يعدّ بحر المجتث بحرًا موسيقيًا مُطربًا، أحبه الشعراء وطربوا له، وكتبوا فيه شعر المسرحيات تحديدًا، عُرف بالعصر العباسي، وانتشر في تلك الحقبة الزمنية، حيث كتب فيه الشعراء العباسيون مقاطع شعرية كانت تغنى على الأغلب، وكان انتشاره في الشعر العربي قليلًا حتى جاء المحدثون وأكثروا من النظم على وزنه، وكان حافظ إبراهيم من أكثر الشعراء نظمًا على موسيقى البحر المجتث، وسنتناول في مقالنا هذا البحر وإبانة أوزانه.[١]


سبب تسمية البحر المجتث

سمى الخليل بن أحمد الفراهيدي بحر المجتث بهذا الاسم لأنه اجتث، أي قطع من طويل دائرته، وقال آخرون إنه سمّي بهذا الاسم؛ لأنه اجتث من الخفيف بإسقاط تفعيلته الأولى، وهو كالبحر المضارع والبحر المقتضب يأتي مجزوءًا وجوبًا، وهو في واقع الأمر عبارة عن قلب مجزوء الخفيف، وهنا مثال لتوضيح الأمر:

وزن مجزوء البحر الخفيف:


فاعِلاتُن مُسْتفْعِلُن
فاعِلاتُن مُسْتفْعِلُن


بينما وزن البحر المجتث والذي يأتي مجزوءًا:


مُسْتفْعِلُن فاعِلاتُن
مُسْتفْعِلُن فاعِلاتُن




وقد رأى البستاني أن بحر المجتث بحر قصير خفيف لا يصلح في نظمه إلا للغناء والإنشاد والتواشيح الخفيفة.[٢]




وزن بحر المجتث

جاء وزن المجتث في الدوائر العروضية على النحو الآتي:


مُسْتفْعِلُن فاعِلاتُن فاعِلاتُن
مُسْتفْعِلُن فاعِلاتُن فاعِلاتُن
- - ب - / - ب - - / - ب - -
- - ب - / - ب - - / - ب - -


ولكنه لا يستعمل إلا مجزوءًا وجوبًا، وأما وزنه فهو:


مُسْتفْعِلُن فاعِلاتُن
مُسْتفْعِلُن فاعِلاتُن
- - ب - / - ب - -
- - ب - / - ب - -


زحافات بحر المجتث

تدخل الزحافات في البحر المجتث في كلّ من عروضه وضربه وحشوه، وهي على النحو الآتي:[٣]


زحاف عروض بحر المجتث

تفعيلة العروض في البحر المجتث هي "فاعِلاتُن" وتقطيعها العروضي (- ب - - )، وتأتي هذه التفعيلة مخبونة، فيجوز فيها الخبن، أي حذف ألف المقطع الأول، أي السبب الخفيف، وبهذا يصبح وزن التفعيلة المخبونة "فَعِلاتُن" وتقطيعها العروضي (ب ب - -).

مثال ذلك:


البيت الشّعري
نعيم كلّ محبٍّ
وبؤسهُ وأساهُ
التقطيع الصـوتيّ
ن عي م كل ل م حب بن
و بؤ س هو و أ سا هو
التقطيع العروضي
ب - ب - ب ب - -
ب - ب - ب ب - -
المقاطع العروضيّة
ب - ب - / ب ب - -
ب - ب - / ب ب - -
التفعيلات العروضيّة
مُتَفْعِلُن فَعِلاتُن
مُتَفْعِلُن فَعِلاتُن


زحافات أضرب بحر المجتث

الضرب في بحر المجتث يأتي "فاعلاتن" وتقطيعه العروضي (- ب - -)، ويجوز أن يأتي الضرب مخبونًا كما جاء في العروض من البحر المجتث، وذلك بحذف الألف في المقطع الأول لتصبح "فَعِلاتن" وتقطيعها العروضيّ (ب ب - -).

كما يدخل في أضرب البحر المجتث زحاف التشعيث، ويقصد به حذف حرف العين من التفعيلة الرئيسة فاعلاتن لتصبح "فالاتن" وتقطيعها العروضي (- - -).

مثال على الضرب المخبونة:


البيت الشّعري
ولو علقت بسلمى
علمتَ أنْ ستموتُ
التقطيع الصوتيّ
و لو ع لق ت ب سل مى
ع لم ت أن س ت مو تو
التقطيع العروضي
ب - ب -/ ب ب - -
ب - ب - ب ب - -
المقاطع العروضيّة
ب - ب - / ب ب - -
ب - ب - / ب ب - -
التفعيلات العروضيّة
متفعلن فعِلاتن
متفعلن فعِلاتن


مثال على زحاف التشعيث:


البيت الشّعري
الغيد زهرٌ أنيق
تعدّدت ريّاهُ
التقطيع الصوتيّ
ال غي د زهـ رن أ ني قن
ت عد د دت ري يا هو
التقطيع العروضي
- - ب - - ب - -
ب - ب - - - -
المقاطع العروضيّة
- - ب - / - ب - -
ب - ب - / - - -
التفعيلات العروضيّة
مستفعلن فاعلاتن
مُتفعلن فالاتن


زحاف الحشو في البحر المجتث

يأتي الحشو على وزن "مستفعلن" وتقطيعها (- - ب -)، ويجوز فيها أن تأتي مخبونة فقط، أي حذف الحرف الثاني الساكن، وهو السين، فتصبح (متفعلن) وتقطيعها (ب - ب -).

مثال على تفعيلة الحشو المخبونة:


البيت الشّعري
وقادني حبّ ريمٍ
مهفهف الكشح رُودِهْ
التقطيع الصوتيّ
و قا د ني حب ب ري من
م هف ه فل كش ح رو ده
التقطيع العروضي
ب - ب - - ب - -
ب - ب - - ب - -
المقاطع العروضيّة
ب - ب - / - ب - -
ب - ب - / - ب - -
التفعيلات العروضيّة
متفعلن فاعلاتن
مُتفعلن فاعلاتن


المراجع

  1. إبراهيم أنيس، موسيقى الشعر، صفحة 113. بتصرّف.
  2. غازي يخمور، بحور الشعر العربي، صفحة 189. بتصرّف.
  3. عبد العزيز عتيق، علم العروض والقافية، صفحة 115. بتصرّف.