قافية الشعر هي الركن الثاني من أركان الشعر بعد الوزن، وهي تعطي الشعر نغمة موسيقية رائعة، فبقدر ما يكون فيها من حروف ملتزمة بقدر ما يكون لها من إيقاع موسيقي متميز، كما أنها تضبط المعنى وتحدده، وتشد البيت بكيان القصيدة العام،[١] ووفقاً لعلماء العروض المتأخرين فإن المهلهل عدي بن ربيعة هو مؤسس علم القوافي، وقيل سمي بالمهلهل لأنه هلهل الشعر أي أرقه، غير أن المصادر القديمة لا تجمع على ذلك وترى أن مؤسس علم القوافي غير معروف.[٢]


تعريف قافية الشعر

القافية لغة اسم فاعل من قفاه يقفوه أي تبعه،[٣] أمّا اصطلاحاً هي علم يعرف به أحوال أواخر الأبيات الشعرية،[٢] وتكون في آخر ساكنين في البيت، وما بينهما والمتحرك الذي قبل أولهما، والمثال التالي يوضح ذلك:

          وإذا امرؤ مدح امرأ لنواله          وأطال فيه فقد أراد هِجَاءه

فالقافية في هذا البيت هي (جاءه) من كلمة (هجاءه) فالساكن الأخير فيها هو الواو المتولدة من إشباع ضمة الهاء، والساكن الذي قبله هو الألف، أما المتحرك الذي قبل الساكن الأول هو الجيم.[٤]


أنواع قافية الشعر

أعطى علماء القافية تسميات خاصة لكل نوع من أنواع القافية، وهذه الأنواع هي: (الْمُتَكَاوِسُ، الْمُتَرَاكِبُ، الْمُتَدَارِكُ، الْمُتَوَاتِرُ، الْمُتَرَادِفُ)،[٥][١] ويمكن توضيحها على النحو التالي:


الْمُتَكَاوِسُ

في هذا النوع يكون كلُّ لفظ قافية فَصَلَ بين ساكنيه أربع حركات متوالية، وقيل أن اشتقاق التكاوس مأخوذ من قول تكاوس الشيء، أي تراكم، وكذلك الحركات ازدحمت وتراكمت فيها،[٦] مثل: (قد جبر الدين الإلهُ فَجَبَرْ).


فالقافية في المثال السابق هي (لاهُ فَجَبَرْ).


الْمُتَرَاكِبُ

في هذا النوع يكون كلُّ لفظ قافية فَصَلَ بين ساكنيه ثلاث حركات متوالية، وقيل أن اشتقاق التراكب مأخوذ من تراكب الشيء إذا ركِبَ بعضه بعضاً، والمتراكب في اللغة هو مجيء الشيء بعضه على بعض،[٧] مثل:

كفى بجسمي نحولاً أنني رجل لولا مخاطبتي إياك لم ترنِ

فالقافية في البيت السابق هي (لمْ ترنِ).


الْمُتَدَارِكُ

في هذا النوع يكون كلُّ لفظ قافية فَصَلَ بين ساكنيه حركاتان متواليتان،[٨] وسميت القافية بهذا الاسم لأن الحركة الثانية قد أدركت الأولى قبل أن يليها ساكن، مثل:

على طلاب العز من مستقرة ولا ذنب لي أن عارضتني المقادِرُ.

فالقافية في البيت السابق هي (قَادِرُ).


الْمُتَوَاتِرُ

في هذا النوع يكون كلُّ لفظ قافية فَصَلَ بين ساكنيه حركة واحدة،[٩] وسميت القافية بهذا الاسم لأن المتحرك يليه الساكن، وليس هناك من تتابع الحركات، مثل:

يَجُودُ بالنَّفْسِ إِنْ ضَنَّ الجَوادُ بِها والجودُ بالنَّفْسِ أَقْصَى غايةِ الجُودِ.

فالقافية في البيت السابق هي (جُوْدِ).


الْمُتَرَادِفُ

في هذا النوع يتوالى ساكنان كلُّ لفظ قافية بغير فاصل، وسمي بهذا الاسم لترادف الساكنين فيه بمعنى اتصالهما وتتابعهما،[١٠]، مثل:

الناس للموت كخيل الطراد فالسابق السابق منها الجوَادْ.

فالقافية في البيت السابق هي (وَادْ).


أحرف قافية الشعر

حروف القافية ستة، وهي: الرويُّ، والوصْل، والخروج، والردف، والتأسيس، والدخيل، وهي كلها إذا دخلت أولَ القصيدة تلزم كلَّ أبياتها،[١١][١٢] ويمكن توضيحها على النحو التالي:[١٢]


الروي

الروي هو الحرف الذي تُبنى عليه القصيدة ، بحيث تتكرر أواخر الأبيات الشعرية من هذا الحرف، مثل

إِذا قَلَّ مالُ المَرءِ قَلَّ صَديقُه وَضاقَت بِهِ عَمّا يُريدُ طَريقُهُ

الهاء حرف الروي، ويتكرر في كل بيت.


الوصل

وهو نوعان، الأول عبارة عن حرف مدّ ( ينشأ نتيجة إشباع حركة حرف الرويّ، والثاني عبارة عن حرف الهاء الساكنة الذي يأتي بعد حرف الرويّ، مثل:

وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابَا

الألف حرف الوصل


ولو لم يكنْ في كفه غيرُ روحِه       لجادَ بها فليتقِ اللهَ سائِلُهْ

الهاء الساكنة حرف وصل.


الخروج

هو عبارة عن حرف مدّ ( ياء، أو واو، أو ألف)، والذي ينِشأ نتيجة إشباع هاء الوصل وذلك لأنه يأتي بعدها مباشرة، مثل

جاوزتِ في لومه حدًّا أَضَرَّ بهِ     من حيثُ قدرتِ أنَّ اللومَ يَنْفَعُهُ

الواو (يَنْفَعُهُوْ) حرف خروج.


الردف

الردف هو ما يقع قبل الروي مباشرة دون فواصل بينهم، وهو عبارة عن حرف مدّ ( ياء، أو واو، أو ألف)، أو حرف لين وهو (الواو أو الياء) الساكنتان بعد حركة غير مجانسة لهما، مثل:

كأن قطاةً عُلقتْ بجناحها     على كبديْ من شدةِ الخفَقَانِ

الألف حرف الردف.


التأسيس

هو عبارة عن حرف الألف والذي يكون بينه وبين حرف الروي حرف صحيح متحرك، مثل:

على قدرِ أهلِ العزمِ تأتيْ العزائمُ      وتأتيْ على قدرِ الكرامِ المكارمُ

الألف حرف التأسيس.


الدخيل

هو عبارة عن حرف صحيح متحرك ويكون الحرف فاصل بين ألف الرويّ وحرف التأسيس، وسمي دخيلاً لأنه دخيل في القافية، مثل

إذا كنتَ في كلِّ الأمور معاتبًا      صديقَك لم تلقَ الذي لا تعَاْتِبُهْ

التاء حرف الدخيل.


التدريبات

التدريب (1): حدد/ي القافية، وبين نوعها على وفق عدد حركاتها في الشطرأو البيت:


الشطر / البيت
القافية
نوع القافية
كل حيّ صائر للزوَالْ
والْ
الْمُتَرادف
تُجادُِلني فيغريها الجِدالُ قصائِدَ كان لي منها وِصالُ
صالُ
الْمُتَوَاتِرُ
وَمَن إِذا ريبَ الزَمانُ صَدَعَك


همّم الرجال مَقِيُسة بزمانها وسعادة الأوطان في عُمرانها


لو جئتِني من قبلِ حين ْ أطفأتِ بي عطشَ السنين ْ


إِنَّ اَخاكَ الحَقّ مَن كانَ مَعَك


إذا الفتى ذمَّ عَيشًا في شبيبتِه فما يقولُ إذا عَصرُ الشّبابِ مَضى


وتَعاون الأقوام ليس بحاصل إلاّ بنَشْر العلم في أوطانِها


كمثل النجمة العلياء تزهو تراها العين لسكن لا تطال



التدريب (2): حدد/ي القافية في الأبيات التالية وسمي حروفها


البيت
القافية
الحروف
إذا لم تكن حافظا واعيًا فجمعك للكُتْبِ لا يَنْفَعُ
يَنْفَعُوْ
العين (الرَّوِِيّ)- الواو(الْوَصْل)
وكن في الطريق عفيفَ الخطى شريفَ السماع كريم النَّظَرْ

ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ


إن القناعة من يحلل بساحته لم يلق في دهره شيئًا يُؤَرِّقُهُ



المراجع

  1. ^ أ ب حصّة الرشود، علم القافية.pdf مقرر علم القافية، صفحة 29. بتصرّف.
  2. ^ أ ب
  3. محمد بن عثمان، المرشد الوافي في العروض والقوافي، صفحة 152. بتصرّف.
  4. أيمن العمري، مقرر القافية، صفحة 2. بتصرّف.
  5. سعيد الأخفش، القوافي، صفحة 11. بتصرّف.
  6. أبي يعلى التنوخي، القوافي، صفحة 72. بتصرّف.
  7. أحمد الهاشمي، ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، صفحة 1-2. بتصرّف.
  8. ^ أ ب