يُستعمل أسلوب المدح في اللغة العربية للتعبير عن الإعجاب والاستحسان والتقدير لشيء أو شخص أو صفة، وعلى النقيض بالنسبة لأسلوب الذّم، فهو للتعبير عن الذم والاحتقار والازدراء، ولكل أسلوب أفعال معينة يتم استعمالها للتعبير عنه، وفي هذا المقال سنسلط الضوء على كيفيّة إعراب هذه الأفعال؛ أفعال المدح والذّم.


أساليب المدح والذم

تُقسم أساليب المدح والذّم في اللغة العربيّة إلى ثلاث مجموعات، هي:[١]

  1. نعمَ، بئسَ، ساءَ.
  2. حبّذا، لا حبّذا.
  3. ما جاء على وزن "فَعُل"، على نحو (شرُف، قبُح)، وفي الآتي مزيد من التوضيح عن كل مجموعة:


إعراب أفعال المدح والذم


المجموعة الأولى (نعمَ، بئسَ، ساءَ)

تتكون جملة المدح والذّم مع هذه المجموعة مما يأتي:[١]

  • فعل المدح أو الذم: وهي أفعال ماضية جامدة، أي لا تتصرف، فتلازم صورة الماضي ولا يأتي منها مضارع أو أمر، حيث إنَّ "نعمَ" يفيد المدح، أمَّا "بئس" و "ساءَ" يفيدان الذم.
  • الفاعل: له أربع حالات هي:[٢]


الحالة
مثال
أنْ يكونَ مُقترنًا "بأل".
ساء الصديقُ زيدٌ.
أنْ يكونَ مُضافًا إلى المُقترن "بأل".
بئس مصيرُ الأشرارِ السجون.
أنْ يكون ضميرًا مستترًا مفسَّرًا بنكرة منصوبة بعده على التمييز.
نعمَ مصاحبًا المخلصُ.
أنْ يكونَ اسمًا موصولًا، ما أو مَنْ.
بئسَ ما تفعل السرقة.


  • المخصوص بالمدح أو الذم: هو الاسم الذي قُصِدَ مدحه أو ذمه، ويجوز أنْ يتقدّمَ على الفعل، مثل: (محمدٌ نعمَ الصديقُ)، ويجوز حذف المخصوص إذا كان مفهومًا من الكلام، مثل قوله تعالى: (ولنعمَ دارُ المُتقين)،[٣] تقدير المخصوص المحذوف هو (الدار الآخرة).


أمثلة توضيحية على (نعم، بئس، ساء)


الجملة
الفعل
الفاعل
نوع الفاعل
المخصوص
ساءَ غلامُ القومِ زيدٌ.
ساءَ
غلامُ القومِ
مُضاف إلى المُقترن بأل
زيدٌ
نعمَ الابنُ البارُّ.
نعمَ
الابنُ
مقترن بأل
البارُّ
بئسَ خُلقًا الرياءُ.
بئسَ
ضمير مستتر
مُفسر بنكرة
الرياءُ
بئسَ ما تسعى إليه الدمارُ.
بئسَ
ما
اسم موصول
الدمارُ


نماذج إعرابية على (نعم، بئس، ساء)

فيما يلي توضيح لكيفية إعراب جملة المدح والذّم:[٤]


الجملة
الإعراب
نعمَ الرجلُ الصادقُ.
نعمَ: فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
الرجلُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
والجملة الفعليّة في محل رفع خبر مُقدّم.
الصادقُ: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.(المخصوص بالمدح)

بئسَ جليسًا النمامُ.
بئسَ: فعل ماضٍ جامد لإنشاء الذّم مبني على الفتحة الظاهرة على آخره، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو.
والجملة الفعليّة في محل رفع خبر مُقدّم.
جليسًا: تمييز منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
النمامُ: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
ساءَ عدوُّ الإنسانيّةِ الظلمُ.
ساءَ: فعل ماضٍ جامد لإنشاء الذّم مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
عدوُّ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.
الإنسانيّةِ: مُضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
والجملة الفعليّة في محل رفع خبر مُقدم.
الظلمُ: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
نعمَ مِنْ تصاحب الصادقُ.
نعمَ: فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
مَنْ: اسم موصول مبني في محل رفع فاعل.
والجملة الفعليّة (نعمَ مَنْ) في محل رفع خبر مُقدم.
تصاحبُ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره أنتَ.
الصادقُ: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

الكتابُ نعمَ الصديقُ.
(تقدم هنا مخصوص المدح "الكتابُ" ويُعرب نفس الإعراب "مبتدأ" سواء تقدم أو تأخر)
الكتابُ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
نعمَ: فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
الصديقُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
والجملة الفعليّة في محل رفع خبر المبتدأ.


المجموعة الثانية (حبَّذا، لا حبَّذا)

تتكون الجملة في هذه المجموعة ممّا يأتي:[٥][٦]

  • الفعل الماضي "حبذا" للمدح أصله من "حبَّ"، ويُنفى بـ "لا حبَّذا" للذم، وحبَّذا كنعمَ في العمل وفي المعنى، مع زيادة أنَّ الممدوح بها محبوب للقلب.
  • اسم الإشارة "ذا"، وهو الفاعل للفعل "حبَّ"، وتُعرب الجملة الفعلية من الفعل والفاعل (حبَّذا) في محل رفع خبر مُقدم، و"ذا" لا يتصرف ولا يتغير، بل يلزم الإفراد والتذكير أيًّا كان المخصوص بالمدح أو الذّم، مثل: (حبَّذا علي، حبَّذا سلمى، حبَّذا الرجلانِ القادمانِ، حبَّذا الرجالُ القادمونَ)، ولا يُفصل بينها وبين الفعل، فلا يجوز أنْ نقولَ مثلًا (حبَّ اليوم ذا خالد).
  • المخصوص بالمدح أو الذم، ويُعرب مبتدأ مؤخر، ولا يجوز أنْ يتقدمَ على الفعل، فلا نقول (محمدٌ حبَّذا)، وفي الآتي بعض الأمثلة الإعرابيّة على (حبَّذا، لا حبَّذا):


الجملة
الإعراب
حبَّذا قولُ الحقِ.
حبَّ: فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
ذا: اسم إشارة مبني في محل رفع فاعل.
والجملة الفعليّة في محل رفع خبر مُقدم.
قولُ: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مُضاف.(المخصوص بالمدح)
الحقِ: مُضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
لا حبَّذا الفشلُ.
لا: نافية لا محل لها من الإعراب.
حبَّ: فعل ماضٍ جامد لإنشاء الذّم مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
والجملة الفعليّة في محل رفع خبر مُقدم.
الفشلُ: مبتدأ مُؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.(المخصوص بالذم)
لا حبَّذا الطالبانِ الكسولانِ.
لا: نافية لا محل لها من الإعراب.
حبَّ: فعل ماضٍ جامد لإنشاء الذّم مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
ذا: اسم إشارة مبني في محل رفع فاعل.
والجملة الفعليّة في محل رفع خبر مُقدم.
الطالبانِ: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنَّه مثنى.(المخصوص بالذم)
الكسولانِ: نعت مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنَّه مثنى.
حبَّذا المعلمونَ المخلصونَ.
حبَّ: فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
ذا: اسم إشارة مبني في محل رفع فاعل.
والجملة الفعليّة في محل رفع خبر مُقدم.
المعلمونَ: مبتدأ مُؤخر مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنَّه جمع مذكر سالم.(المخصوص بالمدح)
المخلصونَ: نعت مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنَّه جمع مذكر سالم.


المجموعة الثالثة: ما جاء على وزن "فَعُل"

كلُّ فعلٍ ثلاثي يَصِحُ مجيئه على وزن "فَعُل" بقصد المدح أو الذّم، بشرط أنْ يكونَ صالحًا لأن يُبنى منه فعلُ التعجب، سواءً أكان في الأصل مصوغًا من هذا الوزن، مثل: (حَسُنَ، شَرُفَ، كَرُمَ)، أم لم يكنْ، مثل: "فَهِمَ" الذي يصبح "فَهُمَ"، و"بَرَعَ" الذي يصبح "بَرُعَ"، أي إذا كان كان الفعل في أصله اللغوي على وزن (فَعُلَ) تُبنى منه صيغتي المدح والذم من دون إجراء أيّ تغيير، مثل: (كَرُمَ الطالبُ زيدٌ)، أمَّا إذا كان الفعل على وزن آخر، فيتم تحويله إلى وزن (فَعُلَ) الذي يدل على السلوكيات والصفات التي تستحق المدح أو الذّم، مثل: (كَتُبَ المهندسُ أحمدُ)، (بَرُعَ الطالبُ محمدٌ)، (جَهُلَ الغلامُ سعيدٌ)، (خَبُثت المرأةُ حمالةُ الحطبِ)، وتتكون جملة هذه المجموعة مما تتكون منه جملة (نعم، بئس، ساء)،[٧]وفيما يأتي بعض الأمثلة الإعرابيّة:


الجملة
الإعراب
حَسُنَ الابنُ زيدٌ.
حَسُنَ: فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
الابنُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
والجملة الفعليّة في محل رفع خبر مُقدم.
زيدٌ: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر على آخره.
خَبُثَ الرفيقُ النمامُ.
خَبُثَ: فعل ماضٍ جامد لإنشاء الذّم مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
الرفيقُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
والجملة الفعليّة في محل رفع خبر مُقدم.
النمامُ: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.


المراجع

  1. ^ أ ب محمد عيد، النحو المصفى، صفحة 418 - 420. بتصرّف.
  2. فؤاد نعمة، مُلخص قواعد اللغة العربية، صفحة 182-183. بتصرّف.
  3. سورة النحل، آية:30
  4. فاضل صالح السامرائي، معاني النحو، صفحة 305 - 307. بتصرّف.
  5. محمد عيد، النحو المصفى، صفحة 420. بتصرّف.
  6. محمد عيد، النحو المصفى، صفحة 420. بتصرّف.