يدخل الفعل (كان) على الجملة الاسمية (المبتدأ والخبر)، وهو فعل ناسخ ناقص، وسُمِّي ناسخًا لأنه ينسخ المبتدأ والخبر، أو -بمعنى آخر- يغيّر من حكم المبتدأ فيسمّى اسم كان ويبقى مرفوعًا، وينصب الخبر ويسمّى خبر كان، مثل: (كان الطعامُ باردًا)، وسمِّي ناقصًا لسببين؛ لأنه لا يتمّ المعنى باسمه فلا يكتفي بوجود اسمه المرفوع فقط، بل يحتاج إلى خبر يخبر عن اسمه، إذ لا يكتفي المتكلم أو السامع إن سمع بعبارة: (كانَ الطعامُ) بل ينتظر إتمامًا للجملة، وأيضًا لأن الفعل (كان) لا يدل على حدث بل على زمان فقط.[١]


وردت في اللغة العربية شواهد كثيرة تدل على حالات حذف كان وحدها من جملتها، وحالات تُحذف مع اسمها، وورد أيضًا ما يدل على حذف كان مع اسمها وخبرها ولكنه أمر نادر، وفي الآتي توضيح لهذه الحالات.[٢]


حذف كان وحدها

رغم أنّ الأصل في جملة (كان) أن تأتي (كان) مع اسمها وخبرها، ولكنها قد تحذف من الجملة وحدها دون حذف اسمها وخبرها ويُعوَّض عنها بـ (ما) الزائدة،[٣] وهو استعمال نادر، وفي ما يلي مثالان لزيادة التوضيح:[٤][٥]


  • قول الشاعر: أبا خراشة، أمّا أنتَ ذا نفرٍ فإنَّ قومي لم تأكلْهم الضَّبُعُ

وأصل الجملة هي: أنْ كُنتَ ذا نفرٍ، والمحذوف هنا (كان) وحدها، وتعوِّض عنها (ما) الزائدة، ويبقى اسمها وخبرها، أمّا عن التغييرات فهي كالآتي:

  • حذِفت (كان) فصار الضمير منفصلًا (أنتَ): أنْ أنتَ
  • جيء بـ ((ما) الزائدة عوضًا عن (كان) المحذوفة: أنْ ما أنتَ
  • أُدغِمَت نون (أنْ) مع ميم (ما): أمّا أنتَ ذا


نموذج في الإعراب: وعليهِ فيكون إعراب جملة (كان) السابقة كما يلي:

  • أمّا: مكونة من (أنْ) المصدرية و(ما) الزائدة عوضًا عن (كان) المحذوفة.
  • أنتَ: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع اسم كان المحذوفة.
  • ذا: خبر كان المحذوفة منصوب وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الستة


  • أمَّا أنتَ محترفًا فأنتَ مشهورٌ.

ويقدّرها علماء اللغة بأنها: (أنتَ مشهورٌ لِأَنْ كنتَ محترفًا)، ويشار إلى أنّ استعمال هذا النمط وحذف كان دون اسمها وخبرها له شروط، هي:

  • تقديم السبب على النتيجة: والسبب هنا هو الاحتراف (لِأَنْ كنتَ محترفًا)، والنتيجة هي الشهرة (فأنت مشهور).
  • حذف لام الجر المتصلة بـ (أنْ) المصدرية؛ وذلك للتخفيف: (أنْ كنتَ محترفًا).
  • حذف (كان) وتعويضها بـ (ما) الزائدة، ثمّ إدغامها في نون (أنْ): أمّا
  • يصبح الضمير المتصل بـ (كان) ضميرًا منفصلًا، وتصير الجملة: (أمَّا أنتَ محترفًا، فأنتَ مشهورٌ).


نموذج في الإعراب: تُعرب جملة (كان) السابقة كما يلي:

  • أمّا: أنْ حرف مصدري مبني على السكون لا محل لها من الإعراب، وأُدغِمَت في (ما) الزائدة عوضًا عن كان المحذوفة.
  • أنتَ: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع اسم كان المحذوفة.
  • محترفًا: خبر كان المحذوفة منصوب وعالمة نصبه الفتحة الظاهرة.


حذف كان مع اسمها

كثيرًا ما نستعمل في حياتنا اليومية كلامًا نحذف فيه كان واسمها، ويبقى خبرها، ويُفهم المعنى من السياق، وفي ما يلي بيان للحالتين اللتين يجوز فيهما حذف كان مع اسمها:[٤][٥]

  • بعد (إنْ) الشّرطية، مثل (كل إنسانٍ محاسبٌ على عمله؛ إن خيراً فخير، وإن شراً فشر)، وتقدير الكلام (إن يكن عمله خيراً فخير، وإن يكن عمله شراً فشرٌ)، وإعراب الجملة كالآتي:
  • إن: حرف شرط مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
  • خيراً: خر كان المحذوفة منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح، واسمها محذوف أيضاً.
  • وبعد (لو) الشرطية، على نحو (أعطني ولو درهماً)، وتقدير الكلام: (ولو كان عطاؤك درهماً) فحُذِفت هنا (كان) واسمها عطاؤك، وإعراب الجملة كالآتي:
  • لو: حرف شرط مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
  • درهماً: خبر كان المحذوف منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح، واسمها محذوف أيضاً.


حذف كان واسمها وخبرها

كما ورد في كلام العرب ما يدلّ على جواز حذف جملة (كان): كان واسمها وخبرها، بشرط أن يدلّ عليها سياق الحديث، ومن أبرز الشواهد على ذلك قول الشاعر:

قالت بناتُ العمِّ: يا سلمى، وإن كانَ فقيرًا مُعدِمًا، قالت: وإن

وتقدير القول أنها قالت: أتزوجُهُ وإن كانَ فقيرًا معدمًا، فحُذِفَت (كان) واسمها ضمير مستتر محذوف تقديره (هو)، وخبر كان محذوف أيضًا تقديره معدمًا.[٤]


تدريبات

التدريب الأول: بيّن المحذوف من أركان جملة كان في الجمل الآتية مبيِّنًا تقدير القول، ثمّ أعرب ما تحتها خطّ:

  1. اقرأ من الجريدة كلَّ يوم ولو صفحةً.
  2. أعطني ولو دينارًا.
  3. أخطأ رجل بحقِّ أخيه، فقال له: هل تسامحني إن كنتُ أخطأتُ؟ فقال: وإنْ.
  4. قال الشاعر: وأحضرْتُ عُذري عليهِ الشُّهودَ، إنْ عاذرًا لي وإن تاركًا
  5. أمّا أنتَ كريمًا فأنتَ محبوبٌ.


التدريب الثاني: وظِّف جملة من إنشائك تحذف منها كان واسمها جوازًا بعد (لو) أو (إنْ) الشَّرطيَّتين.


المراجع

  1. محمود المغالسة، النحو الشافي، صفحة 192. بتصرّف.
  2. عبده الراجحي، التطبيق النحوي، صفحة 115. بتصرّف.
  3. ابن هشام الأنصاري، شرح قطر الندى وبلّ الصدى، صفحة 139. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت د محمود مغالسة، النحو الشافي، صفحة 200. بتصرّف.
  5. ^ أ ب عبده الراجحي، التطبيق النحوي، صفحة 115-116. بتصرّف.