انظر إلى الجملة التالية: (الشمسُ أكبرُ من الأرضِ)، هل الشمسُ والأرض متساويتان في الحجم؟ بالتأكيد ستقول لا، بل إنَّ الشمسَ أكبرُ من الأرض، وذلك لأنَّ كلمة (أكبر) دلّتنا أنَّ الشمسَ والأرضَ تشتركان في صفة (الكبر) لكن الشمس تزيد عن الأرض في هذه الصفة، ولذلك نسمي كلمة (أكبر) اسم تفضيل، وفي هذا المقال سنسلط الضوء على المقصود باسم التفضيل، وشروط صياغته، وبعض من الأحكام المُتعلقة به.


تعريف اسم التفضيل

هو اسم مُشتق على وزن "أفعَل" للدلالة على أنَّ اثنين اشتركا في صفة، وزاد أحدهما على الآخر في تلك الصفة، ويُسمى ما قبل اسم التفضيل "المُفضل"، ويُسمى ما بعده "المُفضل عليه"، مثل: (محمد أطول من علي)، حيثُ إنَّ محمدًا وعليًا يشتركان في صفة الطول، لكن المُفضل (محمد) أطول من المُفضل عليه (علي).[١]


صياغة اسم التفضيل

الشروط التي يجب توافرها في الفعل لكي يُصاغ منه أفعل التفضيل هي نفسها الشروط التي يجب توافرها لصياغة التعجب منه، وهذه الشروط هي: [٢]

  • أنْ يكونَ ثلاثيًا: فلا يُصاغ من فعل مثل: استخرج أو بعثر.
  • أنْ يكونَ تامًا (غير ناقص): فلا يُصاغ من مثل: كان، أصبح (كان وأخواتها).
  • أنْ يكونَ متصرفًا (غير جامد): فلا يُصاغ من مثل: بئس، نِعمَ، ليس، عسى.
  • أنْ يكون مُثبتًا (غير منفي): فلا يُصاغ من مثل: ما قامَ، ما علِمَ.
  • أنْ يكونَ قابلًا للتفاوت والمُفاضلة: فلا يُصاغ من مثل: غرِقَ، ماتَ، هلك، فنى، عدم.
  • أنْ يكونَ مبنيًا للمعلوم: فلا يُصاغ من الأفعال المبنية للمجهول، مثل: رُسِمَ، يُقال.
  • أن لا يكون الوصف منه على وزن أفعل الذي مؤنثه فعلاء: فلا يصاغ من الفعل (عور) فالصفة منه للمذكر(أعور) وللمؤنث (عوراء)، ويكون ذلك في الأفعال الدّالة على الألوان (حمر، خضر، صفر) والعيوب مثل (عور، عمي).


فإذا كان الفعل غير مستوفٍ لهذه الشروط، فيمكننا صياغة اسم التفضيل منه كالتالي:[٣]

  • في حال كان الفعل غير ثلاثي أو كان الوصف منه على وزن "أفعل فعلاء" فلا يُصاغ منه اسم التفضيل مباشرة وإنَّما يُتوصل إلى التفضيل منه بذكر مصدره الصريح بعد فعل مُساعد مستوفٍ للشروط مثل (أكثر أو أشد أو أعظم أو شبهها) ويُعرب المصدر تمييزًا منصوبًا، مثل:
  • (علي أشدُ مقاومةً للمرض من زيدٍ) فالفعل "قاوم" فوق الثلاثي.
  • (قطفْتُ وردةً أكثرُ حمرةً من غيرها) فالفعل "حمر" تصاغ منه الصفة على وزن أفعل (أحمر) الذي مؤنثه فعلاء (حمراء).
  • أمّّا إذا كان الفعل منفيًا أو مبنيًا للمجهول، فيؤتى باسم تفضيل من فعل مناسب مستوفٍ للشروط مثل (أجدر، أحق، أولى)، ثم يُؤتَى بمصدر الفعل مؤولًا وهو (أن + الفعل المضارع)، مثل:
  • (المُجدُ أجدرُ ألا يُقصرَ في عمله): "ألا" هي اختصار "أنْ لا"، الفعل "لا يقصر" منفي فلا يُصاغ منه التفضيل مباشرة.
  • (المجرمُ أحقُّ أنْ يسجنَ): فالفعل (سُجن) مبني للمجهول فلا يصاغ منه التفضيل مباشرة.
  • أمَّا الفعل الناقص أو الجامد أو غير القابل للتفاوت فلا يُصاغ منه اسم التفضيل أبدًا.


حالات اسم التفضيل

لاسم التفضيل أربع حالات، هي:[٤]


حالة اسم التفضيل
حكم اسم التفضيل
أمثلة
أنْ يكونَ مُجردًا من أل والإضافة
يجب إفراده وتذكيره، والإتيان بعده بالمُفضل عليه مجرورًا "بمن".
الجمل أصبر من غيره على العطش.
الجملان أصبر من غيرهما.
الجمال أصبر من غيرهم.
أنْ يكون مُعرفًا بأل
يجب مطابقته للمفضل، ولا يُذكر المُفضل عليه.
الأخ الأكبر ذكي.
الأُخت الكبرى ذكيةٌ.
الأخوات الكبريات ذكيات.
تحالفت الدولتان العظميان.
أنْ يكونَ مضافًا إلى نكرة
يجب إفراده وتذكيره على أنْ يُطابق المضاف إليه المفضل.
الكتابُ أفضلُ صديقٍ.
الكتابان أفضل صديقين.
الكتبُ أفضلُ أصدقاء.
أنْ يكونَ مُضافًا إلى معرفة
يجوز المُطابقة أو عدمها.
أنتما أفضل/ أفضلا الناس.
أنتم أفضل/ أفاضل الناس.
أنتن أفضل/ فضليات الناس.


عَمَل اسم التفضيل

اسم التفضيل يرفع ضميرًا مستترًا، وهذا الضمير هو الفاعل، مثل: (محمدٌ أطولُ من زيدٍ) فاسم التفضيل "أطول" رفع فاعلًا وهو ضمير مستتر تقديره "هو".

وقد يرفع اسمًا ظاهرًا، وذلك ضمن الشروط التالية:[٥]

  • إذا صح أنْ يقعَ فعلاً في موضعه بمعناه.
  • وسُبقَ بنفي أو استفهام أو نهي.
  • ويكون هذا المرفوع (الفاعل) مُفضلًا على نفسه باعتبارين.


كما في الأمثلة التالية:

  • (ما رأيْتُ رجلًا أحسنَ في عينه الكحلُ في عين زيد)، فاسم التفضيل "أحسن" تنطبق عليه الشروط الثلاثة:
  • يصح أنْ نضعَ فعلًا في مكانه فنقول: (ما رأيْتُ رجلًا يحسنُ في عينه الكحل منه في عين زيد).
  • سُبِقَ بنفي (ما رأيْتُ).
  • الفاعل "الكحل" مُفضل على نفسه باعتبارين، أي أنَّ (الكحلُ في عين زيدٍ أحسن من الكحل في غير عين زيد).


  • (لمْ يوجدْ رجل أقوى في قلبه الإيمان منه في قلب أبي بكر)، فاسم التفضيل "أقوى" تنطبق عليه الشروط الثلاثة:
  • يصح أنْ نضعَ فعلًا مكانه فنقول: (لمْ يوجدْ رجل يقوى في قلبه الإيمان...).
  • سُبِقَ بنفي (لمْ يوجدْ).
  • الفاعل "الإيمان" مُفضل على نفسه باعتبارين، أي أنَّ (الإيمان في قلب أبي بكر أقوى من الإيمان في قلب غيره).


نماذج إعرابيّة

يُعرب اسم التفضيل حسب موقعه من الجملة، أما الاسم الذي بعده يُعرب بناءً على ما ورد في حالات اسم التفضيل، وفيما يأتي بعض النماذج الإعرابيّة:[٦]


الجملة
الإعراب
محمدٌ أفضلُ الرجالِ.
محمدٌ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر على آخره.
أفضلُ: خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.
وفاعل اسم التفضيل ضمير مستتر تقديره هو.
الرجالِ: مُضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
(اسم التفضيل مضاف إلى معرفة).
محمدٌ أفضلُ رجلٍ.
محمدٌ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر على آخره.
أفضلُ: خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.
وفاعل اسم التفضيل ضمير مستتر تقديره هو.
رجلٍ: مُضاف إليه وعلامة جره تنوين الكسر الظاهر على آخره.
(اسم التفضيل مُضاف إلى نكره).
محمدٌ أكثرُ مالًا.
مالًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
(والفرق بين هذه الجملة والتي قبلها هو أنَّه بجملة "محمد أفضلُ رجلٍ" ما بعد اسم التفضيل "رجل" هو عين المُخبر عنه "محمد" أي أنَّ محمد هو نفسه الرجل، فيُجر بالإضافة، لكن إذا أضيف إلى غيره يكون تمييزًا، أي: هل محمد مال؟ لا، لذلك نعرب "مالًا" تمييزًا.
وكذلك في جملتي: "ليلى أفضلُ امرأةٍ"، "ليلى أكبرُ سنًا").

زيدٌ أكرمُ من أحمدَ.
زيدٌ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر على آخره.
أكرمُ: خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو.
من: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
أحمدَ: اسم مجرور وعلامة جره الفتحة عوضًا عن الكسر لأنَّه ممنوع من الصرف (علم على وزن الفعل)، والجار والمجرور متعلقان باسم التفضيل "أكرم".
(اسم التفضيل مجرد من أل والإضافة).
هلْ قرأتَ قصيدةً أجملَ في أبياتِها الصورُ منها في القصائدِ الأُخرى.
هلْ: حرف استفهام مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
قرأتَ: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتّصاله بتاء الفاعل المتحركة، والتاء: ضمير متّصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
قصيدةً: مفعول به منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
أجملَ: نعت منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
في: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
أبياتِها: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، وهو مضاف، والها: ضمير متّصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه، والجار والمجرور متعلقان باسم التفضيل "أجمل".
الصورُ: فاعل لـ "أجمل" مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
(اسم التفضيل "أجمل" رفع فاعلًا ظاهرًا لأنَّه استوفى الشروط التي ذكرناها سابقًا).


المراجع

  1. فؤاد نعمة، مُلخص قواعد اللغة العربية، من ضمن الصفحات من 201 إلى 300، صفحة 51 . بتصرّف.
  2. السيد قاسم الحسيني الخراساني، محمود الملكي الإصفهاني، القواعد النحوية، صفحة 201. بتصرّف.
  3. حمدي محمود عبد اللطيف، النحو الميسر، صفحة 173. بتصرّف.
  4. فؤاد نعمة، مُلخص قواعد اللغة العربية، صفحة 52 53. بتصرّف.
  5. علي الجارم، النحو الواضح في قواعد اللغة العربية، صفحة 281. بتصرّف.
  6. كاملة الكواري، التطبيق الإعرابي على كتاب الوسيط في النحو، صفحة 461 462. بتصرّف.