يُقسم الكلام في اللغة العربية إلى الإنشاء والخبر، فالإنشاء هو الكلام الذي لا يحتمل الصدق أو الكذب نحو (اغفر - وارحم)، فلا ينسب إلى القائل هنا الصدق أو الكذب، بينما يُعرَّف الخبر على أنّه كلام يحتمل الصّدق أو الكذب لذاته، ويمكننا الحكم على صدق الخبر أو كذبه بمدى موافقته أو مخالفته للواقع بصرف النظر عن شخصية من قاله، ومثال ذلك، عندما نقول: (العلمُ نافعٌ)، فإنّ نفع العلم ثابت سواء أجهرتَ بذلك أم لم تجهر به، لأنّ نفع العلم يعد محل اتّفاق بين النّاس جميعاً، كما أنّ الجميع يحثُّ عليه، وهنا نستطيع أن نقول أنّ القائل صادق، وفي قولنا (أتى محمد) فالجملة هنا تحتمل الصدق أو الكذب، فإذا أتى كان الخبر صادقاً وإن لم يأتِ كان الخبر كاذباً.[١]


أغراض الخبر

هناك بعض المقاصد والأغراض التي من أجلها يُلقى الخبر، وبشكل عام يوجد غرضان أصليان للخبر وهما كما يلي:[٢][١][٣]


الغرض
توضيح
مثال
إفادة المخاطَب الحكم الذي تضمنته الجملة إذا كان جاهلًا (فائدة الخبر)
هذا النوع يتضمّن تقديم معلومات جديدة للمخاطَب، فيكون هدف المتكلم من وراء إلقاء الخبر هو تعريف المخاطَب بشيء أو أشياء يجهلها.
* وُلد النبي صلى الله عليه وسلم عام الفيل.
* ظهرت نتائج الامتحان.

(في هذه الأمثلة يريد المتكلّم أن يُفيد المخاطَب بما كان يجهله بعدم معرفته لزمن ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعدم معرفته بظهور النتائج).
إفادة المخاطب أنّ المتكلم عالم أيضًا بالحكم الذي يعلمه المخاطب (لازمة الخبر)
في هذا النوع يكون المخاطَب عالماً بمضمون الخبر، فلا يضيف له ذلك الخبر معلومة جديدة، بل أحياناً يكون المخاطب أكثر معرفة بمضمون الخبر من المتكلم
* لقد استيقظتَ مبكراً اليوم.
* أنت تدرس في الجامعة الأردنية.

(المتكلم في هذه الأمثلة لا يقصد من وراء الخبر، أن يُفيد المخاطَب بمعلومة جديدة، فتلك المعلومات معروفة له قبل المتكلم، أيّ أنّ المخاطَب لم يستفد علماً بالخبر نفسِه، وإنما استفاد بأن علِمَ أنّ المتكلم عالم به)


أغراض أخرى للخبر

للخبر عدّة أغراض ومقاصد أخرى تُفهم من سياق الكلام، وهي كما يلي:[٢][١]


الغرض
مثال
 الاسترحام والاستعطاف
*(إني فقير إلى عفو ربي)
*ماجاء على لسان موسى عليه السلام في قوله تعالى: (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير).[٤]
تحريكُ الهمة إلى ما يلزم تحصيله
(الحث على السعي)
*(ليس سواء عالم وجهول)
*ما كتبه طَاهِر بْنُ الحسين إلى العباس بن موسى الهادي:
(وليس أخو الحاجات من بات نائماً ولكن أخوها من يبيت على وَجَل)، لحثّه على العمل والجَد.
إظهار الضعف والخشوع

*دعاء سيدنا زكريا من أجل الولد في قوله تعالى:(ربّْ إني وَهنَ العظم منيّْ).[٥]
*قول إِبراهيم بن المهدي يخاطب المأمون، يستعطفه طالبا العفو عنه بعد ارتكابه ذنب:
(أتيت جرماً شنيعاً وأنت للعفو أهل فإن *** عفوت فمن وإنْ قتلت فعدلُ)
إظهار التحسر على شيء محبوب
*قول أحد الأعراب يرثي ولده ويتحسّر على فقدانه: (لا دَعَوْتُ الصبر بعدك والأسى أَجَاب الأسى طوعاً ولم يجب الصبر).
*قول الشاعر لبيد بن ربيعة وهو يتحسر على زمان مضى بسبب ما يرى من فساد في زمانه:
(ذهب الذين يعاش في أكنافهم *** وبقيت في خَلْف كجلدِ الأجربِ)
إظهار الفرح بمقبل، والشماتة بمدبر
* (جاء الحق وزهق الباطل)
التوبيخ
*قولك للعاثر (الشخص الكسول الخمول المتردّد في النهوض من فراشه) في وضح النهار (الشمس طالعة)، فليس الهدف إخباره بأن الشمس طالعة لأنه يعرف ذلك، إنّما تريد توبيخه على عثرته وكسله، مع طلوع الشمس، ووضوح النهار.
*قولك لمن يعقُّ أباه (إنّه أبوك) توبيخاً له.
التَّذكير بما بين المراتب من التَّفاوت
*(لا يستوي العالم والجاهل) فالكلام يوحي بالحثّ على العلم وطلب المعرفة، لا الإخبار بما بين العلم والجهل من فوارق.
*(لا يستوي كسلان ونشيط).
التحذير والترهيب
*(سنقضي على الظلم الذي ساد بيننا بعزم يبيد الظالمين).
*حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر).[٦]
الفخر
*قول الشاعر عَمْرو بن كُلْثوم يفاخر بقومه، ويباهي بما لهم من البأس والقوة:
(إِذَا بَلَغَ الفِطَامَ لَنَا صَبِيٌّ *** تَخِرُّ لَهُ الجَبَابِرُ سَاجِديْنَا)
*قول الشاعر المتنبي:
(أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي *** وأسمعت كلماتي من به صمم المتنبي)
*قول النابغة الذبياني في النعمان مادحاً له وبفضله بعد أن أعطاه الأمان:
(فإِنَّكَ شَمْسٌ والمُلُوكُ كَواكِبٌ *** إِذا طَلَعَتْ لَمْ يَبْدُ مِنْهنَّ كَوْكَبُ)
*قول كعب بن زهير في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم:
(إِنَ الرَسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ*** مُهَنَد ٌمِنْ سُيُوفِ اللَهِ مَسْلُولُ)

الترغيب
*حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (من يقم ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).[٧]
*قول الشاعر أحمد شوقي:
(وما نيلُ المطالب بالتمني *** ولكن تُؤخذ الدنيا غلابا)
النصح والوعظ والإرشاد
*قول الشاعر القطامي عمرو بن شييم، في تقديم النصح والإرشاد لضرورة التأني أثناء إنجاز المهام:
(قد يُدركُ المتأنِي بعضَ حاجتِهِ *** وقد يكونُ مع المستعجلِ الزَللُ)
*حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ  مِن لِسانِهِ ويَدِهِ).[٨]
التعظيم
تعظيم الله تعالى وتنزيهه والثناء عليه بعدّة ألفاظ، مثل: (تبارك وتعالى) و(جلَّت حكمته) و(تبارك اسمه) و(جلَّت قدرته).


أمثلــة تدريبيــة

مثال (1): بيّن/ي الغرض من الخبر في الجمل التالية:


الجملة
غرض الخبر
توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة ثلاث وعشرين من الهجرة.
إفادة المخاطَب الحكم الذي تضمنته الجملة إذا كان جاهلًا (فائدة الخبر)
قال تعالى: (لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ).[٩]
التَّذكير بما بين المراتب من التَّفاوت (بين أصحاب الجنة، وأصحاب النار)
لقد أتيتَ متأخّراً على العمل
إفادة المخاطب أن المتكلم عالم أيضًا بالحكم الذي يعلمه المخاطب (لازمة الخبر)
قول أبو العلاء المعرِّي:
وَلِى منطِق لَم يرْضَ لي كُنْه منزلي ... عَلَى أنني بيْنَ السماكَينِ نازلُ.
الفخر بالعقل واللسان
قول الشاعر الحارث بن وعلة:
قومِي هم قتلوا أُمَيمَ أخي *** فَإِذا رميتُ يُصِيبنِي سهمي فلئن عَفَوْت لأعفونْ جَللا *** وَلَئِن سطوتُ لأوهِننْ عظمي
إظهار التحسّر على محبوب (فقد أخيه)
كان معاوية حسن السياسة والتدبير، يحلم في مواضع الحلم، ويشتد في مواضع الشدة.
إفادة المخاطَب الحكم الذي تضمنته الجملة إذا كان جاهلًا (فائدة الخبر)
قول الشاعر أبو فراس الحمداني:
ومَكَارمي عددُ النجوم ومنزلي *** مأوى الكِرام ومنزل الأضياف
إظهار الفخر بمكارمه وشمائله
كلُّ امرئ بما كسب رهينٌ
تحريكُ الهمة إلى ما يلزم تحصيله (الحث على العمل والسعي).
قول الشاعر أبو العتاهية:
بكيتُكَ يا عليٌ بدَمْع عيني *** فَمَا أغنى البُكاء ُعليك شياً
وكانَتْ في حَيَاتك لي عِظاتٌ *** وأنْتَ اليَومَ أوعَظُ مِنْكَ حَيا
إظهار التحسّر على محبوب (فقد ابنه)
 قول عوف بن محلم لعبد الله بن طاهر:
إِنَّ الثَّمانِينَ، وبُلِّغْتَها *** قد أَحْوَجَتْ سَمْعِي إِلى تُرْجُمانْ 
إظهار الضعف والعجز
قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ).[١٠]
النصح والإرشاد، بالتذكير بالمصير المعروف للإنسان ليتعظ الناس


المراجع

  1. ^ أ ب ت أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، صفحة 55-56. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عقيد العزاوي، "أساليب الخبر وأغراضه في الحديث الشريف"، مجلة مداد الآداب، العدد 11، صفحة 169-181. بتصرّف.
  3. عبدالعزيز عتيق، علم المعاني، صفحة 50-51. بتصرّف.
  4. سورة القصص، آية:24
  5. سورة مريم، آية:4
  6. رواه البخاري، في صحيح بخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:6044.
  7. رواه البخاري، في صحيح بخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:35.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:41.
  9. سورة الحشر، آية:20-21
  10. سورة آل عمران، آية:185