يُعرّف النفي على أنّه أسلوب لغوي تحدّده مناسبات القول، وهو أسلوب إنكار ونقض يُستخدم لدفع ما يتردد في ذهن المخاطب، والنفي في اللغة العربية يتحقق من خلال مجموعة من الأدوات، منها ما ينفي الجملة الاسمية والفعلية، ومنها ما يختص بواحدة منهما، ومنها ما ينفي الاسم الذي يقع بعده، وأدوات النفي هي: ( ما، ولا، وإنْ، ولم، ولمّا، ولَنْ، وليس، ولاتَ)،[١] أمّا النهي في اللغة فيُعرّف على أنّه صوت الزجر للكفّ عن فعل شيء، والنهي في النحو هو طلب ترك الفعل باستعمال لا الناهية، وهذا المقال مخصّص للتفصيل في أسلوب النفي وأسلوب النهي من خلال توضيح أدوات كل منهما ومعنى كل أداة إلى جانب طرح الأمثلة التوضيحيّة والتدريبات العمليّة.[٢]


أدوات نفي الجملة الاسمية

وأدوات نفي الجملة الاسمية، هي: (ما، ولا، وإنْ، وليس، ولاتَ)، وفي الجدول الآتي توضيح لكلّ منها:[١]


الأداة
التـــــــــوضيــــح
مــــا
حرف يُستعمل للنفي، ويُصاحب الجملة الاسمية، وإذا نفت (ما) الجملة الاسمية ستنفيها في حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون عاملة عمل ليسَ، مثل: (ما سهرُكَ بعد منتصف الليل مفيدًا)، فيكون لـ (ما) اسم وخبر، ويأتي الاسم مرفوعًا، والخبر منصوبًا، وتعمل (ما) عمل ليس بتوفر أربعة شروط، هي:
*ألا تتكرر ما فإذا تكررت بطل عملها، مثل: (ما ما محمدٌ قائمٌ).
*ألا يُزاد بعدها (إِنْ) فإنْ زيدت بطل عملها، مثل: (ما إِنْ زيدٌ قائمٌ).
*ألّا يتقدّم خبرها على اسمها وهو غير ظرف ولا جار ولا مجرور، مثل: ما قائمٌ زيدٌ، فلا يُقال: ما قائمًا زيدٌ.
*ألا ينتقض النفي بإلّا، نحو: ما زيدٌ إلا قائمٌ.
الحالة الثانية: أن تكون غير عاملة، مثل: (ما سهرُكَ بعد منتصف الليل مفيدٌ).
لا
حرف يستعمل لنفي الجملة الاسمية وتستعمل لنفي الواحد بطريقتين:
أن تكون عاملة عمل ليس بشروط، هي:
*أن يكون الاسم والخبر نكرتين، مثل: لا رجلٌ أفضلَ منكَ.
*ألا يتقدم خبرها على اسمها، فلا يُقال: لا قائمًا رجلٌ.
*ألا ينتقض النفي بإلّا، فلا يُقال: لا رجلٌ إلا أفضلَ من زيدٍ.
وقد تكون لا غير عاملة دون شروط، وتستعمل لنفي الجنس: وتكون حينئذٍ عاملة عمل إنّ ولا يكون اسمها وخبرها إلا نكرة، مثل قوله تعالى: "ذلك الكتاب لا ريبَ فيه"،[٣] ومثل قول (لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله).
إِنْ
أداة نفي تدخل على الجملة الاسمية مثل قوله تعالى: (إنْ الكافرونَ إلا في غرور).[٤]
لــيْسَ
أداة نفي مختصة بالجملة الاسمية، وتعمل عمل كان، فتُبقي المبتدأ مرفوعًا ويسمى اسمها، وتنصب الخبر ويُسمّى خبرها، مثل: ليسَ الطالبُ مهملًا.
لاتَ
حرف نفي من المشبهات بليسَ أُضيفَت إليه تاء التأنيث المفتوحة، وتختص لاتَ بنفي الجملة الاسمية، وترفع المبتدأ اسمًا لها، وتنصب الخبر ويصبح خبرها، وتنفي اتصاف المبتدأ بالخبر، وتعمل بشروط:
أن يكون اسمها وخبرها من ألفاظ الزمان، مثل: الوقت، والأوان، والزمان، والغداة.
لا يُذكر معها الاسم والخبر معًا، ولكن يذكر الخبر ومن ذلك قوله تعالى: لاتَ حينَ مناص"،[٥] وقول الشاعر: (ندمَ البغاة ولاتَ ساعة مندمِ).


إضاءة

( غير) تختص بأنها اسم ينفي الاسم الذي يأتي بعده وهو (المضاف إليه)، لأنّ (غيْر) ملازمة للإضافة وتُعرب حسب موقعها في الجملة رفعًا، ونصبًا، وجرًا، بشرط ألا تقدّر بإلّا، ومثال ذلك: التفاخر سلوكٌ غيرُ محمود.[١]


أدوات نــفــي الجــمــلـة الــفـعـلـيـة

سبقت الإشارة إلى أن بعض الأدوات السابقة قد تأتي مع الجملة الاسمية والجملة الفعلية، والجدول الآتي يوضّح أدوات نفي الجملة الفعلية:[١]


الأداة
التـــــــوضـــــيــــح
مـَـا
تأتي مع الفعل الماضي، مثل: مَا ندمَ من استشارَ، ومع الفعل المضارع، مثل: مَا يُغضبُ المؤمنُ ربَّه، وليس لها أثر إعرابي في الفعل وتفيد النفي المَحض، والسياق الزمني يُستفاد من صيغة الفعل، فالماضي يدل على الماضي، والمضارع يدل على الحاضر.
لَا
تأتي مع الفعل المضارع، ولا تؤثر شيئًا في إعراب الفعل، مثل: (لا أشربُ القهوة مساءً).
ويُنفى بها الفعل الماضي بشرط أن تتكرر، كقوله تعالى:" فلا صدّق ولا صلّى"،[٦] وأن تكون لا معطوفة على نفي سابق مثل: ما جاء الطالبُ ولا اعتذرَ، وإذا لم تتكرّر لا مع الماضي، أو لم تعطف على نفي سابق فمعناها الدعاء مثل: لا نامت أعين الجبناء.
إِنْ
تفيد النفي، مثل قوله تعالى: "إنْ أردنا إلا الحُسنى"[٧]، وقوله تعالى:" إِنْ يقولونَ إلا كَذِبَا"[٨]، وأغلب استعمالاتها في القصر، وتُستعمل في غيره، كقوله تعالى:" إنْ أدري أقريبٌ ما توعدونَ".[٩]
لَــمْ ولـمّا
أداتان مختصتان بالفعل المضارع، ومعهما يدل الفعل على نفي وقوع الحدث في الماضي، ويكون المضارع بعدهما مجزومًا، وهناك فرق بينهما توضّحه النقطتان التاليتان:
لَـــمْ: تدل على نفي وقوع الحدث تمامًا في الماضي، مثل: (لمْ يكتبْ محمدٌ قصته).
لمّـا: تدل على نفي وقوع الحدث في الماضي القريب من واقع الحال، مثل: (لمّا يكتبْ محمدٌ قصّـته)، أي أنه لم يكتب القصة حتى الآن ولكنه في طريقه إلى الكتابة.
لَـــنْ
حرف نفي ونصب يختص بالدخول على الفعل المضارع، وينصب الفعل بعده، وينفي حدوث الفعل في المستقبل نفيًا مؤكدًا، مثال: (لن تنالَ النجاحَ حتى تصبح ملتزمًا وصبورًا).


أسلوب النهي

يتحقق أسلوب النهي في اللغة العربية باستخدام لا الناهية يليها فعل مضارع مجزوم، ومعنى لا الناهية نهي المخاطب عن الفعل كما في جملة: (لا تُكثرْ من المزاح)، فحرف النهي (لا) يجزم الفعل المضارع بعده بالسكون إذا كان صحيحًا، وبحذف حرف العلة من آخره إذا كان معتلًا، وبحذف حرف النون من آخره إذا كان من الأفعال الخمسة، ومعنى الجملة في المثال السابق نهي المخاطب عن الإكثار من المزاح.[١٠]


مــثــال تــدريـــبــي

ميّز أسلوب النهي من أسلوب النفي في الجمل الآتية، مع توضيح كل أسلوب من الأساليب بالتفصيل:


الجـــــــمــــلـــــة
التـــــــوضــيــــــــح
قال تعالى: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون".[١١]
في جملة (لن تنالوا): أسلوب نفي يتكون من أداة النفي (لن+ الفعل المضارع)، ويُقصد بالمعنى نفي حدوث الفعل في المستقبل نفيًا مؤكدًا، أي نفي نوال البر نفيًا مؤكدًا إذا لم ينفق الإنسان مما يحب.
قال الشاعر:
لا تشكُ للناس جرحًا أنت صاحبه ***
لا يؤلمُ الجرح إلا من به ألمُ.
في جملة (لا تشكُ) أسلوب نهي يتكون من أداة النهي (لا+ الفعل المضارع تشكُ)، ويُقصد بالمعنى نهي المخاطب وزجره عن الشكوى للناس.
ليس الضوءُ ساطعًا.
ليسَ أداة نفي دخلت على الجملة الاسمية، فأبقت المبتدأ مرفوعًا ونصبت الخبر وأصبح خبرها، والمعنى المقصود نفي السطوع عن الضوء.


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث غير معروف ، أسلوب النفي وأدواته، صفحة 1-13. بتصرّف.
  2. مجموعة معاجم، قاموس المعاني، صفحة 11. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:2
  4. سورة الملك، آية:20
  5. سورة ص، آية:3
  6. سورة القيامة ، آية:31
  7. سورة التوبة ، آية:107
  8. سورة الكهف، آية:5
  9. سورة الجن ، آية:25
  10. علي الجارم ، النحو الواضح، صفحة 59. بتصرّف.
  11. سورة آل عمران ، آية:92