصل على الجائزة بعد مسابقة زميله)، وتجدر الإشارة إلى وجود أحرف مصدريّة أخرى غير ناصبة، هي: (كي، لو، ما، همزة التّسوية، أنّ،..)، والمُلاحظ هُنا أنّ ما بعد أحد هذه الحرف المصدريّة يأتي فعل ماضٍ، فلا يُنصب، وفيما يلي أمثلة توضيحيّة.[١]


الجملة
التأويل
ذهبتُ للجامعة كي أتعلم.
للتعلُّم.
لن أكذب ما حييت.
مدّة حياتي.
سواء أأنذرتهم أم لا، لن يتحرّكوا.
إنذارك
تمنيّت لو رأيتُك.
رؤيتَك.


إعراب المصدر المُؤول

يُعرب المصدر المُؤوّل بحسب المكان الذي يحتلّه المصدر الصّريح المُقدّر عنه، وفيما يلي أمثلة إعرابيّة توضيحيّة:[٢]


  • المصدر المُؤول في محلّ رفع مبتدأ


الجملة
تقدير المصدر المُؤوّل
الإعراب
أنْ تتفوقَ في دراستك خيرٌ لكَ.
تفوّقُكَ في دراستك خيرٌ لك.
أنْ: حرف مصدريّ ونصب.
تتفوّقَ: فعل مضارع منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره،

والمصدر المُؤوّل (أنْ تتفوّق) في محل رفع مُبتدأ.


  • المصدر المُؤوّل في محلّ رفع خبر المُبتدأ


الجملة
تقدير المصدر المُؤوّل
الإعراب
الكذبُ أنْ تقولَوا على النّاس ما ليس بصحيح.
الكذب قولُكم على النّاس ما ليس بصحيح.
أنْ: حرف مصدريّ ونصب.
تقولَوا: فعل مضارع منصوب، وعلامة نصبه حذف النّون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة.

والمصدر المُؤوّل (أنْ تقولوا) في محل رفع خبر المبتدأ.


  • المصدر المُؤوّل في محلّ رفع فاعل


الجملة
تقدير المصدر المُؤوّل
الإعراب
يكفيني أنّك جادُّ.
يكفيني جِدُّك.
أنْ: حرف نصب.
الكاف: ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ.
جادٌّ: خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضّم الظّاهر على آخره.

والمصدر المُؤوّل (أنّك جادُّ) في محل رفع فاعل.



الجملة
تقدير المصدر المُؤوّل
الإعراب
أتمنى أنْ تحضرَ باكرًا.
أتمنى حضورَكَ باكرًا.
أنْ: حرف مصدريّ ونصب.
تحضرَ: فعل مضارع منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره.

والمصدر المُؤوّل (أنْ تحضرَ) في محل نصب مفعول به.


  • المصدر المُؤوّل في محلّ جرّ بالإضافة


الجملة
تقدير المصدر المُؤوّل
الإعراب
أتيتُ قبل أنْ تُسافرَ.
أتيتُ قبل سفرِك.
أنْ: حرف مصدريّ ونصب.
تسافرَ: فعل مضارع منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره.

والمصدر المُؤوّل (أنْ تُسافرَ) في محل جرّ مضاف إليه.


الفرق بين المصدر الصريح والمصدر المؤول

هُناك العديد من الفروقات بين المصدر المُؤوّل والصّريح، وفيما يلي بعضها:[٣]


المصدر المؤوّل
المصدر الصّريح
لا يصح وقوع المصدر المؤوّل من (أنْ) والفِعل مفعولاً مُطلقاً مُؤكِّداً للفعل.

- نحو (حزنتُ أنْ أحزن).
يصح وقوع المصدر الصّريح مُؤكِّداً للفعل.

- نحو (حزنتُ حُزنًا).
لا يصح أن يوصف المصدر المُؤوّل.

- نحو (يُعجبني أن تركضَ السّريع).
يصح أن يوصف المصدر الصّريح.


- نحو (يُعجبني الرّكض السّريع).
قد يسدّ المصدر المُؤوّل من (أنْ) والفعل مسدّ الاسم والخبر معًا.

- نحو (عسى أن يذهبَ الرَّجُلُ).
لا يسدّ المصدر الصّريح مسدّ الاسم والخبر معًا

- نحو (عسى ذهاب الرَّجُل)
قد يسدّ المصدر المُؤوّل من (أنْ) والفعل مسدّ المفعولين، في الأفعال التي تحتاج مفعولين، مثل (حسِب).

- نحو (أحسِبَ الظالمُ أن يُترك).
لا يسدّ المصدر الصّريح من (أنْ) والفعل مسدّ المفعولين، في الأفعال التي تحتاج مفعولين مثل (حسِب).

- نحو (أحسِبَ الظالم التّرك).


أهمية المصدر المؤول

قد يتساءل الدّراس لقواعد النّحو، لماذا تأتي الحاجة إلى استخدام المصدر المُؤوّل ما دام بالإمكان استبداله بمصدر صريح، وتأتي الإجابة على هذا الاستفسار من خلال التّراكيب التي يأتي بها المصدر المُؤوّل، وفيما يلي بيانٌ لأبرز الأسباب التي تجعل أهل النّحو يتوجّهون للمصدر المؤوّل بدل الصّريح:[٤]


  • الدّلالة على زمن الفِعل: مثل الدّلالة على الماضي، نحو (سرّني أنْ حضرتَ)، أو المستقبل (يسرُّني أنْ تحضرَ)، فلو ذُكر المصدر صريحًا لَمَا اقترنت الجملة بزمن ما.
  • الدّلالة على أنّ الحكم مقصور على المعنى المجرّد للفعل: أي لا يأتي معه وصفٌ أو اتّصال بشيء آخر، على عكس المصدر الصريح.
  • الدّلالة على جواز حصول الفِعل لا وُجوبه: تتضّح أهميّة المصدر المُؤوّل هنا من الأمثلة نحو (ظهرُ أنْ يُهاجر خالدٌ)، فُهنا لم تُعطي الجملة معنى أكيدًا واجبًا للهجرة، على عكس قول (ظهرَت هجرةُ خالد)، فُهنا الهجرة أكيدة.


تدريبات

  • تدريب (1): عيّن/ي الجمل التي تحتوي المصدر المُؤوّل واذكره.


الجملة
نعم / لا
المصدر المؤّول
أنْ تُحسِنَ القليل خيرٌ من أنْ تُهمِلَ الكثير.
نعم
أنْ تُحسِنَ / أنْ تُهمِلَ
أنَّ المريض من الألم فدعوت له بالشّفاء.


أمَا آن لكم القيام بواجبكم تجاه أوطانكم؟


إنْ تتمسَّكْ الأمم بمبادئها تنعمْ شعوبُها بالأمان.


أحرص على زيارة أقاربي من آنٍ إلى آخَر.


سرّني أنّك ناجح في عملك.


إنّما الآمال تتحقَّق بالعمل والمثابرة.



  • تدريب (2): ميّز/ي المصدر الصّريح من المُؤّول في الجمل الآتية.


الجملة
المصدر الصّريح
المصدر المُؤّول
أسعيك في الخير يُقرِّبك من الله.
سعي
-
على الإنسان أن يسعى.


أضعف النّاس مَن ضعف عن كتمان سره.


إيّاك ومصادقة ذي الوجهين.


سرّني أنْ يقول الشّاهد الحقيقة.


ليس للإنسان إلَّا ما سعى.


التّعاون بين الناس هو قانون الحياة.



  • تدريب (3): حوّل/ي المصدر المُؤوّل في الجمل الآتية إلى مصادر صريحة.


الجملة
التّعديل
أحبّ أن أذكر الله صباحًا ومساءً.
أحبّ ذِكرَ الله صباحًا ومساءً.
تعلّمت أنّ النّجاح يأتي مع الصّبر.

أريد أن أفعل المعروف دون أن أنتظر جزاء.

أقسمت عليك بألّا تسافر.

يسرّني أنْ تحفظَ القرآن الكريم.

يعجبني أنّك مجتهد.

يسرّني أنّ أستقبلَ الضيوف.

يسعدني أنْ أرى الأزهار.


  • تدريب (4): أعرب/ي ما تحته خطّ في الجمل الآتية.


  1. عُلم أن أخاك حاضرٌ.
  2. الغيبة أن تذكر أخاك بما يكره.
  3. عرفتُ أنّ أخاك قادمٌ.
  4. ما أجمل أن ينتشر العدل.
  5. علمتُ بأنّك مريضٌ.
  6. حسبت أنّ الرّجلَ في البيتِ.
  7. ينبغي أن تُذاكر.
  8. أن تبعد الأذى عن الطّريق صدقة.


المراجع

  1. ^ أ ب ت خالدية محمود البيّاع، المرشد إلى قواعد اللغة العربيّة، صفحة 73-74. بتصرّف.
  2. عبد الله أبوبكر ، الكافي في قواعد مهارات الاتصال.pdf الوجيز الكافي، صفحة 3. بتصرّف.
  3. حسن، كتاب النحو الوافي، صفحة 418. بتصرّف.
  4. إسلام محمد أحمد، العدول عن المصدر الصريح إلى المصدر المؤول، صفحة 19. بتصرّف.