يُعرّف التشبيه على أنّه عقد مماثلة بين أمرين، أو أكثر قصد اشتراكهما في صفة أو أكثر بالاستعانة بأداة لغرض يريده المتكلم، كأن تقول (الرجل كالأسد في قوّته) أو (حاتمٌ كالبحر في العطاء)، ويوجد عدّة أنواع للتشبيه،[١] كالتشبيه الضمني، والبليغ، والمقلوب، وسيتم الاقتصار في هذا المقال على الحديث عن التشبيه الضمنيّ.


التشبيه الضمني

يُعرّف التشبيه الضمنيّ على أنّه أحد أنواع التشبيه، وفيه لا يوضع المشبّه والمشبّه به في صورة من صور التشبيه المعروفة، بل يلمحان في التركيب، أي أنّ التشبيه لا يكون صريحاً في هذا النوع أو ظاهراً في الكلام بصورة مباشرة، بل على السامع أن يفهمه ضمناً بذكائه وفطنته،[٢][٣] وفيما يلي أمثلة توضيحيّة:


مثال
التوضيح
سيذكرني قومي إذا جَدَّ جِدُّهمْ *** وفي الليلة الظلماء يفتقد البـدرُ
في هذا البيت ضمّن الشاعر بيته بالتشبيه دون أن يصرح بمشبه ومشبه به،
فقد شبّه الشاعر حاله كحال البدر ينساه الناس في الليالي المقمرة، إذ لايشعرون بالحاجة إليه، ولكنهم في الليالي المظلمة يفتقدونه ويتمنون طلوعه، ولكنه لم يصرح بهذا التشبيه وإنما أورده في جملة مستقلة وضمّنه هذا المعنى في صورة برهان.
ضحوك إلى الأبطال وهو يروعهم *** وللسيف حد حين يسطو ورونق 
في هذا البيت لم يأتِ الشاعر بالتشبيه صريحاً، فحال الشاعر أنّه يضحك في غير مبالاة عند ملاقاة الشجعان و يفزعهم ببأسه وسطوته، وقد شبّه ذلك بحال السيف عند الضرب له رونق و فتك، ولكنه أتى بذلك ضمناً.


مزايا التشبيه الضمني

يمكن استنتاج مجموعة من المزايا الخاصة بالتشبيه الضمني اعتماداً على تعريفه وعلى المثالين المطروحين، وفيما يلي بيانها:[٤]

  • عدم ظهور أداة التشبيه أو وجه الشبه بشكلٍ واضحٍ صريح.
  • عدم وجود ارتباط مباشر بين المشبه والمشبه به كباقي انواع التشبيه، بل يمكن اكتشاف العلاقة من خلال المعنى الذي يكاد يخفيه التشبيه.
  • يعدّ أبلغ من غيره من أنواع التشبيه، كما أنّه أكثر تأثيراً في النفوس، وذلك لأنّه يعتمد على جانب التلميح ويكتفي به.
  • يمكن استخدامه بصورة واضحة في الحكم والمواعظ والأمثال.

تنويه: عادةً ما يُستخدم في جملتين متواليتين لكلّ منهما معناها المستقلّ، وقد تربط جملة المشبّه به بجملة المشبّه بحرف الواو، وذلك كما في البيت التالي:

تهون علينا في المعالي نفوسنا *** ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهر.

كما قد يربط جملة المشبّه به بجملة المشبّه بحرف الفاء، كما في البيت التالي:

فإن تفق الأنام وأنت منهم *** فإنّ المسك بعض دم الغزال.


مثال تدريبي

وضّح التشبيه في البيتين التاليين:


بيت الشعر
التوضيح
قد يشيب الفتى وليس عجبا *** أن يُرى النور في القضيب الرطيب
يبيّن البيت الشعري أنّ الشاب قد يعتريه الشيب في رأسه قبل المشيب، وليس هذا شيء غريب، فالغصن الندي الأخضر قد يظهر فيه الزهر قبل أوانه، فالشاعر هنا اتّبع تشبيهاً غير مصرح به، أي تشبيهاً ضمنياً، وذلك لإفادة أن الحكم الذي أُسند للمشبه (وهو وجود الشيب في رأس الشاب) أمر ممكن الوقوع.
لا تنكري عطل الكريم من الغنى *** فالسيل حرب للمكان العالي
يقول الشاعر إنّ المياه الهاطلة من السحب غزيرة الماء لا تستقر على قمم الجبال والمرتفعات، لأنها تنحدر للأسفل، فكذلك الرجل الكريم الذي حرم من الغنى لأنّ المال لا يستقر في يده بل ينحدر إلى غيره كرماً وعطاءً، فالشاعر هنا عبّر عمّا يريد باستخدام التشبيه الضمني.


المراجع

  1. أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، صفحة 219. بتصرّف.
  2. محمد أحمد قاسم، علوم البلاغة، البديع والبيان والمعاني، صفحة 173-174. بتصرّف.
  3. عبد العزيز عتيق، علم البيان، صفحة 102. بتصرّف.