الصَّرف لغةً يعني التغيير، وعلم الصَّرف هو علم يبحث في بناء الكلمة، وأحوال هذه الأبنية التي لا تخصّ الإعراب ولا البناء، من حيث كون الحروف صحيحة أو معتلة، وأصلية أو زائدة، أو حصلَ فيها إبدال في الحروف، وغير ذلك من التغييرات التي تحصل على الكلمة نفسها، ومثال ذلك حذف حرف العلّة (الواو) من (وقفَ) في الزمن الماضي، إلى (قِفْ) في الفعل الأمر الزمن المستقبلي.[١][٢][٣]


واضِعُ علم الصرف

يُقال بأن من وضع قواعد علم الصرف هو معاذ بن مسلم الهرّاء، المتوفى سنة 187هـ، حيث كان دائم السعي في البحث والتأليف عن مسائل الصرف، وقيل أبو الأسود، وقيل هو سيدنا علي ين أبي طالب -رضي الله عنه-.[٤]


أهمية علم الصرف

أنّ ممّا يميّز اللغة العربية هذه التغييرات وكثرة الاشتقاقات التي يتناولها علم الصرف ويهتم بها، ولعلم الصرف فضل وأهمية كبيرة، وتكمن أهميته وفوائده في ما يلي:[٥]

  • علم الصرف هو ميزان اللغة العربية ومقياسها، فكل الكلمات لها وزن صرفيّ محدّد لا تخرج عنه الكلمة، وبه تُعرف حروف الكلمة الأصلية الثابتة من حروفها الزائدة.
  • علم الصرف أساس اشتقاق الكلمة، مما يدلّ على أن اللغة العربية لغة متجددة وقادرة على استيعاب التطور باستحداث مفردات جديدة تعبّر عن حاجات الناس، مثل استحداث كلمات جديدة لوسائل التكنولوجيا المتعددة كالحاسوب والهاتف.
  • إنّ الكثير من موضوعات النحو والإملاء واللغة تعتمد على علم الصرف، مما يمنع الخطأ في كتابة الكلمة وكتابتها على الوجه الصحيح،[٦] فعندما تعلمُ مثلًا أن أي فعلٍ رباعيِّ على وزن (انفعل) يبدأ بهزة وصل لا بهمزة قطع، كما في: انكسر، الْتَحمَ، وغيرها، كما أنّ معرفة بنية الكلمة وتصريفها يساعد على التفريق بين الاسم والفعل، وذلك في كلمة (يحيى) مثلاً في جملة (يا يحيى ادرس جيداً) فهنا يحيى هي اسم، بينما كلمة (يحيا) في جملة (يحيا الوطن) فوقعت هنا فعل.[٧]
  • فهم الشريعة الإسلامية وأحكامها ومعاني ألفاظها، وغير ذلك، على سبيل المثال يتناول علم الصرف الفرق بين اسم الفاعل مثلًا: (المتوفِّي) واسم المفعول: (المتوفَّى) ويخطئ كثير من الناس فيسألون مثلًا -من باب الفهم الخاطئ-: من المتوفِّي؟ فيجيب أحدهم المتوفي فلان، ولو علِم اللغة لأدرك خطأه، والصواب أن يقول: المتوفَّى (بفتح الفاء) هو فلان، والمتوفِّي (بالكسر) هو الله -جلّ في علاه-، وهذا من اختصاص علم الصرف.[٨]


فروع علم الصرف

إنّ الدارس لعلم الصرف لا بدّ أن يتناول في دراسته بعض الموضوعات المهمة التي يتفرع منها علم الصرف، وهي كما يلي:


الميزان الصرفي

الميزان الصرفي هو مقياس وضعه علماء اللغة العربية للكلمة العربية، وأعطوا لكل حرف في الكلمة وزنًا يقابلها، وجاء الميزان على ثلاثة أحرف لأن أصل الكلمات العربية يعود إلى أصل ثلاثيّ (فَ عَ لَ )، وفاء الكلمة يقابلها الحرف الأول الأصلي من الكلمة، وعين الكلمة تقابل الحرف الثاني من أصل الكلمة، أما لام الفعل فيقابلها الحرف الثالث، ومثال ذلك: الحرف الأول (كَ) في الفعل (كَتَبَ) مثلًا يقابله في الميزان الصرفي (فَ)، والتاء في (كتَب) يقابلها الحرف الثاني في الميزان الصرفيّ (عَ)، أما الباء في (كتب) فقابلها حرف اللام، ليصبح وزن الفعل (كَتَبَ) هو فَعَلَ. وأيُّ زيادة على أصل الكلمة تُضاف أيضًا إلى وزن الكلمة، وأيُّ نقصان في الكلمة يُحذف من وزنها.[٩][٤]


حروف الزيادة

الأصل في الفعل أنه مجرّد؛ أي جميع حروفه أصلية، مثل عَبَدَ وهو فعل ثلاثي، ودحْرَجَ وهو فعل رباعي، فليس فيهما حرف من حروف الزيادة، وبما أن جميع الحروف الأصلية فلا يمكن الاستغناء عن أيّ حرف؛ إذ ستختل بنية الكلمة ولن تعطيَ معنى واضحاً،[١٠] أما حروف الزيادة، فإنها إذا دخلت على الكلمة المجردة فإنها تغيّر معناها، ولكن يمكن حذفها بحيث يبقى للكلمة الأصلية معناها، ومن ذلك الفعل المجرّد (رجَع) حروفه ثلاثة أصلية، بينما الفعل (استرجع) مزيد بحرف الألف في البداية والسين والتاء أيضاً، وقد أحدث ذلك تغييراً على المعنى الأصلي للفعل (رجع)، فكلمة (رجع) تعني عاد أما (استرجع) فتعني استردّ، وقد جمع علماء اللغة حروف الزيادة في كلمة واحدة لتسهيل حفظها، وهي: "سألْتُمُونِيها"، كما تزاد بعض الحروف بالتضعيف،[١١] وفيما يلي توضيح لأحرف الزيادة ومواضعها في الفعل الثلاثي:[١٢]

  • (أفعل): بزيادة الهمزة المفتوحة في أول الفعل الثلاثي مثل (أخرجَ الولدُ يدَه من جيبه).
  • (فاعَلَ): بزيادة الألف بعد فاء الفعل مثل: (صافحَ أحمدُ عليًّا).
  • (فعَّل): بتضعيف الحرف الثاني، مثل قوله تعالى: (وغلَّقت الأبواب).[١٣]
  • (انْفَعَلَ): بزيادة ألف ونون، مثل: (انْكَسَر).[١٤]
  • (افْتَعَلَ): بزيادة ألف وتاء بعد فاء الفعل، مثل: (اختلفا) و(تخاصما).[١٥]
  • فْعَلَّ): بزيادة همزة الوصل على أول الفعل وتضعيف لام الفعل، مثل (احمرَّ وجهه).[١٦]
  • (تفعّلَ): بزيادة التاء على أول الفعل وتضعيف عين الفعل، مثل (تصبَّر القومُ على المصيبة).[١٦]
  • (تفاعَلَ): بزيادة تاء على أول الفعل وألف بعد الحرف الثاني مثل (تَمارضَ الطفل)، أي تظاهر بالمرض.[١٦]
  • (استَفْعَلَ): بزيادة همزة وصل وسين وتاء على أول الفعل مثل: (استغفر المذنبُ ربّه).[١٧]


المصادر

المصدر هو حدَث غير مرتبط بزمن محدد،[١٨] وهي أحد موضوعات علم الصرف، وفي ما يلي أنواع المصادر:[١٩]

  • المصدر الصريح: مثل: الدُّخولُ منِ هنا.
  • المصدر الصناعيّ: الحريّة مطلب إنسانيّ.
  • المصدر الميمي: المَعرفة من مقوّمات الشخصية.
  • مصدر المرة: جلس جَلسَةً (أي مرة واحدة).
  • مصدر الهيئة: جلسَ جِلْسة الواثق.
  • المصدر المؤول: يفرحني أنْ تنجحَ، وتأويله: يفرحني نجاحُك.


المشتقات

وهي أسماء تدل على حدث مقترن بزمان أو مكان، وهي كما يلي:[٢٠]

  • اسم الفاعل، مثل: لكلَِ طالِبٍ هًفوات.
  • اسم المفعول، مثل: ما المطلوبُ مني؟
  • صيغة المبالغة، مثل: لقِّبَ عمر بن الخطّاب بالفاروق.
  • الصفة المشبهة، مثل: إنّ الصِّدّيق أبا بكر رجلٌ وَقور.
  • اسما الزمان والمكان، مثل: (إنّ المَوْعِد غداً)، و(المدرسة مسعى الطلاب)
  • اسم الآلة، مثل: المِفتاح
  • اسم التفضيل، مثل: فلان أكبرُ من فلان.


الفرق بين علم النحو وعلم الصرف

ويجدر الانتباه هنا إلى أنّ علم الصرف يختلف عن علم النحو، فعلم الصرف يهتم بالكلمة، والتغييرات التي تحدث عليها - كما ذُكر سابقاً-، مثل (درس، دارِس، مدروس ومدرسة، وغيرها)، أما علم النحو فيهتم بموقع الكلمة من الإعراب في الجملة وضبطها، لذا فإنّ علم الصرف مهم لمعرفة قواعد الإعراب والنحو وتحقيق الفهم الصحيح للمعنى المراد، فمن أراد أن يعرب مثلًا كلمة (استخدام) في الجملة: (يجبُ استخدامُ صافرات الإنذار) عليه أن يميز أن كلمة (استخدام) هي اسمٌ ووقعت في الجملة فاعلًا للفعل يجب، وبالتالي فإن الفاعل هنا يُضبَطُ مرفوعًا بالضمة.[٢١]


المراجع

  1. د محمد السامرائي، الصرف العربي: أحكام ومعانٍ، صفحة 9. بتصرّف.
  2. أحمد الحملاوي، شذا العرف في فن الصرف، صفحة 11. بتصرّف.
  3. الأستاذ الدكتور عبد المجيد عمر، منزلة اللغة العربية بين اللغات المعاصرة، صفحة 190-191. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سميرة حيدا، علم الصرف لبنات وأسس، صفحة 3. بتصرّف.
  5. الأستاذ الدكتور عبد المجيد عمر، منزلة اللغة العربية بين اللغات المعاصرة، صفحة 193-194. بتصرّف.
  6. أحمد الحملاوي، شذا العرف في فن الصرف، صفحة 12. بتصرّف.
  7. وليد شاويش (18/8/2017)، "أهمية علم الصرف في استنباط الحكم الفقهي"، وليد شاويش، اطّلع عليه بتاريخ 5/5/2021. بتصرّف.
  8. أحمد الحملاوي، شذا العرف في فن الصرف، صفحة 53. بتصرّف.
  9. محمد السامرائي، الصرف العربي: أحكام ومعان، صفحة 21. بتصرّف.
  10. محمد السامرائي، الصرف العربي: أحكام ومعانٍ، صفحة 26. بتصرّف.
  11. عبده الراجحي، التطبيق الصرفي، صفحة 30. بتصرّف.
  12. سورة يوسف، آية:23
  13. عبده الراجحي، التطبيق الصرفي، صفحة 36. بتصرّف.
  14. عبده الراجحي، التطبيق الصرفي، صفحة 36. بتصرّف.
  15. ^ أ ب ت عبده الراجحي، التطبيق الصرفي، صفحة 36. بتصرّف.
  16. عبده الراجحي، التطبيق الصرفي، صفحة 40. بتصرّف.
  17. فاضل السامرائي، الصرف العربي: أحكام ومعانٍ، صفحة 71. بتصرّف.
  18. عبده الراجحي، التطبيق الصرفي، صفحة 216. بتصرّف.
  19. عبده الراجحي، التطبيق الصرفي، صفحة 216 - 217. بتصرّف.
  20. عبده الراجحي، التطبيق الصرفي، صفحة 8-9. بتصرّف.