ما هي عيوب القافية؟

تمثل القافية النهاية الإيقاعية للبيت الشعري، وهذا الإيقاع ينبغي أن يستمر في تدفقه المتناسق على طول القصيدة، فإذا خرج الإيقاع عن السياق أو اضطرب كان ذلك عيباً في القافية، ومن هنا استُحدث مفهوم عيوب القافية.[١]


وأقسام عيوب القافية تأتي على هذا النحو:[٢]

  • ما يتعلق بحرف الروي؛ (الإجازة، الإكفاء).
  • ما يتعلق بالمجرى؛ (الإصراف، الإقواء).
  • ما يتعلق بآخر كلمة في البيت؛ (الإيطاء، التضمين).
  • ما يتعلق بما قبل الروي من الحروف والحركات ويسمى السِّناد؛ (سناد التأسيس، سناد الإشباع، سناد التوجيه).


وفي الآتي توضيح لعيوب القافية:[٣]


الإجازة

تُعرّف الإجازة بأنّها اختلاف حرف الروي مع تباعد المخارج ما بين حروف الروي، على نحو قول الشاعر:


خليليّ، سيرا، واتركا الرحل إنّني *** بمهــلكةٍ، والعـــاقبات تـــدورُ

فَبَيْناه يُـشري رَحْــلَه، قــال قائــل *** لِمن جملٌ رِخوُ المِلاط نجيبُ؟




نلاحظ أن روي البيت الأول هو؛ الراء، وروي البيت الثاني هو؛ الباء، والحرفان (الراء - الباء) مختلفان ومتباعدان في المخرج.




الإكْفَاء

هو الاختلاف بحرف الروي والاتفاق بالمخرج، ومن أمثلته قول الشاعر:


إذا نزلت فاجعلاني وسطا

إني شيخ لا أطيق العَندا




الروي في البيت الأول هو الطاء، بينما الروي في البيت الثاني هو الدال.

و(الطاء - والدال) يخرجان من مخرج واحد؛ وهو طرف اللسان مع أصول الثنايا.




الإقواء

وهو تحريك المجرى بحركتين مختلفتين غير متباعدتين، مثل الكسرة والضمة، نحو قول (فوارسُ - مدراسِ)، ويقول النابغة الذبياني في قصيدته (أمن آل مية رائح أو مغتدي):


أَمِن آلِ مَيَّةَ رائِحٌ أَو مُغتَدِ *** عَجلانَ ذا زادٍ وَغَيرَ مُزَوَّدِ

زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحلَتَنا غَداً *** وَبِذاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسوَدُ




نلاحظ أن حركة الروي في البيت الأول، (مزودِ) هي الكسر، بينما حركة الروي في البيت الثاني، (الأسودُ) هي الضم.




الإصراف

وهو الجمع بين حركتين مختلفتين متباعدتين، من الفتح إلى غيره، أو من غير الفتح إلى الفتح، على نحو قول (قدرُ - وعبرا)، والفتحة والكسرة، على نحو (رداءَ - وبناءِ)، حيث يقول الشاعر:


ألم ترني رددْتُ على ابن ليلى *** مُنيحته فعجّلتُ الأداءَا

وقلتُ لشاته لمّا أتتنا *** رماكِ الله من شاةٍ بداءِ




نلاحظ أن الروي الهمزة في البيت الأول حركتها الفتحة (الأداءَ)، بينما في البيت الثاني فحركة الهمزة (بداءِ) الكسرة.




الإيطاء

هو أن تتكرر كلمة الروي بلفظها ومعناها في قصيدة قبل مرور سبعة أبيات على استخدامها، على نحو قول الشاعر:


لقد هتفتْ في جنح ليل حمامة *** على فننٍ وهناً وإني لنائمُ

أأزعم أني هائم ذو صبابة *** لسعدى ولا أبكي وتبكي الحمائمُ

كذبتُ وبيت الله لو كنت عاشقاً *** لما سبقتني بالبكاء الحمائمُ




تكررت كلمة (الحمائم) لفظاً معنى.




التضمين

وهو تعلق قافية البيت بصدر البيت الذي يليه، على نحو:


وهم وروا الجِفاز على تميمٍ *** وهو أصحاب يوم عكاظ إنّي

شهدتُ لهم مواطن صادقاتٍ *** شهدْن لهم بحسن الظن مني




نلاحظ أن (شهدت)، صدر البيت الثاني؛ هي خبر (إنّ).

و(إني) هي القافية في البيت الأول.




السناد

وهو اختلاف ما يراعى قبل الروي من الحروف والحركات، وبيانه في الآتي:[٢]


  • سناد التأسيس: هو أن يكون بيت مؤسسًا وآخر غير مؤسس، مثل (يتجمَّل ويتجامل)، حيث يقول الشاعر:


أوليس منكم مُنصفٌ للحق يوماً واحداً

أعدمت فيكم عاقلاً مُتفتحاً مُسترشداً




نلاحظ في البيتين السابقين، أن الأول منهما جاءت القافيةُ فيها مؤسسة، وهي كلمة (واحداً)، وأمّا البيت الثاني فجاءت فيه القافية غير مؤسسة، وهي كلمة (مُسترشداً).

وألف التأسيس هي: الألف التي تسبق الروي، بشرط أن يفصلها حرفٌ دخيل.




  • سناد الإشباع: هو اختلاف حركة الدخيل بحركتين متقاربتين، مثل كسرة الهاء وفتحة العين في قولك: (مجاهِد وتباعَد)، وقد أجازوا الجمع بين الكسرة والضمة، حيث يقول الشاعر:


حلفتُ فلم أترك لنفسك ريبةً *** وهل يأثمن ذو إمة وهو طائِعُ

بمُصطحباتٍ من لصاف وثبرةٍ *** يزرن إلالاً سيرهن التدافُع




نُلاحظ أن الهمزة المكسورة في كلمة (طائع) جاءت دخيلة، وكذلك حرف الفاء المضموم في كلمة (التدافُع)، والاختلاف بين الحركتين يُسمّى بسناد الإشباع.




  • سناد التوجيه: هو اختلاف حركة الحرف الذي قبل الروي المُقيَّد؛ كفتحة اللام وضمتها في قولك: (حَلَمْ وحُلُمْ)، حيث يقول الشاعر:


أمّا الشباب فقد بَعُد *** ذهب الشباب فلم يَعُد

ويحي أمن بَعدِ السني *** ن وقد مررن بلا عَدَد



نلاحظ أن التوجيه في البيتين السابقين جاء في كلمة (يَعُد، عَدَد) فجاءت الكلمة الأولى مضمومة العين، وفي الثانية مفتوحة الدال، والاختلاف بين الحركتين يُسمّى بسناد التوجيه.




هل تضفي عيوب القافية معانٍ جمالية على القصيدة؟

يجب التنويه بداية بأنا لسنا أمام قاعدة نحوية تجيز أمراً وتخطئ أمراً، بل نحن أمام شعر ينبغي تذوقه وشرح أسرار حسنه، حيث يقول الخليل الفراهيدي: "الشعراء أمراء الكلام يصرفونه أنّى شاؤوا، ويجوز لهم ما يجوز لغيرهم"، أما نزار قباني فقال: "إن الشعراء -لا اللغويين ولا النحاة ولا معلمي الإنشاء- هم الذين يحركون اللغة ويطورونها ويحضرونها ويعطونها هوية العصر".[١]


وعليه فيرى بعض النقاد أنّ عيوب القافية؛ الإقواء، الإصراف، الإكفاء، الإجازة، تسمح للشاعر بأن يعبر عن هدفه وغايته والدلالة التي يقصدها بشكل أفضل، ولا بد من إعادة النظر في قول إنّ عيوب القافية يجب عدم الوقوع فيها،[١] فالشاعر لا ينكر أن الالتزام بالقافية تضفي موسيقية على الأسطر الشعرية، ولكنهم ينكرون كونها قد تعرقل عملية الإبداع، ويكدّ الشعراء في سبيل إخراج قصيدة سليمة القوافي.


المراجع

  1. ^ أ ب ت منال نجار، قراءة براغماتية مقامية لموسيقى القافية ورسمها، ديوان الأعشى أنموذجاً، صفحة 1574. بتصرّف.
  2. ^ أ ب أحمد الهاشمي، ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، صفحة 1. بتصرّف.
  3. إميل بديع يعقوب ، المعجم المفصل في علم العروض والقافية وفنون الشعر، صفحة 361-362. بتصرّف.