تنقسم الجمل في اللغة العربيّة من حيث التركيب إلى قسمين أساسيين، القسم الأول هو الجملة الفعليّة، والتي تتكون من فعل + فاعل + (مفعول به إذا كان الفعل متعديًّا)، والقسم الثاني هو الجملة الإسمية، والتي تتكون من مُبتدأ (المُسند إليه) + خبر(المُسند)، فالمبتدأ هو الاسم الذي يقع في أول الجملة ليتم الحكم عليه بحكمٍ ما عن طريق الخبر، والأصل أنْ يكونَ المبتدا والخبر موجودين في الجملة، إلَّا أنَّه ثمة حالاتٌ يجوز حذف إحداهما جوازًا أو وجوبًا، وسنوضح هنا حالات حذف المبتدأ وحذف المبتدأ والخبر معًا.


وجوب حذف المبتدأ

يُحذف المبتدأ وجوبًا في أربعة مواضع، وهي:


أنْ يكونَ خبره نعتًا مقطوعًا إلى الرفع؛ للمدح أو الذم أو الترحم

لكي تعرفَ ما المقصود بالنعت المقطوع إلى الرفع، انظر إلى الجملة التالية، واختر الكلمة المناسبة لتملأ بها الفراغ، مررتُ بزيدٍ _____، هل نقول: الفاضلُ أم الفاضلَ أم الفاضلِ؟ بالتأكيد ستختار الفاضلِ، مُعللًا إجابتك بأنَّها نعتٌ للاسم المجرور زيدٍ، وبما أنَّ النعت يتبع المنعوت بالإعراب، إذًا كلمة الفاضلِ تُعرب نعت مجرور وعلامة جره الكسرة، وهذه إجابة صحيحة، لكن ماذا لو قطعنا النعت إلى الرفع، أي يتحول النعت المجرور إلى مرفوع (أي يُعد نعتًا من حيث المعنى لكنَّه يخالف المنعوت في الإعراب)، والغاية من ذلك في هذه الجملة هي "المدح" فنقول: مررت بزيدٍ الفاضلُ، وكأننا نقول مررت بزيدٍ هو الفاضلُ، وفي هذه الحالة تُعرب كلمة الفاضلُ (خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا تقديره هو، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره)، ولمزيد من التوضيح انظر للجدول التالي:[١]


الجملة
النعت المقطوع إلى الرفع
السبب
الإعراب
اقتدِ بعمرَ المجتهدُ.
المجتهدُ
المدح
خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا تقديره هو، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
اجتنبْ اللئيمَ الحقودُ.
الحقودُ
الذم
خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا تقديره هو، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
تصدقْ على الفقيرِ المسكينُ.
المسكينُ
الترحم
خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا تقديره هو، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.


إضاءة

يصحّ قطع النعت إلى الرفع أو النصب إذا كان المنعوت مجرورًا، فيجوز أنْ نقولَ أيضًا: مررت بزيدٍ الفاضلَ، وتُعرب كلمة الفاضلَ (مفعولٌ به منصوب لفعل محذوف وجوبًا تقديره أعني أو أقصد).

أما إذا كان المنعوت مرفوعًا، يأتي النعت المقطوع منصوبًا، ولا يجوز أنْ يأتي مجرورًا، فنقول: هذا زيدٌ الفاضلَ، ويُعرب كما ذكرنا في المثال أعلاه.

وإذا كان المنعوت منصوبًا، يأتي النعت المقطوع مرفوعًا فقط، فنقول: رأيتُ زيدًا الخلوقُ.[٢]


أنْ يكون خبرُه مخصوصَ (نِعْمَ) أو (بِئسَ) ولم يتقدم عليهما

ومثال ذلك جملة (نعمَ الرجلُ محمدٌ)، (محمدٌ) هو المخصوص الذي نخصه بالمدح من بين الرجال، ويُعرَب (خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم)، وكأننا نقول: "نعمَ الرجلُ هو محمدٌ"، ولكن يجوز لك أنْ تُعربَ محمد: مبتدأ مؤخر جوازًا، وجملة نعم الرجل: خبرٌ مُقدم جوازًا، ولزيادة التوضيح عن حالات حذف المبتدأ فيما يلي مزيد من الأمثلة:[٣]


الجملة
الخبر
إعراب الخبر
بئسَ المعلمُ عمادٌ.
عمادٌ
(مخصوص بئس؛ للذم)
خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا تقديره هو، مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم.
نعمَ القاضي أحمدُ.
أحمد
(مخصوص نعمَ؛ للمدح)
خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا تقديره هو، مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
*"أحمد" ممنوع من الصرف؛ لذلك لا ينَّون.


أنْ يكونَ الخبرُ يُشعِرُ في القسم

نحو: في ذمتي لأخلعنَّ رداءَ الكسلِ، هذه الجملة مبدوءة بما يُشعرُ بالقسم (في ذمتي)، وبدليل دخول لام القسم على الفعل المضارع (لأخلعنَّ)، وكأنَّ الجملة تقول: في ذمتي يمين/ قسم، لذلك حُذف المبتدأ وجوبًا، ونعرب (في ذمتي): شبه الجملة من الجار والمجرور في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا، ولمزيد من التوضيح، انظر للجملة التالية:[٣]


الجملة
الإعراب
في ذمتي لأقولنَّ الصدقَ
في: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

ذمتي: اسم مجرور، وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره؛ منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة للياء، وهو مضاف، والياء: ضمير مُتصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
وشبه الجملة من الجار والمجرور في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف وجوباً.

اللام: واقعة في جواب القسم، حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.

أقولنَّ: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، والفاعل ضمير مستتر تقديره"أنا"، ونون التوكيد: حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.

الصدق: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.


أنْ يكونَ الخبر مصدرًا يؤدي معنى فعله

كما في جملة صبرٌ جميلٌ، وهنا تقدير الجملة (صبري صبرٌ جميلٌ)، فحذف المبتدأ وجوباً لأنّ الخبر مصدر يؤدي معنى فعله، وتُعرب كلمة صبرٌ: خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا تقديره "صبري"، مرفوع وعلامة رفعة تنوين الضم، وجميلٌ: نعت مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم، وفيما يلي مثال إعرابي آخر:[٤]


الجملة
الإعراب
سمعٌ وطاعةٌ
سمعٌ: خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا تقديره "أمري"، مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم.

و: حرف عطف مبني لا محل له من الإعراب.

طاعة: اسم معطوف، مرفوع، وعلامة رفعه تنوين الضم.


جواز حذف المبتدأ

يجوز لك أنْ تحذفَ المبتدأ ولكن بشرط وجود دليل يدُل عليه، وألا يتأثر تركيب الجملة أو معناها بحذفه،[٥] ومن الأمثلة على ذلك:


في جواب الاستفهام

وذلك لأنَّ جملة السؤال والجواب تُعدان جملةً واحدةً، مثل: (مَنْ أنت؟) تستطيع أنْ تجيبَ عن هذا السؤال إما بذكر المبتدأ فتقول: (أنا سمير)، أو تحذف المبتدأ وتقول: سمير، ويُعرَب (خبر لمبتدأ محذوف جوازًا تقديره أنا، مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم).[١]


بعد فاء الجواب في جملة الشرط

كقوله تعالى: (مَنْ عمل صالحًا فلنفسه ومَنْ أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد)[٦]، أي: فعمله نفسه، حيث دل عليه فعله المذكور (عَمِلَ)، وكذلك الحال (ومن أساء فعليها) فتقديرها (فالإساءة عليها)، وتُعرَب (لنفسه) جار ومجرور في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف جوازًا تقديره عمله.[١]


بعد القول

كقوله تعالى: (وقالوا أساطيرُ الأوَّلين اكتتبها فهي تُملى عليه بكرةً وأصيلًا)[٧]، أي: (وقالوا هي أساطير الأولين)، وتُعرب كلمة (أساطيرُ): خبر لمبتدأ محذوف جوازًا تقديره هي، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.


تدريب: أكمل الجدول التالي:


الجملة
حكم حذف المبتدأ
التعليل
تقدير المبتدأ المحذوف
الخبر
سلمتُ على الرجلِ البخيلُ.




نعمَ الفاتحُ صلاحُ الدين.




في عنقي لأُساعدنَّ المحتاجَ.




ثباتٌ في شدتي.




أين أخوك؟




قال تعالى:
(وقالوا أضغاث أحلام)[٨]





المراجع

  1. ^ أ ب ت محمود حسني، في المبتدأ أن يكون معرفة حتى يكون معلوم النحو الشافي، صفحة 168. بتصرّف.
  2. فاضل صالح السامرائي، معاني النحو، صفحة 193. بتصرّف.
  3. ^ أ ب علي الجارم، النحو الواضح في قواعد اللغة العربية، صفحة 98. بتصرّف.
  4. السيد قاسم الحسيني، القواعد النحوية، صفحة 67. بتصرّف.
  5. عباس حسن، النحو الوافي، صفحة 507. بتصرّف.
  6. سورة فصلت، آية:46
  7. سورة الفرقان، آية:5
  8. سورة الأنبياء، آية:5