نشأة علم الصرف

تجدر الإشارة بداية أن علم الصرف لم يكن علماً قائماً بذاته في البداية، حيث كانت الدراسات والموضواعت الصرفية متداخلة مع الموضوعات النحوية، إذ إنّ علوم اللغة العربية لم تكن مفصولة ولم يتم تحديد فصولها ومباحثها بل كانت جميعها تحت مظلة علم اللغة.[١]


يمكن تقسيم تاريخ نشأة علم الصرف إلى مرحلتين بيانهما في الآتي:


المرحلة الأولى: التي بدأت قبل أن يؤلف سيبويه كتابه


لم يُعرف من تكلم في الموضوعات الصرفية أولاً، ولكن تذكر الروايات أن علياً بن أبي طالب هو أول من تكلم في الصرف، حيث انتبه إلى وجود خطأ في بعض أبنية الكلمات فوضع بابين في علم الصرف وكانا أساسًا لهذا العلم.[١]


بينما تذكر روايات أخرى أن أول من وضع علم الصرف وبحث فيه؛ هو معاذ بن مسلم الفراء المولود عام 187 هـ، ويستدلّ على هذا القول في رواية السيوطي التي تقول (كان أبو مسلم مؤدب عبد الملك بن مروان قد جلس إلى معاذ فسمعه يناظر رجلاً، ويقول له: كيف تقول من: (تؤزهم أزا) : (يا فاعل افعل))...، وقد علق السيوطي على هذه الرواية بقوله: (ومن هنا لمحت أنّ أول من وضع علم الصرف معاذ هذا).[١]


المرحلة الثانية: يبدأ بعد أن أنهى سيبويه كتابه


كما أشير سابقاً أن علم الصرف لم يكن علماً منفصلاً وحده، حيث جمع سيبويه مسائل الصرف ووضع قوانينه دون التفرقة بينه وبين علوم اللغة الأخرى، وبهذا يعد (الكتاب) لسيبويه أول مؤلّف في علم الصرف -وإن لم يبوّب مسائله منفصلةً كما فعل المتأخرون-.[١]


ولكن يضيف شوقي ضيف أن الكثير من المسائل اللغوية الموجودة في كتاب سيبويه هي بفضل أستاذه الخليل بن أحمد الفراهيدي وعلمه الغزير، فيقول: (ونستطيع أن نقول في إجمال إن جمهور ما يصوره سيبويه في كتابه من أصول النحو التصريف وقواعدهما؛ إنما هو من صنيع أستاذه، ولا ينكر أحد ما لسيبويه من إكمال في العلمين وتتميم، ولكن من المهم أن واضع تخطيطهما وراسم لوحتيهما إنما هو الخليل، يتضح ذلك من محاوراته التي لا تكاد تنتهي مع تلميذه، والتي تدور فيها مصطلحات النحو والصرف وأبوابهما).[٢][٣]


وبعد ذلك ظهرت مؤلفات أخرى عَنَتْ بموضوع الصرف، أهمها كتاب (التصريف) لأبي عثمان المازنيّ، ويعدّ أقدم كتاب تمّ إفراد التصريف فيه بالبحث، ومن الكتب الأخرى التي تضمنت التصريف بشكل رئيسي حتى نهاية القرن الرابع الهجريّ:[١]

  • التصريف لعلي بن حسن الأحمر.
  • التصريف لأبي زكريا يحيى بن زيادة الفراء.
  • التصريف لأبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش الأوسط.
  • الأبنية والتصريفلأبي عمر الجرمي.


الخلاصة

نستنتج أن الصرف في البداية لم يكن علماً قائماً بذاته، توجد العديد من الروايات حول بداياته؛ فقيل إن أول من تكلم فيه هو علي بن أبي طالب، بينما تذكر روايات أخرى أنّ معاذ بن الهراء هو الواضع الأول لعلم الصرف، كما توجد أقوال تشير إلى أن (الكتاب) لسيبويه كان أول مؤلّف احتوى مسائل صرفية على الرغم من أنه لم يُفرد للصرف تبويباً منفردًا، وهناك من يرجع أن الكثير من المسائل الموجودة في (الكتاب) من بينها المسائل الصرفية، ما هي إلا من ثمرة أفكار أستاذ سيبوبه الخليل بن أحمد الفراهيديّ.[٤]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج أحمد مصطفى، علم الصرف تطوراته ونظرياته والاستفادة منه لتعليم اللغة العربية، صفحة 1. بتصرّف.
  2. محمد عيد حسن ، دور مدرسة الكوفة في نشأة علم الصرف، صفحة 15-16. بتصرّف.
  3. شوقي ضيف، كتاب المدارس النحوية، صفحة 34. بتصرّف.
  4. سميرة حيدا، علم الصرف لبنات وأسس، صفحة 3. بتصرّف.