تنقسم اللغة العربيّة إلى عدة علوم، كالنحو والبلاغة والصرف، والمعاني والبيان وغيرها الكثير، وفي هذا المقال سنتطرق للحديث عن علم العَروض، وبعض المواضيع المُتعلقة به.


تعريف علم العروض

العَروض (بفتح العين لا بضمها) كلمة مؤنثة، على وزن فعول، وهو العِلم الذي يُبحث فيه عن أصول وقواعد أوزان الشعر العربي، أي يُقصد به القواعد التي تدل على الميزان الدقيق، ويُعرف به صحيح أوزان الشعر من فاسده،[١] وقد وُجدت آراء لكثير من علماء العرب في سبب تسمية هذا العلم بها، فقيل:[٢][٣]

  • سُمِّي بذلك على أرجح الأقوال لأنَّ الشاعرَ يعرض شعره عليه، أي يكتبُ الشاعرُ شعرًا ثم يعرضه على علم العروض ليرى هل شعره موزون وصحيح، أم أنِّه غير موزون وفاسد.
  • وقيل بأنَّ العروض لغةً يعني الناحية، واصطلاحًا أنَّ الشعر العربي هو ناحية (فرع) من نواحي علوم اللغة العربية.
  • وقيل إنَّ العروض اسم من أسماء مكة المكرمة، فسُمي بذلك تيمّنًا بها؛ لأنَّ مَنْ وضع علم العروض أُلهِم في مكة قواعد الوزن الشعري.
  • وقيل إنَّ معنى كلمة العروض في اللغة الطريق الصعب، فسُمي هذا العِلم بذلك لأنَّه صعبٌ على دارسه في بداية تعلّمه له.
  • والعروض هو جزء من البيت الشعري، فسُمي الكل باسم البعض، حيثُ ينقسم كلُّ بيت شعري إلى شطرين، يُسمى الشطر الأول منه الصدر، والشطر الثاني العجز، وتُسمى التفعيلة الأخيرة من الشطر الأول العَروض، والتفعيلة الأخيرة من الشطر الثاني الضرب، وما بَقِيَ من البيت كله يُسمى الحشو.
  • وقيل إنَّ اسم العروض كان يُطلق على عُمان، المكان الذي كان يقيم فيه واضِع علم العروض، فسماه باسمها.
  • وقيل أيضًا إنَّه يُقصد بها الخشبة العارضة في الخيمة، فسُمي باسمها من باب التشبيه، وقد اقتبست أكثر الاصطلاحات العروضيّة من أجزاء الخيمة أيضًا، مثل: السبب، الضرب، الوتد، المصراع، الركن.


مؤسس علم العروض

هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، الأزدي البصري، وُلِدَ عام 100 هجري، وتُوفي عام 175 هجري، ويُعد من أعظم علماء اللغة العربيّة؛ فقد اجتهد في طلب العلم، وهو أول مَنْ فكرَ بالمحافظة على اللغة وضبط الألفاظ الخاصة بها، حيثُ قام بوضع النقاط والشكل، ودرسَ الشعر ووضع خمسة عشر وزنًا أو بحرًا، ثم جاء الأخفش وزاد عليها بحرًا، وله مؤلفات مهمة عديدة منها: معجم العين، كتاب العروض، كتاب النغم، كتاب الإيقاع، كتاب النقط والشكل، ومُعظم ما في الكتاب الذي جمعه تلميذه سيبويه منقول عنه بألفاظه.[٤]


فائدة علم العروض

لعلم العروض أهميّة بالغة، تتلخّص فيما يلي:[٥]

  • حماية الشعر من حدوث أيّ تغيير لا يجوز دخوله فيه، أو عدم جواز وقوعه في مكان دون الآخر.
  • صقل موهبة الشاعر وتهذيبها، مما يجنّبه الوقوع في الأخطاء والانحراف عند قول الشعر.
  • إثبات أنَّ القرآن الكريم والسنة النبويّة الشريفة ليس لهما علاقة في الشعر؛ فالشعر مُقيد بوزن وإيقاع موحد.
  • القدرة على إيجاد معيار دقيق لعملية النقد، فالشخص الذي يدرس العَروض هو القادر على إصدار أحكام صحيحة للتقويم الشعري.
  • التمييز بين الشعر والنثر، إذ يتضمن النثر بعض السمات الموجودة في الشعر.
  • التمكّن من التعرّف إلى كلّ ما ورد في التراث الشعريّ، مثل المصطلحات العروضيّة، والتي لا يُمكن معرفتها إلا من قِبَل من له معرفة تامة بعلم العَروض ومقاييسه.
  • يُساعد في معرفة سمات الشعر، كالاتساق في الأوزان، والتآلف في النغم، بالإضافة إلى قدرته على إيجاد الذوق الفني للشعر وتهذيبه.
  • القدرة على قراءة الشعر بطريقة صحيحة وخالية من الأخطاء التي من الممكن أنْ يقعَ فيها الأشخاص غير الملمّين بعلم العَروض.


البحور الشعريّة

وهي الإيقاع الموسيقيّ للشعر العربيّ، وهو مصطلح يُطلق على مجموع التفاعيل التي يُنظم عليها الشاعر قصيدته، والتفاعيل هي الأوزان، وكما قلنا سابقًا ثمة ستة عشر بحرًا، وقد جُمعت في بيتين:


طويلٌ يَمُدُّ البَسْطَ بالوَفْرِ كَامِلٌ ويهزِجُ في رَجزٍ ويرملُ مُسرِعًا

فسرِّحْ خفيفًا ضارعًا يقتضب لنا من اجْتثَّ مِن قُربٍ لندركَ مطمعا


وفيما يلي توضيح لكلِّ بحر:[٦]


البحر الشعري
مفتاحه
بحر البسيط
إنَّ البسيطَ لديه يبسطُ الأملُ مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
بحر المقتضب
مقتضب كما سألوا فاعلاتُ مفتعلُ
بحر المتدارك (المحدث)
حركاتُ المحدث تنتقلُ فعلن فعلن فعلن فعلن
بحر المتقارب
عن المتقارب قال الخليلُ فعولن فعولن فعولن فعولن
بحر المُجتث
إن جُثّت الحركاتُ مستفعلن فاعلاتن
بحر المنسرح
منسرحٌ يُضربُ المثلُ مستفعلن مفعولات مفتعلن
بحر الخفيف
يا خفيفًا خفَّت به الحركات فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن
بحر المضارع
تعدُّ المضارعاتُ مفاعيلُ فاعلاتن
بحر السَّريع
بحرٌ سريعٌ ما له ساحلُ مستفعلن مستفعلن فاعلن
بحر الرَّجز
في أبحرِ الأرجازِ بحرٌ يسهلُ مستفعلن مستفعلن مستفعلُن
بحر الرَّمل
رمل الأبحرِ ترويه الثقاتُ فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
بحر الهزج
على الأهزاج تسهيلُ مفاعيلن مفاعيلُ
كَمُلَ الجمالُ من البحورِ الكاملُ متفاعلن متفاعلن متفاعلُن
بحر الوافر
بحور الشعر وافرها جميلُ مفاعَلتن فعولن
بحر المديد
لمديدِ الشعر عندي صفاتُ فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
بحر الطويل
طويلٌ له دون البحورِ فضائلُ فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن


وتُقسم هذه البحور إلى قسمين:[٧]

  • البحور الصافية: وهي التي تتألف من تفعيلات موحّدة الصيغة، فمثلاً البحر المُتقارب له صيغة واحدة لكل التفعيلات وهي (فعولن)، ومن البحور الصافية أيضًا: الهزج، الرمل، الكامل، الرجز، المتدارك.
  • البحور الممزوجة: وهي التي تتألف من تفعيلات مختلفة الصيغة، فمثلًا البحر السريع له صيغتان من التفعيلات وهي (مستفعلن) و (فاعلن)، ومن البحور الممزوجة أيضًا: المضارع، المقتضب، المجتث، المنسرح، الخفيف، الوافر، البسيط، الطويل، المديد.


مصطلحات عروضية يجب الإلمام بها

عند دراسة العروض ينبغي معرفة بعض المصطلحات، وهي كالآتي:[٨]

يتألف البيت الشعري من التفاعيل، وتتألف التفاعيل من المقاطع العروضيّة، وهي:

  • الأسباب: وهي مقطع صوتي يتكون من حرفين، وهي نوعان:
  • سبب خفيف: مُتحرك يليه ساكن، مثل: هَلْ.
  • سبب ثقيل: مُتحرك يليه مُتحرك، مثل: لَكَ.
  • الأوتاد: وهي مقطع صوتي يتكون من ثلاثة أحرف، وهي نوعان:
  • وتد مجموع: متحركان يليهما ساكن، مثل: متى، لقد.
  • وتد مفروق: متحركان بينهما ساكن، مثل: أنت، قال.
  • الفواصل: وهي مقطع صوتيّ يتألّف من أربعة أحرف أو خمسة، وهي نوعان:
  • صغرى: وهي عبارة عن ثلاث حركات بعدها ساكن، مثل: سَكَنُوا.
  • كبرى: وهي عبارة عن أربع حركات بعدها ساكن، مثل: نَصَرَهُمْ.


أما عن ألقاب الأبيات ففي الآتي توضيح لها: [٩]

البيت التام: ما استوفى كل أجزائه بلا نقص.

البيت الوافي: ما استوفى كل أجزائه بنقصٍ.

البيت المجزوء: ما حُذفت تفعيلة عروضه وضربه.

البيت المشطور: ما حُذِفَ نصفه وبقي نصفه.

البيت المنهوك: ما حُذِفَ ثلثَاه وبقي ثلثٌ.

البيت المدَّور: ما اشترك شطراه في كلمة.


سبب تسمية كل بحر بالاسم الذي هو عليه

وفيما يلي سبب تسمية البحور: [١٠]


البحر
سبب التسميّة
الطويل
لأنَّه طالَ بتمام أجزائه، فلم يُستعمل مجزوءًا، ولا مشطورًا، ولا منهوكًا.
المديد
لأنَّ الأسباب امتدت في أجزائه السباعيّة، فصار أحدها في أول الجزء، والآخر في آخره.
البسيط
لانبساط الأسباب في أجزائه السباعيّة، فحصل في أول كل جزء سببان.
الوافر
لكثرة الحركات في تفعيلاته ووفرتها (مُفَاعَلَتُنْ).
الكامل
لكماله في الحركات؛ لأنَّه أكثر الشعر حركات.
الهزج
لأنَّ العرب تهزج به، أي تغني، والهزج لون من الغناء.
الرَّجز
لاضطرابه؛ لجواز حذف حرفين من كل تفعيلة من تفعيلاته، وهو أكثر البحور تقلبًا فلا يبقى على حال واحدة،
لسرعة النطق به، بسبب تتابع تفعيلة (فاعلاتن) فيه، والرمل في اللغة يعني الهرولة.
السَّريع
لسرعة النطق به؛ لكثرة الأسباب الخفيفة فيه، والأسباب أسرع من الأوتاد في النطق بها.
المُنسرح
لانسراحه، أي لسهولته على اللسان.
الخفيف
لخفته؛ من كثرة الأسباب الخفيفة، والأسباب أخف من الأوتاد.
المضارع
نظرًا لمضارعته الهزج بتربيعه وتقديم الأوتاد.
المقتضب
لأنَّ الاقتضاب في اللغة هو الاقتطاع، ومنه سُمي القضيب قضيبًا.
المجتث
إنَّ الاجتثاث في اللغة مثل الاقتضاب.
المتدارك
وضعه وتداركه سيبويه تلميذ الخليل.


المراجع

  1. الدكتور عبد الهادي الفضالي، تلخيص العروض، صفحة 12. بتصرّف.
  2. الدكتور محمد بن حسن ين عثمان، المرشد الوافي في العروض والقوافي، صفحة 6. بتصرّف.
  3. الدكتور غازي يموت، بحور الشعر العربي عروض الخليل، صفحة 10. بتصرّف.
  4. الدكتور محمد علي الهاشمي، العروض الواضح وعلم القافية، صفحة 11. بتصرّف.
  5. سعد بن عبد الله الواصل، موسوعة العروض والقافية، صفحة 5. بتصرّف.
  6. عبد العزيز عتيق، علم العروض والقافية، صفحة 131. بتصرّف.
  7. عبد الهادي الفضلي، تلخيص العروض، صفحة 26. بتصرّف.
  8. محمد بن حسن بن عثمان، المرشد الوافي في العروض والقوافي، صفحة 18. بتصرّف.
  9. محمد بن حسن بن عثمان، المرشد الوافي في العروض والقوافي، صفحة 25. بتصرّف.
  10. محمد بن حسن بن عثمان، المرشد الوافي في العروض والقوافي، صفحة 43. بتصرّف.