يُرجع رجال التراجم الفضل في نشأة علم العروض إلى العلامة الفذّ الخليل بن أحمد الفراهيدي أحد أئمة اللغة والأدب في القرن الثاني الهجري،[١] حيث ابتكر ستة عشر بحرًا شعريًّا حصر فيها أوزان الشعر العربي العمودي، وسنعرض في هذا المقال أحد تلك البحور الشعرية الستة عشر، وهو: البحر الكامل.


سبب تسمية بحر الكامل

قيل إن الخليل بن أحمد دعاه بهذا الاسم لأن فيه ثلاثين حركة لم تجتمع في غيره من الشعر، فهو كامل لكمال حركاته.[٢]


وزن بحر الكامل

للبحر الكامل مقياس واحد هو (مُتَفاعِلُن)، ولا يرد هذا المقياس إلا في هذا البحر، ويشتمل شطر البيت من هذا البحر على ثلاثة مقاييس، فيصبح وزن البحر الكامل:[٣]


مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن *** مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن


ومفتاحه:

كمُل الجمال من البحور الكامل *** مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن


العروض والضرب للبحر الكامل

للعروض والضرب في بحر الكامل تفعيلتان متساويتان، أي على قياس وزنيّ واحد وهو: (مُتفاعلن)، وصور الضرب والعروض، هي:[٣]


الصورة
التقطيع العروضي
مُتَفاعِلُن
ب ب - ب -
مُتْفاعِلُن
-- ب -
مُتْفا
--
مُتَفا
ب ب -
مُتَفاعِل
ب ب - -
مُفاعِلُن
ب - ب -


ومن الأمثلة عليها:


البيت الشعري
رحماكَ ربّي كيفَ نصلى نارَها
فنى العبادُ ولم تضع أوزارها
التقطيع الصوتي
رُح ما ك رب بي كي ف نص لى نا ر ها
ف نل ع با د و لم ت ضع أو زا ر ها
التقطيع العروضي
-- ب - - - ب - - - ب -
ب - ب - ب ب - ب - - - ب -
المقاطع العروضية
-- ب - / - - ب - / - - ب -
ب - ب - / ب ب - ب - / - - ب -
التفعيلات
مُتْفاعِلُن مُتْفاعِلُن مُتْفاعِلُن
مُفاعِلُن مُتَفاعِلُن مُتْفاعِلُن


الزحافات والعلل في البحر الكامل

يتألّف البحر الكامل من تفعيلة واحدة متكررة، وهي: (مُتَفاعلن) -كما ذكر سابقاً-، إلَّا أنَّ هذه التفعيلة تقبل الكثير من التغييرات والزّحافات والعلل، ويطرأ عليها زحاف واحد وأربع علل وبيانها في الآتي:[٤]

  • زحاف الإضمار: وهو تسكين الحرف الثاني المتحرّك، حيث إنَّ تفعيلة "مُتَفَاعِلُن" تصبح "مُتْفاعلن"، وهو زحاف حَسَن.
  • علة القطع: وهو علّة من العلل التي تصيبُ ضَرْب البحر الكامل، أيْ التفعيلة الأخيرة من البيت، والتي يجب أن يلتزم بها الشاعر في كلِّ القصيدة، وهي حذف آخر الوتد المجموع وتسكين ما قبله، يعني "مُتَفَاعلن" تصبح "مُتَفَاعلْ"، ويمكن أيضًا أن تكون مضمرة ويدخلها القطع فتصبح "مُتْفَاعِلْ".
  • علة الأحذ: يأتي البحر الكامل أحذًا أيْ يُحذف من ضربه الوتد المجموعة كلُّه، فتفعيلة "مُتَفَاعِلُن" تصبح "مُتَفَا".
  • علة التذييل: يأتي البحر الكامل أيضًا مذيّلًا، وهي إضافة حرف ساكن إلى ضرب البيت، فتصبح "متَفَاعلن" "مُتَفَاعِلان"، وتأتي مضمرة، فتصبح: "مُتْفاعلان".
  • علة الترفيل: وهي علّة أيضًا تصيب ضرب الكامل، وهي إضافةَ سببٍ خفيفٍ إلى التّفعيلةِ الأخيرة في البيت، حيث إنَّ "مُتَفَاعِلُن" تصبح "متفاعلاتن".


مجزوء البحر الكامل

تُكتب القصيدة فيه بحذف تفعيلة من كلِّ شطر من البيت، أي حذف تفعيلة العروض وتفعيلة الضرب، فيصبح وزن مجزوء الكامل، هو:[٢]


مُتفاعِلُن متفاعِلُن
مُتفاعِلُن متفاعِلُن


أمثلة على مجزوء الكامل


البيت الشعريّ
وصِلِ الذي هو واصلٌ
فإذا كرهتَ فبدّلِ
التقطيع الصوتي
و ص لل ل ذي هـ و وا ص لن
ف إ ذا ك رهـ ت ف بد د لي
التقطيع العروضي
ب ب - ب - ب ب - ب -
ب ب - ب - ب ب - ب -
المقاطع العروضية
ب ب - ب - / ب ب - ب -
ب ب - ب - / ب ب - ب -
التفعيلات
مُتفاعِلُن متفاعِلُن
مُتفاعِلُن متفاعِلُن


البيت الشعري
وإذا افتقرتَ فلا تَكُنْ
مُتحمّسًا وتجمَّلِ
التقطيع الصوتي
و إ ذف ت قر ت ف لا ت كن
م ت حم م سن و ت جم م لي
التقطيع العروضي
ب ب - ب - ب ب - ب -
ب ب - ب - ب ب - ب -
المقاطع العروضية
ب ب - ب - / ب ب - ب -
ب ب - ب - / ب ب - ب -
التفعيلات
مُتفاعِلُن متفاعِلُن
مُتفاعِلُن متفاعِلُن


أمثلة تطبيقية على بحر الكامل


البيت الشعري
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبه الدّمُ
التقطيع الصوتي
لا يس ل مش ش ر فر ر في ع م نل أ ذى
حت تى ي را ق ع لى ج وا ن ب هد د مو
التقطيع العروضي
-- ب - ب ب - ب - ب ب - ب -
-- ب - ب ب - ب - ب ب - ب -
المقاطع العروضية
-- ب - / ب ب - ب - / ب ب - ب -
-- ب - / ب ب - ب - / ب ب - ب -
التفعيلات
مُتْفاعلن مُتَفاعلن مُتَفاعِلن
مُتْفاعلن مُتَفاعلن مُتَفاعِلن


البيت الشعري
متألبين ليشهدوا موت الذي
أحيا البلاد عدالة ونوالا
التقطيع الصوتي
م ت أل ل بي ن ل يش ه دو مو تل ل ذي
أح يل ب لا د ع دا ل تن و ن وا لا
التقطيع العروضي
ب ب - ب - ب ب - ب - - - ب -
-- ب - ب ب - ب - ب ب - -
المقاطع العروضية
ب ب - ب - / ب ب - ب - / - - ب -
-- ب - / ب ب - ب - / ب ب - -
التفعيلات
مُتْفاعلن مُتَفاعلن مُتْفاعِل
مُتْفاعلن مُتَفاعلن مُتْفاعِل


تدريبات

قطّع الأبيات الآتية تقطيعًا عروضيًا واكتب التفعيلات لكل بيت منها:

  • يا دميةً نصبت لمعتكف *** بل ظبية أوفت على شرفِ
  • هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ *** أَم هَل عَرَفت الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ
  • وطن على الآفاق صرح مجده *** هيهات يعلو سوره الأعداء
  • لِمَنِ الدِيارُ كَأَنَّها لَم تُحلَلِ *** بَينَ الكِناسِ وبَينَ طَلحِ الأَعزَلِ
  • والغُصنُ في بستانه *** يزهو إذا رطُب الهوا


المراجع

  1. عبد العزيز عتيق ، علم العروض والقافية، صفحة 7. بتصرّف.
  2. ^ أ ب غازي يموت، بحور الشعر العربي عروض الخليل، صفحة 91. بتصرّف.
  3. ^ أ ب إبراهيم أنيس ، موسيقى الشعر، صفحة 61- 62. بتصرّف.