يعرّف الإنشاء على أنّه أحد أقسام الكلام، وهو الكلام الذي لا يحتمل الصدق والكذب لذاته، فعندما يقول قائل: (اجتهد في دروسك) فلا نستطيع أن ننسب إلى قائله الصدق أو الكذب، وذلك لأنّه لا يخبرنا بحصول شيء أو عدم حصوله، ويُقسم الإنشاء إلى إنشاء طلبي وغير طلبي،[١][٢] وسيتم الاقتصار في هذا المقال على الإنشاء غير الطلبي.
تعريف الإنشاء غير الطلبي
يُعرَّف الإنشاء غير الطلبي على أنّه الكلام الذي لا يستدعي مطلوبًا وقت الطّلب، أي أنّ حصول الطّلب غير مُرتبط بالطّلب نفسه،[١] وهذا القسم من الإنشاء لم يركّز عليه علماء البلاغة بدراسته بشكلٍ معمّق وذلك للأسباب التالية:[٣]
- لأنهم يرون أنّ صيغه لا تُستعمل إلّا في معانيها التي وُضِعت لها، فالتعجب مثلاً لا يُفيد إلّا التعجب، والقسم لا يفيد إلّا القسم، وكذلك الحال في الذم والمدح وباقي الصيغ، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ هذه الأساليب تكمن وراءها ملاحظات بلاغية واعتبارات دقيقة، لكن ليس بالقدر الذي هو موجود في الإنشاء الطلبي.
- أنّ أكثر هذه الأساليب في الأصل تعدُّ أخباراً نُقلت إلى معنى الإنشاء.
صيغ الإنشاء غير الطلبي
للإنشاء غير الطلبي عدّة أساليب وصيغ، منها: المدح، والذم، وصيغ العقود، والقسم، والتعجب والرجاء، وكما يكون برُبَّ، وكم الخبرية،[١] وفيما يلي توضيح لتلك الصيغ:[٢][٤][٣]
االصيغة | الأفعال والألفاظ التي تدل على الصيغة | مثال |
نَعْمَ وبِئْس، وما جرى مجراهما، مثل حبذا، ولا حبذا، والأفعال المحوّلة إلى فعل | * طاب عليٌّ نفساً * قال زهير: نعم امرأ هرم لم تعر نائبة *** إلا وكان لمرتاع لها وزرا | |
العقود | تكون بالماضي كثيراً، مثل: بعتُ، واشتريتُ ووهبتُ، وبغيره قليلاً | * أنا بائع * بعتُ سيارتي * قولك لمن أوجب لك الزواج: (قبلتُ هذا الزواج) |
القسم | يكون بأحرف ثلاثة تجرّ ما بعدها، وهي: *الواو: تدخل على الاسم الظاهر فقط. *الباء: تدخل على كل مقسم به، سواء أكان اسما ظاهراً أو ضميراً. *التاء: تدخل على اسم الله تعالى فقط . كما يكون بالفعل (أقسم) أو ما في معناه من مثل (أحلف) | * قول معن بن أوس: لَعَمْرك لا أدري وإني لأوجلُ *** على أينا تعدو المنية أولُ * أقسم بالله * تَاللهِ لأذهبنَّ إليه وأعاتبنّه |
التّعجب (هو تفضيل شخص من الأشخاص أو غيره على أضرابه في وصف من الأوصاف) | يكون قياساً بصيغتين: (ما أفعله)، و(أفعل به) وسماعاً بغيرهما | * قول شقران الهزيمي: أولئك قوم بارك الله فيهم *** على كل حال، ما أعف وأكرما! * قوله تعالى: (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا).[٥]
* لله دره عالماً |
الرجاء | ويكون بحرف واحد هو «لعلّ» ، وبثلاثة أفعال هي :عسى، وحرى، واخلولق | * قول ذي الرمّة: لعل انحدار الدمع يعقب راحة *** من الوجد أو يشفي شجيّ البلابل. قول الشاعر: عسى فرج يأتي به الله إنه *** له كلّ يوم في خليقته أمر. |
رب، وكم الخبرية | تستخدم لدلالتهما على إنشاء التقليل أو التكثير | * رب أخ لك لم تلده أمك. * قوله تعالى: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ).[٦]
|
أمثلــة تطبيقيــة
حدّد/ي صيغة الإنشاء الطلبي في الأمثلة التالية:
مثال | الصيغة |
قوله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى * وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى * وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى).[٧]
| القسم |
وقول الأعشى: إن يقل هنّ من بني عبد شمس *** فحرى أن يكون ذاك، وكانا | الرجاء |
خبث بكر أصلاً | الذم |
عبدي حرٌ لوجه الله تعالى | العقود |
قال حرير: يا حبذا جبل الريّان من جبل *** وحبذا ساكن الريّان من كانا | المدح |
قوله تعالى: (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم).[٨]
| تعجّب |
قول معن بن أوس: لعمرك ما أدري وإني لأوجل *** على أينا تعدو المنية أول | القسم |
اخلوقت السماء أن تمطر | الرجاء |
ما أَبعَدَ العَيبَ وَالنُقصانَ عَن شخصيّتي | تعجّب |
وهبتُ مالاً كثيراً للفقراء | العقود |
قول الشاعر: بنفسي تلك الأرض ما أطيب الرُّبا *** وما أحسن المُصطاف والمتربعا | تعجب |
قوله تعالى: (وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ).[٩]
| القسم |
قوله تعالى: (وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ).[١٠]
| مدح |
قوله تعالى: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا).[١١]
| الرجاء |
المراجع
- ^ أ ب ت عبدالسلام هارون، الأساليب الإنشائية في النحو العربي، صفحة 13. بتصرّف.
- ^ أ ب عبدالعزيز عتيق، علم المعاني، صفحة 69-74. بتصرّف.
- ^ أ ب جامعة المدينة العالمية، كتاب البلاغة 2، المعاني، جامعة المدينة، صفحة 351-352. بتصرّف.
- ↑ أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، صفحة 69-70. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:38
- ↑ سورة البقرة، آية:249
- ↑ سورة الليل، آية:1-4
- ↑ سورة البقرة، آية:28
- ↑ سورة الأنبياء، آية:57
- ↑ سورة الذاريات، آية:48
- ↑ سورة الكهف، آية:6