تنقسم الجمل في اللغة العربية إلى قسمين: جمل خبرية، وجمل إنشائية، ويُقصد بالخبر الكلام الذي يحتمل الصدق والكذب لذاته، والمراد بصدق الخبر مطابقته للواقع، فإذا قلتَ مثلًا: جاء محمدٌ من المدرسة، هذه الجملة تحتمل الصدق إذا طابقت الواقع، وتحتمل الكذب إذا لم تُطابق الواقع، وباب الخبر في العربية من أبواب علم المعاني الذي يعدّ قسمًا من أقسام علم البلاغة، وهذا المقال سيركّز على بيان أضرب الخبر (أنواع الخبر) من خلال طرح الأمثلة والتدريبات العملية عليها.[١]


أضــــرب الخـــبر

سبقت الإشارة إلى تعريف الخبر، والجدول الآتي يوضّح أضرب الخبر، وأضرب الخبر ترتبط ارتباطًا مباشرًا بأمرين: حال المخاطب، وعدد أدوات التوكيد في الجملة، علماً أن أدوات التوكيد كثيرة من بينها: إنَّ، وأنَّ، والقسم، ولام الابتداء، ونونا التّوكيد، وأحرف التّنبيه، والحروف الزّائدة، وقد، وأمّا الشّرطية.[٢]


والجدول الآتي يوضّح أضرب الخبر مع طرح مثالٍ على كلّ نوع:[٣]


تعريــــــــــــــــف الخــــــــــــــبر
أمــــــــثـــــــــــلة توضــــــــــيحـــــــــيــــة
الخبر الابتدائي: هو الخبر الذي يأتي خاليًا من أدوات التوكيد، ويكون المُخاطب خالي الذهن في هذه الحالة.
قال تعالى:" المالُ والبنون زينةُ الحياة الدّنيا"،[٤] هذه الآية الكريمة موجّهة إلى شخص خالي الذهن، بمعنى أنّه مما لا شك فيه أن المال والبنين زينة الحياة الدّنيا، ولأنّ الجملة خلت من أي أداة من أدوات التوكيد يعدّ الخبر هنا ابتدائيًا.

قال المتنبي: لا يسلمُ الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدّم
هذا البيت الشعري موجّه إلى شخص خالي الذهن، بمعنى أنّه مما لا شكّ فيه أن الشرف الرفيع يُحافَظ عليه ببذل الغالي والنفيس حتى وإن وصل الأمر إلى التضحية بالرّوح وإراقة الدماء، ولم يُؤكد الخبر بأي أداة من أدوات التوكيد، لذلك فإن الخبر هنا يعدّ ابتدائيًا.
الخبر الطلبي: هو الخبر الذي يؤكّد بأداة واحدة من أدوات التوكيد ويُلقى على المتلقي الذي يشك في الأمر أو المتلقي المتردد.
إنّ الحياةَ تحتاج إلى العمل والصّبر: في هذه الجملة أكّد القائل كلامه باستخدام أداة من أدوات التوكيد وهي (إنّ) لأنّ الجملة أُلقيت على مخاطب متردد أو شاك، لذلك فإن هذا الخبر خبر طلبي.

قال السرّي الرّفاء:
إنّ البناء إذا ما انهدّ جانبُه لم يأمنِ النّاسَ أنْ ينهدّ باقيهِ
في بيت الشعر هذا توجد أداة توكيد واحدة وهي (إنّ) والجملة أُلقيت على مخاطب متردّد أو شاك، لذلك فإنّ هذا الخبر يُعدّ خبرًا طلبيًا.

الخبر الإنكاري: هو الخبر الذي يُؤكّد بأكثر من أداة توكيد، ويُلقى على المخاطب المُنكر، وبحسب درجة الإنكار تزيد المؤكّدات.
قال تعالى: "قالوا ربّنا يعلمُ إنّا إليكم لمُرسلون"،[٥] في الآية الكريمة ورد مؤكّدان (إنّ، واللام)، لأنّ المُخاطب هنا متردّد أو شاكّ، لذلك فإنّ هذا الخبر يُعدّ خبرًا إنكاريًا.

والله لقد درستُ ساعاتٍ متواصلة: في هذه الجملة وردت ثلاثة مؤكّدات: القسم (واللهِ)، وقد التي تفيد التحقيق، واللام قبل قد، وأُلقيت الجملة على مُخاطب مُنكِر، لذلك فإنّ هذا الخبر يعدّ خبرًا إنكاريًا.


نستنتج مما سبق أن:

  • أضرب الخبر ثلاثة: ابتدائي، وطلبي، وإنكاري.
  • يمكنك عزيزي القارئ الاعتماد على عدد أدوات التوكيد لمعرفة نوع الخبر، ففي حال ذكرت أداة توكيد واحدة في الجملة فهذا يعني أن الخبر ابتدائي، وإذا وردت أداتين من أدوات التوكيد فهذا يعني أن الخبر طلبي، وإذا وردت ثلاث أدوات توكيد فأكثر فهذا يعني أن الخبر إنكاري.


مــــــثــال تـــــدريـــــبــي

حدّد نوع الخبر في الجمل الآتية، مع تحديد الحال التي أتى عليها المُخاطب، وعدد المؤكّدات في كل جملة:[٦]


الجــــــمـــلـــة
حــــال المخــــاطـــب
عـــدد المؤكّــدات
نــــوع الخــــبر
قال المتنبي:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صَمَمُ

خالي الذّهن
لا توجد مؤكّدات
ابتــــدائيّ
قال أبو العلاء المعري:
إنّ الذي بمقال الزورِ يُضحكني مثل الذي بيقين الحق يُبكيني
المتردّد أو الشاكّ
مؤكّد واحد ( إِنّ)
طلــــبي
قال أبو العتاهية:
إنّي رأيتُ عواقب الدّنيا فتركتُ ما أهوى لما أخشى
مُتردّد في الشطر الأول
خالي الذهن في الشطر الثاني
في الشطر الأول مؤكّد واحد (إنّ)، والشطر الثاني بلا مؤكّدات.
طلبي في الشطر الأول
وابتدائي في الشطر الثاني
قال حسّان بن ثابت رضي الله عنه:
وإنّي لَحلوٌ تعتريني مرارةٌ وإِنّي لترّاكٌ لما لم أُعوّد
مُنـــكـــــِـــر
مُؤكّدان (إنّ، واللام) في شطري البيت.
إنـــــــــــــكــــاري
قال الأُرجاني:
إنّا لفي زمنٍ ملانَ من فتنٍ فلا يُعابُ به ملآنُ من فَرقِ.
الفَرق يعني الخوف.
مُنـــــــكِـــر
مؤكّدان (إنّ واللام في خبر إنّ).
إنــــكــــــــــاري
قال الشريف الرّضي:
قد يبلغُ الرّجل الجبان بمالِهِ ما ليس يبلغه الشّجاعُ المُعدمِ
مُتردّد أو شاك
مؤكّد واحد ( قد )
طـــــــــلبــي


المراجع

  1. أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، صفحة 56-55. بتصرّف.
  2. علي الجارم ومصطفى أمين ، البلاغة الواضحة، صفحة 161-153. بتصرّف.
  3. سورة الكهف ، آية:46
  4. سورة يس، آية:16
  5. عبد العزيز عتيق، علم المعاني، صفحة 54-53. بتصرّف.