النداء هو طلب الإقبال بحرف من حروف النداء، وأشهرها: (يا، الهمزة، أيْ)، فنقول: (يا زيدُ - أَزيدُ - أيْ زيدُ)، وحُكم المنادى هو النصب، فأصل جملة "يا زيدُ" هو "أُنادي زيدًا"، ثمَّ حُذِفَ الفعل (أُنادي) ونابت عنه (يا)، ويأتي المنادى على أشكال عدة، مثل الندبة والاستغاثة والترخيم، وفي هذا المقال تعريف عن الترخيم في النداء وبيان شروطه وأحكامه.[١]


تعريف الترخيم في النداء

هو حذف حرف أو أكثر من آخر الاسم المُنادى، والمنادى الذي يُحذف آخره يُسمى مرخمًا، على نحو قول (يا فاطمُ) فهنا حذفت التاء المربوطة في آخر الاسم (فاطمة)، والغرض من الترخيم هو التخفيف، ولا يكون إلا في النداء.[٢]


شروط الترخيم في النداء

لا يصحّ ترخيم المُنادى إلا بعد أن تجتمع فيه شروط عامة وخاصة، لا بدَّ من توافرها فيه سواءً أكان مجردًا من تاء التأنيث أو مختومًا بها، وفيما يأتي توضيح لهذه الشروط:[٣][٤]


الشروط العامة

  • أنْ يكونَ المُنادى معرفة: سواء أكان علمًا أو نكرة مقصودة، مثل: (يا جعفَر: يا جعفَ)، (يا صاحبي: يا صاحِ)، ولا يصح ترخيم النكرة غير المقصودة.

النكرة المقصودة هي التي يُقصد بها معيَّن فتتعرف بالنداء، مثل: (يا مهندسون)، أمَّا النكرة غير المقصودة فهي التي لا يُقصد بها معيَّن، كقول الخطيب: (يا غافلًا تنبّه).[٥]


  • ألا يكونَ المنادى مستغاثًا: والاستغاثة هي نوع من أنواع النداء، لأنَّك توجّه صرختك إلى مَنْ يُعينك على دفع شدة واقعة، وهي تتكون من حرف النداء "يا" ولا يُستعمل فيها غيره، وبعدها الاسم الذي تستغيثه (المُستغاث) مجرور بلام أصليّة مبنية على الفتحة على الأغلب، ثم الاسم المُستغاث له مجرور بلام أصلية مبنية على الكسرة، مثل: (يا للمؤمنِ للمظلومِ)،[٦] فلا يُرخم المستغاث، أمَّا إذا حُذفت اللام الداخلة عليه جاز ترخيمه، ومن الجدير بالذكر أنَّه إذا حذفت لام الجر من المُستغاث جاز أن نعوض عنها بألف في آخره، مثل: (يا لصالح لمحمود) فعند حذف اللام تصبح: (يا صالحا لمحمود) وفي هذه الحالة يجوز ترخيمه فيصبح: (يا صالا لمحمود).


  • ألا يكون المنادى مندوبًا: والندبة أيضًا نوع من أنواع النداء، لأنَّها نداء موجّه للمتفجع عليه أو المتوجع منه، والحرف المُستعمل في الندبة غالبًا هو (وا)،[٧] مثل: (وامعتصم، أين أنتَ؟)، (واعبلة ما صنعت بك الأيام؟).


  • ألا يكون مضافًا ولا شبيهًا به: من أمثلة المضاف: (يا أهل العلم، عالم ذو همة يحيي أُمة)، ومن أمثلة الشبيه بالمُضاف: (يا بخيلًا بماله، أنتَ تشقى، وغيرك يسعد).


  • ألا يكونَ مركبًا تركيبًا إسناديًا: مثل: (فتح الله)، (تأبط شرًا).


الشروط الخاصة

هذه الشروط يجب توافرها في القسم المجرد من تاء التأنيث:

  • أن يكونَ علمًا.
  • أن يكون على أكثر من ثلاثة أحرف، فلا يصح ترخيم العلم الثلاثي الخالي من تاء التأنيث مُطلقًا، مثل: (رجب، سعد).
  • أن يكون مبنيًا على الضم، أي أن يكون مفردًا، فلا يصح ترخيم (يا محمدان) أو (يا محمدون).


*أمَّا المنادى المختوم بالتاء يصح ترخيمه مطلقًا، سواء أكان:*

  • علمًا لمؤنث: (يا فاطمة: يا فاطم).
  • علمًا لمذكر: (يا حمزة: يا حمز).
  • نكرة مقصودة: (يا جارية: يا جاري).
  • ثلاثيًا أو أكثر: (يا هبة: يا هبَ)، (يا ماجدة: يا ماجد).


لغتا الترخيم

يجوز في المرخَّم لغتان:[٨][٩]


لغة مَنْ ينتظر

أي مَنْ ينتظر الحرف المحذوف ويعتبره كأنَّه موجود، فيُبقِي آخر المرخم بعد الحذف على ما كان عليه قبل الحذف من ضمة أو فتحة أو كسرة، وتُقدر حركة البناء على الحرف المحذوف، مثل:

  • يا سالِم: يا سالِ.
  • يا جعفَر: يا جعفَ.
  • يا فاطمَة: يا فاطمَ.


ونقول في إعرابه:


الجملة
الإعراب
يا أحمَ لا تهملْ واجباتَكَ.
(أصلها يا أحمدُ...)
يا: حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
أحمَ: مُنادى مفرد علم، مبني على الضمة المقدرة على الدال المحذوفة للترخيم، في محل نصب.
لا: حرف نهي وجزم مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
تهملْ: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنتَ.
واجباتَكَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة وهو مضاف، والكاف: ضمير متّصل مبني على الفتحة في محل جر مضاف إليه.
يا صاحِ.
(أصلها يا صاحِبُ)
يا: حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
صاحِ: منادى مبني على الضمة المقدرة على الباء المحذوفة للترخيم، في محل نصب.
أيْ فاطمَ.
أيْ: حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
فاطمَ: منادى مبني على الضمة المقدرة على التاء المحذوفة للترخيم، في محل نصب.


لغة مَنْ لا ينتظر

أي مَنْ لا ينتظر الحرف المحذوف، ويعتبر آخر المرخم هو آخر حرف، فيُبنى على الضم، كما في الأمثلة التالية:


الجملة
الإعراب
يا فاطمُ.
يا: حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
فاطمُ: منادى مبني على الضم في محل نصب.
يا حارُ.
(أصلها يا حارِثُ)
يا: حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
حارُ: منادى مبني على الضم في محل نصب.


أقسام المحذوف في الترخيم

ما يُحذف من آخر المنادى عند ترخيمه:[١٠][١١]

  • أن يكون المحذوف حرفًا واحدًا: يُحذف حرف واحد في حال توافرت الشروط المذكورة سابقًا، ولا يوجد شروط أُخرى.


  • أن يكون المحذوف حرفين: وذلك في حال توافرت الشروط المذكورة سابقًا، مزيدًا عليها أن يكون المنادى علمًا مجردًا من تاء التأنيث، وأن يكون الحرف الذي قبل الأخير معتلًا، وأن يكون زائدًا لا أصليًا، وأن يكون رابعًا فصاعدًا، مثل: (يا عمران: يا عمر)، (يا خلدون: يا خلد)، (يا منصور: يا منصُ)، أمَّا كلمة مثل (مختار) لا يجوز فيه الترخيم، لأنَّ الألف ليست زائدة بل أصلية منقلبة عن ياء.

ولا يصح في هذا القسم المستوفي للشروط الاقتصار على حذف الحرف الأخير وحده، وإنَّما يجب أن يُحذف معه الحرف الذي قبله أيضًا،

إلا إذا كان المنادى المرخم مختومًا بتاء التأنيث، فتُحذف التاء فقط، مثل: (يا سلحفاة - يا سلحفا / يا عقبناة - يا عقبنا؛ وهي صفة للطيور الجارحة)، وعليه فإنَّ الترخيم بحذف آخر المنادى أمر اختياري، لكن إذا اخترنا الحذف في القسم الثاني المستوفي للشروط، وَجبَ حذف آخر حرفين، وليس آخر حرف فقط.


  • أن يكون المحذوف كلمة برأسها: وذلك في المركب تركيبًا مزجيًا، ويكون الترخيم بحذف عجزه، مثل: (يا معدي كرب: يا معدي)، (يا سيبويه: يا سيبَ)، ويُعرب كالتالي: مُنادى مرخم مبني على الضم المقدر على آخره المحذوف للترخيم في محل نصب.


المراجع

  1. خالد عبد الرحمن، النحو التطبيقي، صفحة 441. بتصرّف.
  2. كاملة الكواري، التطبيق الإعرابي على كتاب الوسيط في النحو، صفحة 333. بتصرّف.
  3. عباس حسن، النحو الوافي، صفحة 102 - 104. بتصرّف.
  4. كاملة الكواري، التطبيق الإعرابي على كتاب الوسيط في النحو، صفحة 333. بتصرّف.
  5. خالد عبد الرحمن، النحو التطبيقي، صفحة 443. بتصرّف.
  6. عبده الراجحي، التطبيق النحوي، صفحة 285. بتصرّف.
  7. عبده الراجحي، التطبيق النحوي، صفحة 289. بتصرّف.
  8. الدكتور عبده الراجحي، التطبيق النحوي، صفحة 285. بتصرّف.
  9. كاملة الكواري، التطبيق الإعرابي على كتاب الوسيط في النحو، صفحة 334. بتصرّف.
  10. كاملة الكواري، التطبيق الإعرابي على كتاب الوسيط في النحو، صفحة 334 - 335. بتصرّف.
  11. عباس حسن، النحو الوافي، صفحة 105 106 . بتصرّف.