يندرج الإنشاء الطلبي في البلاغة تحت باب علم المعاني، والإنشاء الطلبي هو الذي يستدعي مطلوبًا غير حاصل في اعتقاد المتكلّم وقت الطلب، وأنواعه خمسة: الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمني، والنداء، ويُعرّف التمني على أنّه طلب الشيء المحبوب الذي لا يُرجى، ولا يتوقع حصوله، إمّا لكونه مستحيلًا، أو غير ممكن، والتمني قد يأتي لغرضه الأساسي الواضح، وقد يخرج إلى معان بلاغية، وهذا المقال سيوضّح الأغراض البلاغية التي يخرج إليها التمنّي.[١]


الأغراض البلاغية التي يخرج إليها التمني

إنّ اللفظ الموضوع للتمني في الأصل هو (ليتَ) والتي تفيد استحالة حدوث الشيء، كقول الشاعر: ألا ليتَ الشباب يعودُ يومًا، وقول آخر: فيا ليت ما بيني وبين أحبتي من البعد ما بيني وبين المصائب، ولكن هناك أغراض بلاغية يخرج إليها التمنّي باستخدام (هل ولو ولعلّ وعسى)، أو باستخدام أسلوب خبري لفظًا وإنشائي معنى وفيما يلي توضيح ذلك:[٢]


الجــــمــــلــــة
الغــــرض البــــلاغي الــــذي خــــرج إليــــه التمــــنـــي
قال تعالى:" فـــهــل لــنا من شفعـــاء فيشفعـــوا لــنا".[٣]
المقصود من التمني في الآية الكريمة هو إظهار التمني قريب الحدوث وذلك لأنّ التمني أتى باستخدام هل.
قال جرير:
" ولّى الشباب حميدةً أيامه *** لو كان ذلك يُشترى أو يرجعُ".
الغرض البلاغي الذي خرج إليه التمني في بيت الشعر السابق إظهار التمني بعيد ونادر الحدوث باستخدام أداة التمني لو.
قال الشاعر:
أَسرب القطا هل من يُعير جناحه *** لعلّي إلى من قد هويت أطيرُ؟
الغرض البلاغي الذي خرج إليه التمني هنا هو الترجي باستخدام أداة الترجي (لعلّ) والأمر نفسه لو استبدلت بعسى، كلاهما تفيدان الترجّي، مثل قولك: عسى الضيقُ أن ينفرج، فالتمني هنا يفيد الترجي.
قال شخص لصديقه الذي ساعده في حل الواجبات:" جزاكَ الله خيرًا".
هذه الجملة خبرية لفظًا ولكنها إنشائية في المعنى، لأنّ المعنى المراد منها أتمنى أن يجزيك الله خيرًا، فالتمني هنا خرج إلى غرض بلاغي هو الدعاء.


أمثلة تدريبية

مثال تدريبي (1)

هات ثلاثة أمثلة على شعر وردت فيه صيغة تمني:[٤]

  • فليت الليل فيه كان شهرًا *** ومرّ نهاره مرّ السحاب.
  • ألا ليت الشباب يعود يومًا *** فأخبره بما فعل المشيب.
  • فليت الشامتين به فــــــدوة *** وليت العمر مدّ له فطالا.
  • فليت الذي بيني وبينك عامرٌ *** وبيني وبين العالمين خراب.


مثال تدريبي (2)

هات مثالين على التمني مع توضيح المعنى الذي أفاده في كل منهما:

  • قال أبو الطيب: فليت هوى الأحبة كان عدلًا *** فحمل كلّ قلبٍ ما أطاقا.

خرج التمني هنا إلى معنى الترجي لأنّه مطموع في حصوله.


  • قال الشاعر: أيام الهوى هل مواضيكي عود *** وهل لشباب ضلّ بالأمس منشد.

هل هنا أفادت معنى التمني قريب الحدوث.


إضاءة

قد تخرج ليت من معنى التمني الذي تفيده أصلًا إلى معنى الترجي وهنا يكون التمني قد خرج إلى غرض بلاغي، كما في بيت أبي الطيب المتنبي السابق.


المراجع

  1. أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة، صفحة 87-70. بتصرّف.
  2. علي الجارم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، صفحة 206-207. بتصرّف.
  3. سورة الأعراف، آية:53
  4. عبد العزيز عتيق، علم المعاني، صفحة 112. بتصرّف.