قد يقول قائل عن أسفاره الكثيرة التي كان فيها الكثير من المغامرات والتجارب: "أسفاري كثيرة، ومغامراتي فيها متنوعة"، وقد يقول آخر: "أسفاري كثيرة، تؤلّف فيها مؤلفات لكثرة مغامراتي برًا وبحرًا وجوًا، وتُكتب فيها كتب عن الاختلافات الثقافية والاجتماعية والدينية بين الناس في كل بلد من البلاد التي زرتها"، إذا أعدتَ النّظر إلى الجملتين تجد أن المعنى واحد والفكرة ذاتها، ولكنّ الشخص الأوّل عبّر عن المعنى المراد بكلمات قليلة في حين أنّ الشخص الثاني عبر بكلمات أكثر لغاية التأكيد والإيضاح، وهذا ممّا يندرج تحت معنى الإطناب الذي يُعرّف على أنّه زيادة اللفظ على المعنى لفائدة، أو هو تأدية المعنى بعبارة زائدة عن متعارف عليه بين أوساط البلغاء، لفائدة تقويته، وتوكيده، وخير مثال على ذلك قوله تعالى: " قال ربّ إنّي وهن العظمُ منّي واشتعلَ الرأسُ شيْبا"،[١] ودلالة المعنى كَبُرت وجاءت الآية الكريمة لفائدة تقوية المعنى وتوكيده.[٢]


تعريف الإطناب وأمثلة عليه

سبقت الإشارة إلى أنّ الإطناب زيادة اللفظ على المعنى لفائدة، والجدول الآتي يطرح أمثلة توضَح معنى الإطناب والفائدة الحاصلة في كل حالة:[٣]


الجــــــــمــــلــــة
التــــــوضـــــيــــــح
قال تعالى:" ربّ اغفر لي ولوالديّ ولمن دخل بيتي مؤمنًا وللمؤمنين والمؤمنات".[٤]
في الآية الكريمة لفظ "لي ولوالدي" هو لفظ يدخل في عموم المؤمنين والمؤمنات، ولم تأتِ هذه الزيادة في اللفظ عبثًا وإنمّا لتزيد من قيمة الكلام، وترفع من معانيه.
قال النّابغة الجعدي:
ألا زعمت بنو سعدٍ بأنّي _ ألا كذبوا_ كبيرُ الســنّ فانـــي
جاء الإطناب في بيت شعر النابغة على هيئة الاعتراض، وهو أن يُؤتى في أثناء الكلام أو بين كلامين متصلين في المعنى بجملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب لغرض يقصد إليه البليغ، فجملة _ ألا كذبوا_ قد جاءت في بيت النابغة بين اسم إنّ وخبرها للإسراع إلى التنبيه على كذب من رماه بالكبر، وقد يكون من أغراض الاعتراض الإسراع إلى التنزيه، مثل: إنّ الله _ تبارك وتعالى _ لطيف بعباده، وقد يكون للدعاء نحو إنّي _ وقاك الله_ مريض.
قال الحطيئة:
تزور فتى يعطي على الحمد ماله ومن يُعط أثمان المحامِد يُحمدِ
فائدة الإطناب هنا التذييل، وهو تعقيب الجملة بجملة أخرى تشتمل على معناها توكيدًا لها، لأنّ معنى البيت قد تمّ في الشطر الأول، ثم ذيّل في الشطر الثاني للتوكيد، والتذييل في هذا المثال هو (ومن يعطِ أثمان المحاميد يُحمد) جارٍ مجرى المثل ومستقل بمعناه عمّا قبله.


مثال تدريبي (1)

وضّح الإطناب في قوله تعالى:" فوسوسَ إليه الشيطان، قال يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد ومُلكٍ لا يبلى":[٥] في قوله تعالى فوسوسَ إليه الشيطان كلام مجمل، ولكنّ ما تلاه من كلام وضّح هذه الوسوسة، وهذا النوع من الإطناب هدفه الإيضاح بعد الإبهام.[٦]


مثال تدريبي (2)

هاتِ مثالًا على الإطناب مع توضيح الغاية منه:

قال تعالى :" كلّا سوف تعلمون، ثمّ كلّا سوف تعلمون":[٧] في هذه الآية جاء الإطناب في الجملة الثانية وهو إطناب عن طريق التكرار والهدف منه تأكيد المعنى وتقويته.


للاستفادة يمكنك الاطلاع على مقال: "الإيجاز في البلاغة"، و"الإيجاز والإطناب والمساواة في البلاغة"


المراجع

  1. سورة سورة مريم ، آية:4
  2. أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة المعاني والبيان والبديع، صفحة 201. بتصرّف.
  3. علي الجارم ومصطفى أمين ، البلاغة الواضحة، صفحة 250-247. بتصرّف.
  4. سورة نوح، آية:28
  5. سورة طه، آية:120
  6. عبد العزيز عتيق، علم المعاني، صفحة 189. بتصرّف.
  7. سورة التكاثر، آية:4-3