يدخل أسلوب القسم في باب الإنشاء غير الطلبي، وهو أسلوب يراد به تأكيد شيء لدى السامع من أجل محو أي شك في ذهنه، باستخدام ألفاظ دالة على القسم أو اليمين، نحو: (حلفت بالله، أقسمت، لعمري)، ويتكون أسلوب القسم من ثلاثة أركان، هي: المقسم به وهو الحلف بكل شيء عظيم في نظر المقسم، كأن تقول: (والله أو ورب الكعبة)، والمقسم عليه: وهو ما يسمى جملة القسم، ويكون جملة اسمية، على نحو (والله، إن الحق منتصر)، وجملة فعلية على نحو (أقسم قد ذاكرت)، أمّا الركن الثالث فهو أداة القسم وهذا ما سنشير إليه في هذا المقال، ثم نفصّل الحديث عن حروف القسم وكيفية إعرابها.[١]


أدوات القسم

في البداية لا بد من الإشارة إلى أدوات القسم، حيث تنقسم إلى أقسام ثلاثة، هي:[١]


الأدوات
أمثلة
التوضيح بجملة
الحروف
الباء، الواو، التاء
*تالله لن أكذب
*والله ما كذب محمد
*بالله، هل حضرت دروسك؟
الأسماء
لعمرأبيك.
يمين الله.
أيمن.
*لعمرك إن الحق منتصر
الأفعال
أحلف.
أقسم.

*أقسم لن أقصر في أداء واجباتي


حروف القسم

تعدّ حروف القسم من حروف المعاني، وهي أدوات تربط الكلمات مع بعضها لتوضح معنى الجملة وكذا تُستعمل لإبراز غاية، وغاية القسم التأكيد:[٢]


حروف القسم
الشرح
التمثيل بالجمل
الباء




تفيد حروف القسم الإلصاق، فهي تُلصق فعل القسم بالمقسم به، فـ (الباء) هو الحرف الذي تتصل به الأفعال القاصرة عن التعدي إلى مفعولاتها، والتقدير في القسم (أقسم بالله).
____
تدخل على لفظ الجلالة "الله"، كما تدخل على جميع الأسماء الظاهرة و المضمرة.
*مثال دخولها على لفظ الجلالة: بالله لن أتوانى عن نصرة المظلوم.
*ومثال دخولها على الاسم الظاهر، قول زهير بن أبي سلمى: وأقسمت بالبيت الذي طاف حوله *** رجال بنوه من قريش وجرهم.

هنا (دخلت الباء على "البيت "وهو اسم ظاهر).
*ومثال دخولها على المضمر: أقسم به لأنجحنَّ في مهمتي.
*يجوز ظهور فعل القسم معها، ويجوز حذفه.
*مثال ظهور فعل القسم مع (الباء): أقسم بالله لأساعدنَّ المحتاج.

*مثال على حذف فعل القسم مع (الباء): بالله لأقولنَّ الحق.
*يجوز استعمالها في الحلف على سبيل الاستعطاف.
*مثال استعمالها في الحلف على سبيل الاستعطاف: بحياتك ساعدني.
*يمكن أن يكون جواب القسم جملة استفهامية.
*مثال أن يكون جوابها جملة استفهامية: بالله، هل استيقظت باكرًا؟


الواو

هي أكثر استعمالاً من الباء، ويشترط في استعمالها:*ألا تدخل على ضمير، فلا يقال:"وه" كما قلنا "به".
*مثال على أن المقسم به اسم ظاهر، ولم يكن مع الواو فعل القسم،يقول أبو تمام:فلا وأبيك مافي العيش خيرولا الدنيا إذا ذهب الحياء
*حذف فعل القسم معها بسبب كثرة الاستعمال وعدم الضرورة.
فلا يستساغ أن نقول: أقسم والله لأفعلنَّ الواجب.
*عدم جواز استعمالها في القسم على سبيل الاستعطاف.
فلا يقال: وحياتك ساعدني.
*إذا تكررت الواو في أسلوب القسم فاعلم أن الأولى فقط هي للقسم، وسائر الواوات للعطف.
مثال على تكرار الواو، وذلك في قوله تعالى: "والليل إذا يغشى*والنهار إذا تجلى* وما خلق الذكر والأنثى".[٣]
الواو الأولى هي فقط للقسم.
التاء

*لا تدخل في القسم إلا على لفظ الجلالة (الله).

*مثال دخولها على لفظ الجلالة، قوله تعالى: "تالله لتسألن عما كنتم تفترون".[٤]

*قد تجيء التاء مع لفظ الجلالة بغير معنى القسم، كالتعجب.
*مثال مجيء التاء بمعنى التعجب: تالله أصبح الجو بارد!


يلخّص مما سبق أنّ:

  • الباء هي الأصل، لأنها تدخل على الاسم الظاهر والمضمر، والواو تختص بدخولها على الاسم الظاهر، والتاء تختص بدخولها على لفظ الجلالة (الله) فقط.
  • مع الواو والتاء يجب حذف فعل القسم.
  • مع (الباء) يمكن أن يكون جوابها جملة استفهامية، ولا يجوز ذلك مع (الواو والتاء).


وفي الآتي عرض لبعض الأمثلة على حروف القسم مع بيان المقسم والمقسم عليه:


الجملة
حرف القسم
المقسم به
المقسم عليه
والله لأعطفنَّ على اليتيم
حرف الواو
الله
الجملة الفعلية
لأعطفن على اليتيم.
قال الله تعالى: "تالله إن كنّا لفي ضلال مبين".[٥]
حرف التاء
الله
الجملة الاسمية
إن كنا لفي ضلال مبين.
أقسم بالله ما تحدثت عنك
حرف الباء
الله
الجملة الفعلية
ما تحدثت عنك


تنويه:

في بعض الأحيان كان العرب يتجاهلون أداة القسم ويستبدلونها بحرف (ها) التنبيه، ومثاله: والله تلفظ هالله ، كما ينوب عن حروف القسم أحيانًا حرف المد (آ)، مثل: (آلله).


إعراب حروف القسم

تُعرب القسم تبعًا لأداة القسم التي يتم استخدامها في الجملة، على سبيل المثال إذا كانت أداة القسم اسماً، فتعرب مبتدأ مرفوع، وإذا كانت أداة القسم فعلاً فتعرب وكأنها في جملة فعلية قياسية، أمّا إذا كانت أداة القسم حرفاً ففي هذه الحالة تُعرب حرف جر، أما المقسم به يتم إعرابه اسم مجرور، وفي الآتي عرض لبعض الأمثلة الإعرابية لحروف القسم لمزيدٍ من التوضيح:


الجملة
الإعراب
قوله تعالى: "فورب السماء والأرض إنه لحق".[٦]
الفاء: حسب ما قبلها.
الواو: واو القسم وهي حرف جر.
رب: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره وهي مضاف.
وشبه الجملة في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا، التقدير: قسمي، يميني.
السماء: مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظاهرة على آخره.
الواو: حرف عطف
الأرض: اسم معطوف مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره
إنّ: حرف توكيد ونصب، والهاء ضمير متصل مبني في محل نصب اسم إنّ.
لحق: اللام المزحلة (لام التوكيد)، حق: خبر إن مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
قوله تعالى: "تالله تفتؤا تذكر يوسف".[٧]
التاء: حرف قسم وهو حرف جر.
الله: لفظ الجلالة اسم مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظاهرة على آخره.
ووشبه الجملة في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا.
تفتؤا: فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره أنت.
تذكر: فعل مضارع مرفوع و علامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت.
يوسف: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
والجملة الفعلية (تذكر يوسف) في محل نصب خبر تفتؤا.
قوله تعالى: "والعصر* إن الإنسان لفي خسر".[٨]
الواو: حرف جر وقسم.
العصر: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
وشبه الجملة في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا، التقدير: قسمي.
إنّ: حرف توكيد ونصب.
الإنسان: اسم إنّ منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
ل: اللام المزحلقة تفيد التوكيد، في: حرف جر.
خسر: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، وشبه الجملة في محل رفع خبر إنّ.


المراجع

  1. ^ أ ب علي الحارثي، أسلوب القسم في القرآن الكريم، صفحة 3. بتصرّف.
  2. عبده الراجحي، التطبيق النحوي، صفحة 323. بتصرّف.
  3. سورة الليل، آية:1-3
  4. سورة النحل، آية:56
  5. سورة الشعراء، آية:97
  6. سورة الذاريات، آية:23
  7. سورة يوسف، آية:85
  8. سورة العصر، آية:1-2