تعريف الالتفات

يشير مصطلح الالتفات بحسب المادة المعجمية إلى التحول والانحراف عن المألوف من القيم أو الأوضاع أو أنماط السلوك.[١]


ويعرف الالتفات اصطلاحاً بأنه أسلوب بلاغي من أساليب التعبير البيانية الذي يقوم على الانتقال بالكلام من صيغة إلى أخرى، ومن وضع إلى وضع، أو من حالة إلى أخرى؛ كأن ينتقل الكلام من خطاب الحاضر إلى الغائب ومن خطاب الغائب إلى الحاضر، ومن خطاب المتكلم إلى المخاطب، إلى غير ذلك من صيغ الانتقال.[٢][٣]


على نحو:

  • أنا طالب وهو طالب ==> تم الالتفات من المتكلم (أنا) إلى الغائب (هو).
  • أنت قدمت وأنا قدمت ==> تم الالتفات من المخاطب (أنت) إلى المتكلم (أنا).


الغاية من استخدم الالتفات

تتمثل الغاية والفائدة من أسلوب الالتفات برفع السآمة والملل من الاستمرار على ضمير واحد (المتكلم، المخاطب، الغائب)، وعليه، فمن خلال الالتفات ينتقل المتكلم من المخاطب إلى الغائب، ومن المتكلم إلى المخاطب، وهكذا، إذ إنّ الكلام المتوالي على ضمير واحد غير مستحب، فالنفوس تستريح ويتجدد نشاطها إذا انتقل السياق من حال إلى حال وتغير لون الكلام.[٢]


صور الالتفات

لأسلوب الالتفات العديد من الصور، أشهرها ست صور بيانها في الآتي:[٣][٤]

  • الالتفات من المتكلم إلى المخاطب، على نحو قوله تعالى: (وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون).[٥] ==> الالتفات في الآية الكريمة كان من الانتقال من المتكلم (ما لي لا أعبدُ) إلى المخاطب (ترجعون).




تم الالتفات من المتكلم إلى الخطاب، لحث المتلقي على الاستماع إلى المتكلم.




  • الالتفات من المتكلم إلى الغائب، على نحو قول زهير بن أبي سلمى في معلقته:

سئمتُ تكاليف الحياة ومن يعش *** ثمانين حولاً لا أبا لك يسأمِ ==> انتقل الشاعر من المتكلم (سئمتُ) إلى الغائب (ومن يعش).




بدأ الشاعر بالتكلم عن نفسه قائلاً (سئمت تكاليف الحياة)، ثم ينتقل إلى الغائب بقوله (ومن يعش)، حيث بيّن بأنه عاش طويلاً ورأى من الأحداث ما جعله يسأم فالتفت إلى الغائب؛ تشويقاً لدفع هذا السأم عن نفسه وعن المتلقي.




  • الالتفات من المخاطب إلى المتكلم، على نحو قول الشاعر:

فاقنعْ بما قسم المليك فإنما قسمَ الخلائق بيننا علامُها ==> تم الالتفات والانتقال من المخاطب (فاقنع) إلى المتكلم (بيننا).




هنا انتقل الشاعر من أسلوب المخاطب المفرد -والذي قصد به التحقير وتصغير من شأن المخاطب- إلى جماعة المتكلمين -قاصداً تعظيم شأنهم-، وفي ذلك إيحاء بالفخر بقومه من خلال تخصيصهم وتمييزهم بالكمال والرفعة بين الخلائق.




  • الالتفات من المخاطب إلى الغائب، على نحو قوله تعالى: (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة).[٦] ==> في الآية الكريم تم الالتفات من المخاطب (إذا كنتم) إلى الغائب (جرين بهم).




أفاد الانتقال والعدول من المخاطب إلى الغائب التعظيم والتعجب من فعل الكفار.




  • الالتفات من الغائب إلى المتكلم، على نحو قوله تعالى: (وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا).[٧] ==> انتقل الخطاب هنا من الغائب (أوحى) إلى المتكلم (زينا).




أفاد الانتقال من الغائب إلى المتكلم جذب انتباه السامع والاهتمام بزينة السماء.




  • الالتفات من الغائب إلى المخاطب، على نحو قوله تعالى: (مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين).[٨] ==> تم الالتفات من الغائب (مالك يوم الدين) إلى المخاطب (إياك نعبد وإياك نستعين).




ويتمثل السر وراء هذا الالتفات بأن الحامد لما حمد الله تعالى ووصفه بعظيم الصفات، بلغت به الفكرة منتهاها فتخيل نفسه في حضرة الربوبية فخاطب ربه.




المراجع

  1. حسن طبل، أسلوب الالتفات في البلاغة القرآنية، صفحة 11. بتصرّف.
  2. ^ أ ب " أمثلة من الالتفات في القرآن الكريم"، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. بتصرّف.
  3. ^ أ ب طاهر عبد الرحمن قحطان، الالتفات في البلاغة العربية، صفحة 3. بتصرّف.
  4. "أسلوب الالتفات ودلالاته في الشعر العربي قبل الإسلام"، ألوكة. بتصرّف.
  5. سورة ياسين، آية:22
  6. سورة يونس، آية:22
  7. سورة فصلت، آية:12
  8. سورة الفاتحة، آية:4-5